نجوم

«الأغنية الفردية» هروب المطربين من مصيدة المنتجين

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو أن التوجه نحو الغناء الفردي كبديل للألبومات أصبح موضة في الساحة الغنائية العربية، يسعى إليه العديد من المطربين والمطربات طمعا في استمرار تواجدهم على الساحة وهروبا من القراصنة الذين يسطون على أغنياتهم قبل نزلوها السوق، ما اضطر هؤلاء المطربين إلى إنتاج أغنيات فردية بعد مشوار طويل من إنتاج الألبومات الغنائية عن طريق شركات الإنتاج التي احتكرت أصواتهم، وحققت مكاسب هائلة من ورائهم، فتنبه الفنانون، وقرروا أن يتجهوا إلى الغناء الفردي ؛ حيث ادعى بعضهم أن «الأغنية الفردية» التي يتم إنتاجها وتصويرها وبيعها للقنوات ما هي إلا تجديد لسوق الغناء، بينما رأى البعض الآخر أن هذا الأمر هو المنقذ الوحيد من الشروط الاحتكارية لشركات الإنتاج.. تفاصيل أكثر عبر السطور التالية.

أمر «الأغنية الفردية» لا يخلو من معوقات تحتاج إلى أعوام طويلة لحلها، فقد أكد المطرب محمد الحلو ركود سوق الغناء المصرية منذ 3 أعوام؛ حيث فشل المنتجون في صد هجوم قراصنة الإنترنت الذين تسببوا في تسريب الألبومات، ما أدى إلى انهيار صناعة الكاسيت، إلا أن أزمة جديدة وقعت بين المطربين وشركات الإنتاج نتجت عن سعي كليهما للحصول على ربح مناسب على حساب الآخر، فوجد المطربون أن الخروج من هذه المشكلة لن يكون إلا من خلال الأغاني الفردية التي تعوض جزءا من الخسائر المتتالية أو الخروج من عباءة المنتجين بأي طريقة.

فأصبحت الأغنية الفردية الحل المتاح لتجنب تكلفة الألبوم الكامل والذي لا ينجح منذ أعوام مهما كانت شعبية المطرب؛ لأسباب عدة أهمها التعرض لسرقة الألبوم من المواقع الإلكترونية، أما السبب الثاني فهو رغبة المطربين في الإفلات من الخضوع لشروط شركات الإنتاج، وعدم الاستسلام للاحتكار؛ حتى يحافظ على استمراريته من خلال أغنية فردية أو غناء تتر مسلسل. وعلى حد قول الحلو فإن المطرب يضطر إلى إنتاج الأغنية الفردية على نفقته الخاصة، ويقوم بتوزيعها بنفسه على القنوات الفضائية والإذاعات الغنائية المختلفة متحملاً المصروفات الإنتاجية، لكنه لا يستطيع تحمل نفقات ألبوم كامل.

توخي الحذر... بينما تنصح المطربة دينا يوسف بتوخي الحذر عند خوض تجربة إنتاج الأغاني الفردية، إلا إذا كان المطرب قادرا على تحمل التكاليف الباهظة للدعاية لنفسه، مدللة على ذلك بتجربتها الشخصية في هذا المجال عندما قدمت أغنيتين «سنجل» على مدار عامين مختلفين، الأولى «قدرت خلاص» ذات طابع رومانسي، والثانية عن الوحدة الوطنية بعنوان «مالكم ومالنا»؛ حيث لم تمكنها التجربة من تحقيق شهرة كبيرة كمطربة؛ لرفضها مواكبة موجة مطربات العري.

وبمواجهتها ببعض التجارب الناجحة، قالت دينا: إن هذه التجارب قليلة للغاية مقارنة بعشرات المطربين الذين خاضوا التجربة مرة واحدة فقط، ورفضوا الاستمرار فيها لفشلها، وأشارت إلى أنها استعانت في الأغنيتين بمجموعة عمل شهيرة في الوسط الفني، مثل المخرج أحمد يسري، والمؤلف مصطفى مرسي.

والملحن وليد سعد، والموزع عادل عايش، إلا أنها عانت كثيرا في العرض على القنوات الفضائية والأرضية والإذاعة أيضا، على الرغم من التسهيلات التي قدمها المخرج أحمد يسري لها من خلال علاقاته المتشعبة وكبار الشخصيات في القنوات المختلفة، لكن لم تعرض الأغنيتان إلا فترات محدودة، ما أصابها بإحباط شديد.

رفض الخضوع

ومنذ دخول المطربة بشرى المجال الفني كانت تأمل في إنتاج ألبوم غنائي خاص بها، لكن لم تتمكن من تحمل تكاليفه، كما رفضت الخضوع لشركات الإنتاج والاحتكار خوفا من توظيف موهبتها بشكل خاطئ.

ووجدت أن الأغنية «السنجل» أفضل الحلول للهرب من الاحتكار؛ لأن نجاح أغنية واحدة قد يكون كفيلاً لكي يلمع أحد المطربين في سماء الطرب، لكن تبقى مشكلة العرض هي المعضلة الكبرى؛ حيث يتحكم فيها كبار المنتجين من خلال علاقاتهم مع الفضائيات.. مشيرة إلى أنها مسؤولية الإعلام أن يهتم بالجيل الجديد من المطربين.

منطقة كوارث

ويصف المطرب والممثل أحمد فهمي بورصة الغناء في مصر بأنها دخلت منطقة الكوارث؛ لكون الوسط الغنائي يقف فوق بركان يغلي، والكل فيه خاسر سواء كان مطربا أم منتجا؛ حيث تسبب الإنترنت في إصابة سوق الكاسيت بحالة من الركود والإفلاس، إضافة إلى عدم وجود حفلات أو ألبومات.

مضيفا أن الإنترنت لم يكن السبب الوحيد، بل إن الأزمة الاقتصادية قد أعادت توزيع خريطة الفن الغنائي، فعلى الرغم من زحام المطربين، إلا أن هناك نوعا من الفراغ في الإنتاج أصاب صناعة الكاسيت، فلم يعد المنتجون إلا مجرد مستثمرين في رسائل سحس والنغمات والرنات.

والأخطر من ذلك أن الحفلات «اللايف» التي شهدت صراعا مريرا بين المطربين والمنتجين على كعكة أرباحها قد انتهى عصرها، وانفض سوقها، ما جعل المطرب وبالاً على الشركة التي تتبناه، ومن هنا تأتي المشاكل التي لا حدود لها، فيضطر المطرب إلى الخروج من عباءة الشركة المنتجة، لكن بسبب التكلفة العالية يبدأ المشوار بإنتاج أغنية «سنجل» تحل أزمته المالية.

ولا تكبده خسائر في حالة عدم رواجها، لكن التجربة معرضة للنجاح والفشل، ففي الحالة الأخيرة يعود المطرب مرة أخرى للاختباء في جحور المنتجين، والتسكع حول أسوار شركات الإنتاج..

أضاف فهمي أنه لم يحقق أي مكاسب من أغنية «ياللي غايب» التي طرحها في عيد الحب الفائت، لكنه أكد أنه يكفيه عدم تعرضه لأي خسارة، مؤكدا أنه سيطرح عدة أغاني «سنجل» في الفترة المقبلة بعد أن قام بعمل دراسة مستفيضة عن أحوال بعض الفضائيات وأسعارها وكتَّاب الأغنيات والموزعين والملحنين.

كما سيقدم «دويتو» خلال شهرين بالاشتراك مع إحدى المطربات كخطوة جديدة في الغناء «السنجل» من دون اللجوء إلى شركات الإنتاج.

رواج مقبل

واتفقت المطربة سميرة سعيد مع فهمي مؤكدة أن الأغنية المنفردة في الفترة المقبلة ستشهد رواجا كبيرا بسبب حالة الكساد التي تعاني منها سوق الكاسيت، لكن المؤكد أن هذا الكساد سينتهي؛ لأنه ليس من الممكن أن تتوقف صناعة الأغاني، وإن حاصرتها المشاكل لفترة زمنية مثل قراصنة الإنترنت الذين يسببون خسائر فادحة لشركات الكاسيت؛ لذلك تعد الأغاني المنفردة هي أفضل البدائل المقترحة حاليا.

وتضيف: «إن بعض المنتجين لم يمنعوا الملحنين والمطربين من تقديم أغنيات «سنجل»، لكنهم اشترطوا عليهم حفظ حقوقهم أو منحهم نسبة من الأرباح دون أن تتدخل بأموالها في عمليات الإنتاج»، وأشارت سميرة إلى تجربتها مع المنتج الغنائي محسن جابر بأنه لم يقف في طريقها سواء في الاتجاه إلى الغناء الفردي أم عند إقامة حفلات وغناء أغنياتها القديمة.

مصلحة مشتركة

وقد اعتبر الفنان محمد فؤاد فكرة الأغنية «السنجل» رائعة؛ لأنها تمنح الأغنية فرصة أكبر ليسمعها الجمهور بعد تصويرها، خصوصا أن هناك أغاني جيدة جدا، لكن لم تأخذ حقها، وذلك لا يؤثر في المطرب وحده، لكن في كل من الشاعر والملحن والموزع أيضا، فمن الممكن أن يقدم الفنان عدة أغانٍ منفردة على فترات، ويقوم بتصويرها، ثم يقوم بعد فترة بضمها في ألبوم واحد، لكن فؤاد أكد أهمية الألبوم الكامل بشكله التقليدي.

واتفق مع فؤاد في الرأي المطرب محمد حماقي الذي أكد أن مصلحة الشركة المنتجة أن ترى أغنية لمطربها مطروحة بصفة مستمرة؛ لأن سياسة أي شركة تحدد مدى إيجابية المطرب من خلال تفاعله مع جمهوره بأغنياته؛ لذلك فإن من مصلحة الشركة استمرار وجود مطربها ولو بأغنية «سنجل».

فالمصلحة مشتركة، لكن الأمر مفيد بشكل أكبر للمطربين الصاعدين، حتى يتمكنوا من وضع أنفسهم على أول طريق النجومية وسط العدد الهائل من المطربين. وأضاف حماقي أن الأغنية «السنجل» تأخذ حقها لدى الجمهور أفضل من نزولها في ألبوم لا يعود بفائدة مالية في الوقت الراهن سواء للشركة أم للفنان، بسبب الخسائر الفادحة التي يلحقها القراصنة بشركات الكاسيت.

وعن تجارب بعض الفنانين الصاعدين العرب في مجال الأغنية السنجل قال حماقي: «إن أفضل مثال على تثبيت أقدام المطربين عند الجمهور تجربة المطربة اللبنانية الصاعدة «نتاشا»، التي دخلت قلوب الجماهير من خلال أولى أغانيها «ده كفاية»؛ حيث غنتها منفردة، وتم بثها في بيروت وبعدها حصلت على حق بثها معظم الفضائيات العربية، وتسابقت شركات الإنتاج للتعاقد مع المطربة، على الرغم من رفضها إياها في البداية لصغر عمرها».

الفرقعة

في حين وصف الموسيقار منير الوسيمي، نقيب الموسيقيين المصريين الأغنية «السنجل» بأنها محاولة من المطرب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من التدني الفني السائد، فالمطرب يركز على تكلفة أغنية واحدة خير من ألبوم لا جديد فيه، وهذا ما يعود بنا إلى زمن الفن الجميل عندما كانوا ينتجون أغنية واحدة في العام.

أما حاليا فقد أصبحت هناك أصوات كثيرة، لكن للأسف الألحان رديئة والكلمات أشد رداءة..

وتمنى الوسيمي أن تؤدي ظاهرة الأغنية «السنجل» إلى عودة زمن الطرب، وألا تكون مجرد وسيلة للانتشار يستغلها بعض المطربين الضعفاء الذين يتصيدون النجاح من خلال أغنية واحدة يصعدون بها، ويطلقون عليها «الفرقعة»؛ حيث لا يعد ذلك نجاحا حقيقيا يستحقون عليه الإشادة.

بينما أرجع الموسيقار حلمي بكر لجوء المطربين في بداية مشوارهم إلى الأغنية الفردية إلى محدودية تكلفتها، ودلل على ذلك بأن المطرب يقوم بضم الأغنية إلى أي ألبوم إذا حققت نجاحا.

حيث يركز في التجديد فيها ويقوم بتصويرها فيديو كليب، ما يتيح التواصل مع الجمهور عبر الفضائيات، فتفيده فنيا عكس مطربين لهم باع طويل في سوق الغناء أمثال عمرو دياب، أصالة، محمد منير، أنغام، فهم لا يفكرون في طرح أغنيات فردية لا طائل من ورائها بالنسبة لهم.

Email