رهان على ليليان لاندور لإنجاز ما لم يفعله السكري

بريطانية لبنانية الأصل تدير عمليات «بي بي سي» في الشرق الأوسط

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

استقدام ليليان لاندور، البريطانية اللبنانية، لإدارة الخدمات العربية لـ «بي بي سي» في الشرق الأوسط، وتنحية المدير السابق حسام السكري، يفتح النقاش حول مستقبل القناة في المنطقة، ويجدد التعرض لسيرتها المضطربة.بلغة الضاد!

الكثير من النشرات الإخبارية المعادة على مدار الساعة، مع قليل من التحديثات. وثائقيات مدبلجة يتم عرضها في تواقيت ليلية متأخرة، لا تراعي «مزاج» عقارب الساعة في منطقة الشرق الأوسط. تقارير بالعربي عن مشاكل أفراد في قرى صغيرة في اسكتلندا وايرلندا، ومسابقات رياضية غرائبية في أقاليم وسهول أوروبا، و«تجرو» يحتاج إلى كثير من الخبرة والتراكم في العلاقة بين الوسيلة الإعلامية والبيئة التي تسلط الضوء عليها. ربما يكون في الاختزال بعض التجني أو التعجل، لكن ذلك جو يلخص الكثير مما يعرض على شاشة، راهن الكثير على قوتها وسلطتها وعراقتها، حين إطلاق النسخة العربية منها تمام الساعة 56,9 بتوقيت غرينتش، يوم الحادي عشر من مارس (آذار) 2008.شاشة «بي بي سي» العربية.

هنا «بي بي سي- العربية»، القناة التي تكلّف دافعي الضرائب الانجليز ما يناهز الأربعين مليون دولار سنويا، والتي تأمل ان تتواصل مع 35 مليون عربي (هذا رقم يشمل استقطابها لمستمعي الإذاعة العربية والمترددين على الموقع الالكتروني العربي) بحلول العام 2013. لكن مشكلة «الروزنامة» مع التطلعات العربية لاحدى أعرق الشبكات الاعلامية في العالم، يبدو أنها متعمقة في سيرتها، التي تعود الى العام 1938، تاريخ اطلاق أول بث عربي لإذاعة بي بي سي، من لندن، ثم القاهرة. فحين فكرت المنظومة الاعلامية البريطانية في تسعينيات القرن الماضي ان تركب الموجة الفضائية في العالم العربي، أساءت اختيار الشريك الملائم، حين صوبت وجهها تجاه «أوربت» السعودية، من اجل اطلاق خدمة بث تلفزيونية مشتركة في العام 1994. بعد أقل من سنتين، عنون بيان رسمي صادر عن الجهتين «انهيار» المشروع بعبارة« عدم توافق في الرؤية التحريرية».

في الوقت الذي كان فيه المتأسفون يقرأون نص البيان- النهاية، كانت قناة إخبارية وليدة اسمها «الجزيرة»، تستخدم «عاصفتها» المالية والمهنية، لشفط كل الكفاءات الاعلامية العربية التي خرجت من مطبخ «بي بي سي- اوربت» بصحون خاوية. في الوقت ذاته كانت عناوين صحف التابلويدي اللندنية تصوب سهامها تجاه فكرة «المشروع العربي لتلفزيوننا الوطني». تباطأت الحماسة، وانتظرت «بي بي سي» أكثر من خمس سنوات، لكي تتمخض عن الخروج بموقع الكتروني عربي، يحتاج متصفحه اليوم إلى الرجوع إلى أكثر من خمس مواقع إخبارية عربية على الأقل، لكي يحظى بكم معلومات كاف عما يدور في المنطقة. ثم احتاجت «بي بي سي»، مرة أخرى، الى حوالي عشر سنوات لكي تحقق حلمها «القديم» بإطلاق قناة فضائية باللغة العربية. في 2008، انطلق البث الحي الأول للقناة متأخرا أكثر من سنة عن التاريخ المعلن في العام 2005. لم تترك موازنة لخدمة إخبارية للقناة في كرواتيا وبلغاريا وهنغاريا واليونان وبلوندا وتايلندا وسلوفاكيا.

إلا وتم «تقليصها» من أجل إيجاد التمويل اللازم لإطلاق القناة. قامت «بي بي سي العربية» لكي تمتع جمهورا عربيا على حساب متعة جمهور آخر في الشرق الأوسط وآسيا وشرق أوروبا.

بعد أقل من عامين، لا يبدو أن تلك المتعة قد تحققت بالفعل، إذ أن الدراسات القليلة الموثوقة عن معدلات المشاهدة في العالم العربي للفضائيات الإخبارية، لا تزال تظهر فجوة كبيرة بين «بي بي سي» ومحتلي المرتبة الأولى والثانية «الجزيرة» و«العربية».

ما فتح المجال أمام فتح نافذة الأسئلة الجريئة، على الطريقة الاستقصائية ل« بي بي سي»: هل أخفق حسام السكري، المصري، الذي كان أول عربي يترأس خدمة عالمية في القناة، في الوصول إلى المشاهد العربي؟ لماذا لم تتجاوز جرأة بي بي سي العربية في بعض الأسواق، «المناوشات» .

التي «تزكزك» بلطف ولا تصوب أصابع الأسئلة بجرأة وتسعى إلى الحصول على إجابات بدأب، كونها قناة غير ربحية لا تهتم بالاغرءات الإعلانية في تلك الأسواق؟ ما هو المردود الاجتماعي والثقافي الذي حصلت عليه القناة لقاء ملايين الدولارات التي تم استثمارها في خلق أكثر من مائتي وظيفة جديدة.

تقتطع رواتبهم من جيوب المواطنين البريطانيين؟ وبرز السؤال الأهم: هل تغلق «بي بي سي العربية» أبوابها، معلنة عن خسارتها المعركة في سوق من المفترض ألا يكون عصيا على «خبرات» متراكمة في سجلات الإمبراطورية الاستعمارية التي لا تغرب عنها الشمس؟

خلال الفترة الماضية، برز تطوّر هام على مستوى إدارة الخدمات العربية في «بي بي سي»، تمثّل بتنحية السكري عن مهامه في الشرق الأوسط، وتخصيص منطقة «افريقيا» لإدارته، واستقدام ليليان لاندور، البريطانية اللبنانية، مكانه، بعدما شغلت طوال السنوات الأربع الأخيرة منصب رئيس الخدمات الاخبارية العالمية في «بي سي سي».

تقول في تصريحات صحافية حديثة:« لديّ ثقة كاملة بما يمكنني تقديمه. لا يجب أن تكترث البي بي سي بزيارة رئيس أو مسؤول عربي لبلد أو منطقة، نحن هنا لكي نجيب عن أسئلة الناس الشائكة في المنطقة. لكي نتحدث عن الأديان.

أريد أن أحقق في وعود الرئيس الأميركي باراك اوباما تجاه العالم الاسلامي التي أطلقها قبل عام في القاهرة: ماذا تحقق منها؟ اريد أن أقدم شيئا مختلفا عن العربية والجزيرة.ربما ذات الشيء، ولكن بنكهة بي بي سي، وتحليل وحيادية بي بي سي. علينا أن نجازف أكثر، نتحلى بالجرأة أكثر، نأخذ زمام المواجهة مع القادة والمسؤولين العرب اكثر.ليس لدينا حسابات التبعية، لذلك علينا أن نتجرأ أكثر».

تبدو لاندور التي قضت ما يناهز العشرين سنة من حياتها المهنية مع «بي بي سي»، متدرجة في مناصب متعددة من بينها منذ انضمامها الى الخدمة الفرنسية في عام 1989، متحمسة جدا لتغيير «نكهة بي بي سي العربية».لديها أقل من ثلاث أعوام لكي تحقق الرقم المعلن بالوصول الى 35 مليون متلق من العرب في كافة الوسائط: تلفزيون، اذاعة وانترنت.

لديها ارث ثقيل من اللامبالاة خلفته القناة والموقع الالكتروني، بشكل خاص، مع تطلعات المتلقي العربي. لديها تاريخ من التأخر عن الروزنامة العربية.لكن، ومن دون أدنى شك، لديها بريق اسم لا يزال قادرا على فرض الاحترام والتهيّب.ولدينا قليل من الصبر بعد، لكي نختبر تلك النكهة!

دبي- إبراهيم توتونجي

Email