حوار

أسيل العطار: الحياة في دبي تستنفر طموحاتي وتطلعاتي

ت + ت - الحجم الطبيعي

«لا أملك الوقت الكافي للقراءة، على الرغم من أنّني أعشقها، إلا أنني اخترت أن أضحّي بها تجاه قضاء أطول وقتٍ ممكن مع زوجي وأولادي». بهذه الكلمات ختمت أسيل العطار، المدير التنفيذي لشركة «ماف» للأزياء، لقاءها مع الحواس الخمس، الذي تحدّثت فيه عن مسؤوليّاتها واختياراتها الخاصّة، وما تعشقه في عالم الأزياء، إضافة إلى كشفها عن العلاقة بينها وبين محمد الفايد وسلسلة متاجر «هارودس».

أسيل العطار، التي تخصصت في التصميم المعماريّ واحترفت عن الموضة والأزياء، ترى في مجتمع دبي مركزا يشكّل تجمّعاً حضاريّاً بين الشرق والغرب، ويتلاءم مع شخصيّتها وطموحها، فالمدينة على حسب تعبيرها، تعد فرصة كي تلتقي بأشخاصٍ من حضاراتٍ وجنسيّات مُختلفة؛ تفاصيل الحوار وأشياء أخرى في السطور التالية.

من أيّ خلفيّة اجتماعيّة تنحدرين؟

أنا عراقيّة الأصلّ، والدي عراقيّ ووالدتيّ إيرانيّة، وجدّتي هنديّة، وبهذا أصبحُ حصيلة مجموعة من الحضارات. ترعرت في الشرق الأوسط وفي المملكة المتّحدة، وتخرّجت من الجامعة الأميركيّة في لندن، بشهادة اختصاص تصميمٍ معماريّ، فاختصاصيّ بعيدٌ نسبيّاً عن نوعيّة العمل الذي أديره في الوقت الحالي. وفي التسعينات، في خضمّ الازدهار الذي شهده قطّاع الموضة والأزياء، طلبت منّي متاجر «هارودس» الانضمام إليها كوكيلة مشتريات، وعشقت ذلك العمل بشدّة، حيث كان له أثر كبير في تقدّمي بسبب التعامل المباشر مع محمّد الفايد، مالك مجموعة المتاجر آنذاك، وقبولي بعرض الانتقال إلى عالم الأزياء وراءه شغفي بالموضة فقط، فالأمر كلّه عائدٌ إلى الفطرة، ولم أقم بدراسته، وإنّما هو مجرّد تطوّرٌ طبيعيّ كان لا بدّ له أن يكون.

أن تنتقلي من عالم التصميم المعماريّ إلى عالم الموضة، أليست هذه خُطوةٌ كبيرة وحسّاسة؟

بالحقيقة هي حسّاسة وإنّما ليست كبيرة، فالموضوعان مرتبطان من ناحية الإبداع، والإحساس تجاه الألوان والمواد الخام المُستخدمة. ويُمكنني اعتبار أسرتي ذات خلفيّةٍ فنيّة بشكلٍ أو بآخر، فوالدي كان يعمل مهندس تصميم في مجال الطاقة الشمسيّة، ووالدتي خبيرة تصميم منزليّ، وأختي فنّانة معروفة، وعلى هذا الأساس أفضّل تسمية هذه النقلة بالخيار الطبيعيّ الذي يكمن وراءه عشقي للموضة.

هل كان العمل في «هارودس» أوّل وظيفة تلتحقين بها؟

بالتأكيد لا، فأوّل عمل زاولته كان التصميم الداخليّ للمنازل بشكلٍ أساسيّ، ومن ثمّ تقدّمت في ذلك المجال حتّى تمكّنت من بدء عملي الخاصّ وتعاملت مع الكثير من بيوت التصميم الداخليّ العالميّة.

وبعد هارودس؟

عملت مع كارين ميلن، ضمن قسم التصميم الإبداعي، ومن ثمّ انتقلت إلى «ويسلز» مديرة لقسم الإكسسوارات وبعدها «جيكسون» في المملكة المتّحدة، وقبل الانضمام إلى مجموعة ماجد الفطيم، كنت أعمل في أحد الاستديوهات المختصّة بإطلاق علامات تجاريّة فخمة لصناعة الإكسسوارات، وكنّا نعمل مع أسماء كبيرة شأن «دولتشي آند غابانا» و«أكسندر ماكوين» و«فيفيان ويستوود».

ومتى كان الانضمام إلى مجموعة «ماف» للأزياء؟

منذ ثمانية أشهر تقريباً بدأت بالعمل مع مجموعة ماجد الفطيم للأزياء، وأنا أحبّ كلّ جزء من العمل مع هذه المجموعة ذات السمعة الطيّبة. وحتى الآن، ولا أزال أركّز على الأمور الداخليّة، كفريق العمل والمتاجر من ناحية التدريب وخدمة العملاء وكلّ ما يتعلّق بالتنظيم الداخليّ للمؤسّسة.

ولكنّك كرئيسة تنفيذيّة، مسؤولياتك تتجاوز أمور الشركة الداخليّة؟

مسؤولياتي تشمل العمل على إدارة الشركة من ألفها وحتّى يائها، حيث تبدأ عند فريق العمل مروراً بالعلامات التجاريّة وصولاً إلى تسليم البضائع للعملاء.

ألم يكن أمر الانتقال إلى شركة أزياءٍ في الشرق الأوسط حسّاساً منذ ثمانية أشهر، أي في قلب الأزمة الماليّة التي ضربت مُعظم الأسواق العالميّة؟

قطعاً، أعتبر انضمامي إلى هذه الشركة في الشرق الأوسط فرصةً كبيرة، فالأحوال الاقتصاديّة التي نواجهها أخيرا تخلق تحدّياتٍ كبيرة، وتجعلني أقف لأفكّر في أكثر النشاطات قُرباً منّي، ألا وهو إيجاد أساليب لقهر هذه التحديّات، عبر إعادة تقييم الحالة والاطلاع على متطلّبات الأسواق والاستثمار بالعملاء وتنفيذيّي الشركة.

ثمانية أشهر ليست بالفترة الطويلة، هل ترين نفسك في دبيّ أيضاً بعد سنوات عدة؟

لأخبرك الصراحة، أنا أحبّ الإقامة في هذه المدينة، أعشق المنطقة كلّها والسبب هو كوني عربيّة وارتباطي العميق بجذوري، فعلى الرغم من أنّني لم أبدأ بالعمل إلا من ثمانية أشهر، إلا أنني أزور دبي بين الحين والآخر منذ سبع سنوات، ووجودي في مركزٍ يشكّل تجمّعاً حضاريّا بين الشرق والغرب، مناسبٌ تماماً لشخصيّتي، حيث أجد الكثير من الفرص والخيارات.

ما هي أكثر الخصائص التي تُعجبك في المدينة؟

أينما ذهبت في دبي، هنالك فرصة كي تلتقي بأشخاصٍ من حضاراتٍ وجنسيّات مُختلفة، وأعشق الشمس وحرارتها والطقس أيضاً يُعجبني، كما أستمتع بتعدّد أماكن التسلية، وتجدّدها الدائم.

ما عدد العلامات التجاريّة المنطوية تحت جناح «ماف» للأزياء؟

حتى الآن لدينا سبع علامات عالميّة ومهمّة، منها «ليز إنك» و«مونيه أند كو» و«جاين نورمان» و«جوسي كوتور»، كما أنّنا على وشك إطلاق علامة تجاريّة مميّزة قادمة من اسبانيا، ألا وهي «هوس إنتروبيا»، وهي مفعمة بالأنوثة والأصالة، وأنا متحمّسة لحدث الإطلاق قريباً.

هل تقوم هذه العلامات بتخصيص منتجاتها لتتناسب مع السوق المحلّي، ومع أذواق سكّان المنطقة؟

نتعاون نحن وإيّاها في هذا المجال، حيث إنّنا نوجّه لهم اقتراحاتنا بهذا الخصوص، ونطلب منهم صناعة خطوطٍ تعكس سوق الشرق الأوسط. فعلى سبيل المثال، عند انتشار الفساتين الطويلة، طلبنا منهم تزويدنا بالكثير منها بنقشاتٍ وأقمشة وألوان متعدّدة، كي نلبّي احتياجات عميلاتنا في السوق المحلّي. وفي السياق ذاته، قد نطلب منهم إعادة صناعة القطعة ذاتها بأكمام أو تنانير طويلة، وكلّ هذا يتمّ بالتعاون المباشر مع فريق العمل الإبداعيّ لدى كلّ علامة مما ذكرته سابقاً.

الثقة جزءٌ من الأناقة

تؤكّد أسيل أن المرأة الأنيقة بنظرها، هي المرأة الواثقة من نفسها، والأناقة في رأيها لا تتوقّف على الأزياء، حيث إنّ ارتباطها الوثيق يقف على ثقة المرأة بنفسها، وإحساسها بالراحة داخليّاً، فهي تحبّ الحديث مع النساء المستقلات، والقادرات على إبداء رأيهنّ.

ومع هذا، فالأحذية النسائيّة المميّزة، والإكسسوارات تلفت نظر أسيل في المرأة التي تقابلها أو تعمل معها، فأسيل تملك ما يزيد على (500) زوجاً من الأحذية، تحتفظ بصورها ضمن البومٍ خاص تعود إليّه كلّما أرادت أن تختار ما سترتديه. ومن أكثر ماركات الأحذية التي تحبّها هي «ألكسندر ماكوين»، وتصرّ على التصاميم التي تحمل توقيعه شخصيّاً، إضافة إلى نيكولاس كيركوود. وفي الحديث عن عالم المجوهرات، تصمّم أسيل الكثير من مجوهراتها الخاصّة، وتهوى القطع الكبيرة التي تقدّمها «جوسي كوتور»، وزيادة على ذلك، تؤكّد عشقها لتصاميم «رودريغو أوتوزو»، بارتدائها لطوقٍ يحمل توقيعه.

أما على صعيد الأسرة، فتعيد أسيل الفضل بنجاحها دائماً لدعم أسرتها اللامتناهي، فزوجها وبناتها لطالما وقفوا إلى جانبها، وكان لهم الأثر الكبير على إنجازاتها وعلى المرتبة التي وصلت إليها اليوم. وهم ناجحون بذلك يسبب قدرتهم على العطاء، والمساحة التي يمنحونها إيّاها كي تتمكّن من التميّز، وتغذية شغفها بإتمام كلّ الواجبات على أكمل وجه.

تحلم أسيل بإطلاق علامتها الخاصّة في يومٍ من الأيّام، وتقول إن علامتها ستغطّي كلّ زوايا الموضة من الإكسسوارات والأحذية والملابس وغير ذلك، أمّا بالنسبة لعملها مع «ماف» للأزياء، فأحلامها كبيرةٌ جدّاً، وهي واثقةٌ من قدرتها على تحقيقها عبر تقديم صناعة الموضة من منظورٍ فريد، عبر منح العميل ما يستحقّه من عناية لتكون تجربته، بدايةً من لحظة دخوله إلى المتجر وحتى خروجه وحقيبة المشتريات بيده، استثنائيّة بكلّ مقاييس الحرفيّة العالميّة.

محطات

أسيل متزوّجة ولديها ابنتان، وتقول إنّها أضحت قادرة على موازنة وقتها بين دورها كأمّ وكامرأة عاملة بسبب خبرتها الطويلة في هذين المجالين. وحسب قولها، تعمل على تخصيص وقتها في المنزل لبناتها فقط، فهي تقضي وقتاً طويلاً معهما، في الصباح قبل الذهاب إلى العمل وخلال عطلات الأسبوع أيضاً. ومن أكثر النشاطات التي تُشارك فيها أسرتها، السفر، فهي عاشقةٌ للحضارات ولاكتشاف الأماكن الجديدة، وتفضّل قضاء الوقت مع أسرتها في المملكة المتّحدة، أمّا إذا رغبت بالسفر للترفيه، فهي تفضّل دائماً العودة إلى اسبانيا والهند والمغرب، لأنّ هذه الأماكن تشكّل مصدر إلهامٍ بالنسبة لها نظراً إلى تعدّد الألوان والشغف العالي لدى مواطنيها. في سفرها، تحرص أسيل على إبقاء جهاز «بلاك بيري» خاصّتها معها، فعلى الرغم من أن رغبتها في قضاء الوقت الخاصّ مع الأسرة قويةٌ جدّاً، إلا أنّ شغفها للمسؤوليّة التي تحملها يدفعها دائماً لتبقى على اتّصالٍ بفريق عملها، في حال احتاجوا إليها بأيّ وقتٍ من الأوقات.

جوسي كوتور

شابّة ومفعمة بالحيويّة، تُعبّر عن أسلوب حياة من يرتديها بدايةً من سنّ الخامسة عشرة، وإلى ما ليس له حدود، أي إنّها تمنح الشباب من دون خطّ نهاية. وهي عمليّة لكلّ يومٍ بيوم، كما أنّها مميّزة للكثير من سكّان منطقة الخليج الذين يفضّلون ارتداءها.

جاين نورمان

علامة تجاريّة بريطانيّة تُغطّي الأعمار بين السابعة عشرة والخامسة والعشرين، أيّ إنّها شابةٌ وذكيّةٌ إلى أبعد الحدود، كما أنّها تُغذّي الشغف تجاه آخر صيحات الموضة من ملابس السباحة والأحذية والإكسسوارات وغيرها، ويعشقها السكّان والمقيمون في منطقة الخليج العربيّ.

هوس إنتروبيا

للأعمار بين الخامسة والعشرين والخامسة والأربعين، وهي مختلفة ومميّزة من ناحية الاستقلاليّة والانتقائيّة، كما أنّها بعيدة عن الاتباع الأعمى للموضة، فمن ترتديها تُثبت أنّها على دراية بآخر الصرعات، إلا أنّها لا يُمكن أن تسقط ضحيّةً لها.

حوار - علي محيي الدين

Email