CHANGING LANES .. الانسان ضحية المصادفة وقسوة القوانين

ت + ت - الحجم الطبيعي

الثلاثاء 2 شعبان 1423 هـ الموافق 8 أكتوبر 2002 من الطبيعي ان يكون النجمان بن افليك وصمويل جاكسون سببا رئيسيا يكمن وراء جمال هذا الفيلم.. فالاداء الرائع للرجلين ساعد بقوة على ابراز فكرة الفيلم التي تدور حول دور الصدفة في تدمير بعض العلاقات الانسانية وكيفية تحول شخصين لاتربطهما اية علاقة الى عدوين لدودين وخصمين كالوحوش الكاسرة ولقد كان السيناريو محبوكا ومقنعا لكافة المواقف التي نتجت عن هذه العداوة الكبيرة وكان المخرج موفقا في ادارة وابراز مواهب بطليه بتجسيدهما معنى الكراهية المقيتة التي كادت ان تنهي حياتهما كل على طريقته الخاصة. تبدأ احداث الفيلم في ساعة الذروة بمدينة نيويورك حيث يقع حادث تصادم بين سيارة «غافن» ويلعب دوره بن افليك وسيارة «جيبسون» ويجسد دوره صمويل جاكسون ولقد بدأ الرجلان متفاهمين على تسوية المسألة عن طريق التأمين، لكن المشكلة تظهر في ان «غافن» مستعجلا لانه على موعد مع المحكمة للمرافعة في قضية كبيرة يطمح من خلالها الى تحقيق الشهرة والمجد، لذلك يرفض ان يقل «جيبسون» الذي يسعى هو الآخر للحاق بالمحكمة آملا في ان تحكم لصالحه لرؤية ابنيه بعد انفصاله عن زوجته. لكن ما حدث جسد الذروة الدرامية للفيلم فالاثنان خسرا مسعاهما فالمحامي فقد احد ملفاته اثناء الحادث والذي وقع في يد «جيبسون» في مكان التصادم بينما الاخير وصل متأخرا عن موعد المحكمة التي حكمت بعدم رؤية ابنيه. ومن هنا كان سبب الخصومة منطقيا ومناسبا لعداوة الرجلين فجيبسون يحمل في صدره حقدا كبيرا على «غافن» الذي تسبب في تأخيره عن موعد الجلسة، بينما الارباك ساد حياة غافن بسبب هذا الملف المهم، وكان من الطبيعي ان يكون غافن لطيفا للحصول على ملفه بينما جيبسون لم يكن لديه ما يخسره خاصة انه حصل على موافقة البنك للحصول على قرض يؤمن به مسكنا لابنائه وطليقته في نفس البلدة حتى لايذهبون عنه بعيدا. ويبدأ الخط الدرامي في التصاعد والتصعيد بسبب عناد جيبسون ورفضه تسليم الملف، فيلجأ الى حيلة تمثل مقتلا لجيبسون حين يستعين بخبير كمبيوتر ليمارس قرصنة على الحساب البنكي لجيبسون لاشهار افلاسه ومحو مستندات ضمان القرض، الامر الذي يثير غضبه وحنقه، فهو لايزال يراهن على وجود ولديه بالقرب منه رغم حكم المحكمة لذلك يتأثر جيبسون الى حد تعريض حياة «غافن» للخطر المباشر. ولقد اظهر النجمان قدرة كبيرة على تجسد المعاناة النفسية فمن حالة البؤس والمرارة الكامنة في ملامح جيبسون الى العجز والحيدة على وجه «غافن» كان للتصوير ابداعه الخاص في ابراز هذا التعب النفسي. ورغم كل هذه المواقف الخطرة الا ان الفيلم ابان عن الجانب الاخلاقي النبيل الذي يتمتع به الاثنان، فجيبسون رغم مشكلته العويصة يرفض ان يعود الى معاقرة الخمر، بينما غافن ينأى بنفسه عن تحايلات حماه صاحب مكتب المحاماة وزوجته بعد ان ارسل نسخة مزورة من الملف المفقود الى المحكمة لالتهام القضية وجني مكاسبها الكبيرة، لذلك يرفض عندما دخل الكنيسة ان يجلس على كرسي الاعتراف وطلب الغفران لانه يرى نفسه غير متواطيء في اي شيء فاسد. لذلك ثمة رسالة اراد ان يوصلها لنا المخرج وهي ان الانسان ليس ضحية للصدفة فقط، بل ايضا ضحية للفساد وقسوة القوانين، وان رصيد الاخلاق النبيلة من الصعب تلويثه مهما بدت الظروف غير مواتية فجيبسون اعاد الملف لصاحبه بينما يتدخل «غافن» لاعادة زوجة جيبسون واولاده من باب رد الجميل لكن هذه العودة التي ختم بها الفيلم وضعتنا امام سؤال جميل وطريف وهو هل هذه العودة تعني لم شمل الاسرة من جديد؟ ام انها تعني عدم انتقال الام واولادها الى مكان بعيد ليتمكن والدهما من رعايتهما عن قرب؟ كان لايمكن لهذا السؤال ان يبرز لولا وجود خط سكة حديد فاصل بين جيبسون واسرته رغم الابتسامات المتبادلة وكأن المخرج اراد الا تكون نهاية الفيلم مألوفة ومعروفة. فيلم «مسارات متغيرة» مليء بالاثارة والمواقف الانسانية والطموحات المفرطة اضافة الى اكتشاف الذات عبر اجواء الصدفة والارتباك الحياتي. مجدي ابوزيد

Email