سينما

«اسمي خان» صرخة هندية ضد الإرهاب

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل عرض فيلم »اسمي خان ـ My Name Is Khan« في صالات السينما بالإمارات هذا الأسبوع والذي واكب انطلاقه التجاري عالميا، كان كل شيء يوحى بأنه مجرد عمل ضخم في إنتاجه ساهمت في تمويله شركة إيمج نيشن المملوكة بالكامل لشركة أبوظبي للإعلام، وفوكس ستار ستوديوز وشركات أخرى من بوليوود من ضمنها قنوات تلفزيونية، سعت للجمع بين شاروخان الذي أطلقت عليه مجلة التايم الأميركية لقب نجم الأفلام الأكبر في العالم والممثلة كاجول للمرة الأولى بعد 8 سنوات، حيث كان البطلان اشتركا من قبل في 5 أفلام تميزت كلها بالنجاح ما جعلهما أقوى ثنائي على الشاشة الهندية.

ولكن ما أن بدأ عرض الفيلم الذي تم تصويره كاملا في أميركا بخلاف بعض المشاهد القليلة في بومباي، حتى تغير الموقف تماما وبدأت ملامح رسالة قوية ومؤثرة تظهر وتنبئ بعمل فني خصب يختلف شكلا ومضمونا عما هو معروف عن الأفلام الهندية من استعراضات وأغان ميزتها على مر تاريخها الطويل والمحفور في وجدان عشاقها. فقد استطاع المخرج كاران جوهر أن يستحوذ على كل المشاعر ويخلق حالة من الجمال والعذوبة في متعة بصرية ووجدانية، وبمهارة رائعة جعل الموضوع المحدود بالنسبة لنا كمسلمين وعرب قضية شديدة العمق والاتساع، لينتهي الفيلم وسط عاصفة من التصفيق والاحترام ليتغير الحال من النقيض إلي النقيض، بعد أن خاطب العقل بمشاهد انتصرت للحقيقة بعيدا عن غوغائية التعصب والجهل والتطرف الديني، ورفعت من قيمة الحب والتسامح بين البشر.

الفكرة الأساسية... ستة أشخاص مسلمون يتعرضون للاشتباه وإجراءات تفتيش مشددة في المطارات الدولية بعد 6 سنوات من وقوع أحداث 11 سبتمبر، وكل ذنبهم أنهم مسلمون ويحملون أسماء إسلامية تلفت أنظار مسؤولي الأمن بالمطارات. هذا هو المدخل أو الفكرة الأساسية التي دار حولها الفيلم الهندي الجديد اسمي خان الذي تناول انتشار ظاهرة الخوف من الإسلام الإسلاموفوبيا وممارسات التمييز التي يواجهها كثير من المسلمين داخل المجتمع الأميركي بعد تفجير وتدمير مركزي التجارة العالمي. ولم يلجأ المخرج في سردها إلي الدلالات والرموز والعوامل الملطفة رغم أنها بسيطة وسهلة وتحت رهن إشارته، ولكنه أراد أن يقدم درسا في الفن ودوره في تجديد الروح وإحياء المشاعر النبيلة والتواصل بين شعوب العالم.

تبدأ الأحداث من مطار سان فرانسيسكو عام 2007، حيث تعتقل السلطات (رضوان خان) الذي يعاني من اضطراب يعرف باسم أسبيرغر وهو درجة من مرض التوحد، عندما يثير شك وريبة مسافرة وهو يردد بعض آيات قرآنية، ويتعرض للتفتيش والأسئلة وسط استهزاء رجال الأمن الذين يعرفون منه أنه يتوجه إلي واشنطن طلبا للقاء الرئيس الأميركي ليبلغه رسالة مفادها جملة واحدة اسمي خان ولست إرهابيا، وبعد أن يكتشف خان مغادرة طائرته المطار دون أن يلحق بها يقرر السفر بالأتوبيس وفي محطة الباصات يبدأ في تدوين يومياته لنستعيد معه بطريقة الفلاش باك الحكاية كلها.

الصالحون والطالحون

كان أداء النجم شاروخان مميزا، وتطلب ذلك منه حركة الرقبة بطريقة معينة وتركيز العيون على الأماكن وليس الأشخاص وتقطيب الحاجبين بشكل بارز، ونجح في إقناع المشاهدين بحالة التوحد التي يعاني منها، هذا بخلاف طيبته وإنسانيته التي غرستها فيه أمه منذ الصغر، وعلمته انه لا فرق بين البشر (مسلم أو هندوسي) خصوصا بعد متابعته لأحداث الصراع بينهما في الهند وما سببته الفتنة من خسائر للطرفين، فهناك دائما الصالحون والطالحون.

وبعد موت أمه يترك رضوان خان بومباي ويسافر إلي شقيقه رازبان خان وزوجته حسينة في أميركا، والتي تتعرف على حالته التي يثيرها اللون الأصفر والضجيج، ويعمل في شركة رازبان مندوب لمبيعات الأعشاب الطبيعية، ومن خلال هذا المجال يتعرف على (مانديرا) الحسناء التي تلعب دورها كاجول وهي نجمة تتمتع بقوة فنية هائلة.

وتبرع في أداء الأم الهندوسية العذباء والتي تكافح في العمل بصالونات التجميل من أجل حلم النجاح في أميركا وتربية أبنها سمير الذي تركه والده وهاجر إلى أستراليا مع امرأة أخرى، ومن خلال قصة حب مفعمة بالمشاعر والأحاسيس الخاصة يتزوج رضوان خان ومانديرا في النهاية.

أحداث سبتمبر

وتتصاعد الأحداث مع لقطات تفجيرات 11 سبتمبر، حيث يبدأ المجتمع الأميركي في تغيير علاقته بالمسلمين وكل ما هو إسلامي، ويظهر ذلك من خلال محاولة التهجم على أماكن عمل المسلمين والاشتباك معهم، ونزع الحجاب من فوق رأس حسينة التي يطالبها زوجها بالتخلي عنه مؤقتا.

ورد فعل سارة صديقة مانديرا التي يموت زوجها المراسل في قناة تلفزيونية خلال تغطيته أخبار حرب أفغانستان، والتي يرفض أبنها أيضا علاقته بسمير الذي يعشق مثله كرة القدم حيث يتعرض سمير لمهاجمة بعض طلبة مدرسته ويموت نتيجة ضربة قوية في البطن بكرة القدم تسبب له تهتكا في الطحال.

وترمي مانديرا المسؤولية على كاهل رضوان خان وتحمله أسباب موت أبنها، وتطالبه بالابتعاد عنها وتصرخ فيه لا ترجع إلا بعد البحث عن الرئيس الأميركي وإقناعه بأن اسمه ربما يكون خان لكنه ليس إرهابيا، ويأتي هذا التوظيف الدرامي ليزيد من سخونة الحدث الكارثي الذي يتواصل ليتخطى الحدود والأيديولوجيات ويلهم أعمالاً فنية جديدة مقبلة من أماكن لا يتوقعها أحد، وكنا نتمنى للسينما العربية أن تكون سباقة أو يكون لها دور في هذا المضمار.

رحلة شاقة

وخلال مشوار البحث الطويل، تبدأ سلوكيات رضوان خان الطيبة في كسب تعاطف الآخرين ويصبح حديث القنوات التلفزيونية الإخبارية بمساعدته ضحايا إعصار ويلمينا حيث يذهب لإنقاذ جورجيا وأهلها الذين ساعدوه في رحلته الشاقة خصوصا العجوز الزنجية جيني وابنها، فهل ينجح في مقابلة الرئيس الأميركي، وهل يسترد حب ومشاعر المرأة التي عشقها؟.

هذا ما يتم عرضه في ساعتين وأربعين دقيقة وهي مدة الفيلم، الذي تؤكد رسالته أن الأرواح التي أزهقت لدى الطرفين في حرب لم يشعلها أي منهما، تستحق التوقف والتعاطف والتأمل والاحترام والاهتمام، وإلا سيكون حالنا كما كتب أفلاطون الموتى فقط هم شاهدوا نهاية الحرب، ولهذا كان فيلم اسمي خان شديد المحلية وأيضا شديد العالمية فالقضية تمس الجميع والصرخة موجهة لكل الضمائر مهما اختلفت المواقع والأحداث.

الفيلم: اسمي خان

إخراج: كاران جوهر

بطولة: شاروخان، كاجول

سيناريو: شيباني باتيجا

الأستوديو: فوكس ستار ستوديوز

التصنيف: دراما رومانسي

مدته: ساعتان و40 دقيقة

دبي - أسامة عسل

Email