يتناول واقع المجتمع الأميركي بعد الحرب

«الأخوة» .. قابيل وهابيل في أسلوب عصري

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

هذا الفيلم يغلف موضوعه الجريء داخل سخرية كبيرة عما تخلفه الحروب من مآسٍ وويلات، حيث يتناول واقع المجتمع الأميركي بعد الحرب، وكما رأينا أفلاما عن تأثير ما يحدث في العراق، نعيش في هذا العمل حكاية البطل الذي عاد ممزقا إلى أسرته بعد تجربة مريرة في أفغانستان.

أما السخرية، فتلك المشاعر المتقلبة التي يراها في زوجته وأولاده وشقيقه وتكشف عن حقيقة عالم شديد التعقيد يجعله يعيش في حيرة مغموسة بكثير من المرارة، وهنا تكمن براعة المخرج الأيرلندي جيم شيريدان وهو يعكس في لقطات فيلمه الجديد قصة ممزوجة بالمشاعر تتحدث عن جراح الجنود في أرض المعركة وجراح الأحباء المتروكين في الوطن.الفيلم عنوانه (الاخوة ـ Brothers) وهو من إنتاج عام 2009 ويعرض حاليا في 9 صالات سينما بالإمارات، وقد تم ترشحه هذا العام لجائزة أوسكار عن أفضل إخراج، وأخرى عن أفضل سيناريو كتبه ديفيد بينيوف صاحب فيلمي (عداء الطائرة الورقية) و(تروي).وخلال ساعة و50 دقيقة، وهي مدة الفيلم تفاجئنا أحداثه بقضية حساسة جدا عن الجنود الأميركيين العائدين من الحرب، الذين خسروا جزءا من حياتهم من دون أي مقابل وفي الوقت نفسه عادوا ليجدوا أيضا حياتهم الأولى قد ضاعت.يتناول فيلم (الاخوة) قصة عائلة مكونة من أب وأم وابنتهما، يضطر الوالد (توبي ماغواير) للسفر إلى أفغانستان في مهمة عسكرية، فتبقى الأم وابنتها تحت رعاية الأخ الأصغر للزوج، وتأتي الأخبار من أرض المعركة بمقتل الأب في الحرب بعد سقوط طائرة كان بداخلها، ويكون الخبر كالصاعقة بالنسبة للزوجة وطفلتيها، إضافة إلى الأخ الأصغر للزوج، والذي يلعب دوره (جاك غالينهال).

يبدأ الأخ الأصغر من التقرب من أرملة أخيه (ناتالي بورتمان) وبناته الاثنتين، وتبدأ العلاقة في التطور بينهما خصوصا مع تقرب الأطفال من عمهم وارتباطهم الشديد به، وتكشف الأحداث عن أن الأب لم يمت.

وأنه أخذ كأسير في أفغانستان حيث تعرض للتعذيب النفسي والقهر ومر بمواقف صعبة للغاية مع أحد رفقائه من الجنود، ويجبره المختطفون على قتل زميله عن طريق وضعه في ضغط نفسي كبير، وبعد فترة من الاحتجاز تستطيع القوات الأميركية الهجوم على معسكر المختطفين واستعادته وإعادته إلى أرض الوطن.

وتتصاعد المواقف مع عودة الأب الذي يكتشف أن زوجته تحب أخيه، وأن طفلتيه أصبحتا مرتبطتين بعمهما، وعلى الرغم من محاولته التقرب منهما يبعدان عنه خصوصا مع ما يمر به من حالة سيئة بعد ما عناه في أفغانستان.

وتحاول الزوجة إقناع زوجها بعدم وجود أي علاقة بينها وبين أخيه، لكن تشتعل الأحداث حينما تقوم إحدى بناته على العشاء بالصراخ في وجهه، والقول له إن أمهما على علاقة بالعم الذي يحبانه أكثر منه.

وينفعل الأب بشدة محاولا قتل زوجته وأخيه قبل أن يفكر في قتل نفسه، وتتوالى الأحداث بعد أن تنقلب حياة العائلة إلى جحيم، وفي تتابع مثير مليء بالتفاصيل الإنسانية يبني الفيلم مواقفه وشخصياته ليرسم مشاهده بذكاء شديد وسخرية واضحة مستعينا بحوار غاية في الروعة متوجها إلى نهاية غير متوقعة.

جاء أداء الممثلين جيدا جدا خصوصا توبي ماغواير الذي ترشح للغولدن غلوب عن هذا الدور، إضافة لأداء ناتالي بورتمان التي كانت انفعالاتها صادقة وعفوية ولا يوجد بها أي تصنع أو افتعال.

ومما لا شك فيه أن فيلم جيم شيريدان يتمحور حول العائلة، الواجب، الحرب، الشعور بالذنب وفاجعة المشاعر الإنسانية، وهي خطوط طالما حاول تأكيدها في أعمال أخرى سابقة له مثل (بلدي القدم اليسرى، باسم الأب، وبوكسر).

لكنها تكون جليه في هذا الفيلم الذي يبدو فيه المغزى واضحا وجريئا، وعن طريق القطع المتوازي الظاهر للعين بين شخصيات فيلم (الأخوة) يقدم لنا المخرج تفاصيل من تصرفاتهم وأفكارهم ليبلور في النهاية الفكرة التي يريد طرحها وقريبة الشبه من قصة قابيل وهابيل، ولكن بأسلوب يعبر عن واقع الحروب؛ مأساة العصر.

دبي ـ أسامة عسل

Email