تصاميم مسكونة بذكريات الماضي ورموزه الاجتماعية

الحنين إلى القديم موجة ضد التيار

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

الوفاء ليس من شيمها، ولكنها وعلى غير المتوقع تقدس الحنين للصرعات السائدة على مختلف العصور؛ فتارة فكتورية الهوى، وتارة أخرى يابانية الحضور، أو عاشقة للمدنية شديدة الالتصاق بالأحداث الاجتماعية والسياسية المتمثلة في أزياء رموزها، فكان من الطبيعي جدا.

أن تتغير في كل موسم بهدف أن تطالعنا بالجديد الذي يجعلنا على حافة الانبهار، دون أن يصيب عشاقها الملل من التكرار أو العودة إلى الماضي المحمل بذكريات صاخبة عن (الهبيس) أو كلاسيكية الثلاثينات وأجوائها الرصينة إلى حد ما، لكن مع ذلك؛ فإن للإبداع حدودا، ومهما كانت درجة خصوبة خيال المصممين، يبقى الماضي أحيانا طريقهم السريع إلى المستقبل. إذ هناك تصميمات قديمة يعودون إليها بين الفينة والأخرى يغرفون منها تارة بشكل حرفي، أو يطوعونها بأسلوبهم وأسلوب العصر حتى تكتسب مظهرا جديدا ينسي الأصل أو على الأقل يغطي علي. وما يحسب للمصممين، التقاطهم لجزئية صغيرة أو تفصيل لا يخطر على بال أي منا، ويركزون عليه ليجعلوه طبقا شهيا تقبل عليه أي امرأة لا تريد أن يفوتها قطار الموضة وليس أدل على هذا، من المصمم النيويوركي مارك جايكوبس، المصمم الفني لدار «لوي فيتون»الفرنسية، الذي عاد منذ بضع سنوات.

إلى السيدة الحديدية مارغريت تاتشر كمصدر إلهام له، أو بمعنى أدق إلى أسلوبها الكلاسيكي المتمثل في التنورة المستقيمة والقميص ذي الياقة التي تعقد حول العنق على شكل وردة أو ربطة. وكان هذا التفصيل بالذات هي لحظة التنوير التي لا يحدها حدود، فعلى خير ما توقعه الخبراء المخضرمون في عالم الأزياء لقي قبولا لا مثيل له من قبل الشابات، اللواتي يبدون فيه أقرب إلى سكرتيرات تنفيذيات منهن إلى نجمات هوليووديات. ومع ذلك كان المظهر جذابا ومميزا، مما رفع من أسهمه كمؤثر في اتجاهات الموضة العالمية، خصوصا بعد ان تبنتها المصممة الإيطالية ميوتشا برادا، وغيرها من المصممين العالميين، وبعد ان تلقفتها شوارع الموضة وطرحتها بأسعار معقولة لتتحول إلى قطعة اساسية لا تخلو منها خزانة اية واحدة منا إلى اليوم، بدليل حضورها القوي على منصات العروض بدءا من «برادا» إلى فالنتينو» مرورا بشانيل، موسكينو، إيترو، كريستيان سيريانو، زاك بوسن وهلم جرا.

ولا شك أن ظهور هذه الإطلالة ونجاحها في أواخر التسعينات، كانا بداية التغيير الذي طرأ على الموضة (الأنثوية المثيرة) التي انتشرت في الثمانينات على يد الراحل جياني فرساتشي، وفي التسعينات على يد مصمم دار «غوتشي» آنذاك، توم فورد. ومن جانب آخر تعود الثمانينات من جديد فقريبا سنستبدل النظارات الشمسية بالإيشاربات الصوفية، وال«تي ـ شيرتات» بالكنزات والمعاطف، وبنطلونات الجينز ذات التصميم الواسع نسبيا من أسفل بذات التصميم الضيق او الأنبوبي، كما ستتصدر ساحة الموضة قطعة اعتقدنا انها دفنت مع نهاية الثمانينات: الطماق أو بنطلون الليكرا الضيق الذي يبدو من بعيد، وكأنه جوارب سميكة. فالزمن، على ما يبدو، عفا عما سلف، والموضة كما نعرف لها شطحات غريبة من آن لآخر نتفاجأ بها، لكن ما علينا إلا التأقلم معها.ففي ظل عودة موضة الثمانينات هذا الموسم، كان لابد أن يعود معها هذا البنطلون.

ويعود الفضل في هذه العودة إلى موضة «الطبقات» التي ترتكز على قطع عدة تلبس فوق بعضها البعض، وكذلك إلى الكنزات والقمصان الطويلة التي عانقتها الفتيات الصغيرات، اللواتي لم يكن اغلبهن قد ولد عندما ظهرت مادونا بهذا البنطلون في «كليب» «لاكي ستار» في منتصف الثمانينات.

وما علينا إلا أن نتذكر ما تعرضت له الدوقة سارة فيرغسون، زوجة الأمير البريطاني أندرو آنذاك، من انتقادات جارحة، في حرب الاناقة والمقارنة التي كانت تدور بين فريقها وفريق الراحلة ديانا (وطبعا إقبالها على هذا البنطلون لم يساعدها أبدا).

إذا لم تتمكن امرأة مثل سارة فيرغسون بكل إمكانياتها المادية، وتوفرها على خبراء ازياء، سواء اتفقنا انهم كانوا حرفيين أم لا، ان تظهر بشكل ولو مقبول فيه، فمن المؤكد انه لا يمكن ان يناسب كل الفئات.أسلوب تصميمه كما طرحه المصممون وقتها.

المناسب للصبايا؛ فسارة لم تكلف نفسها مشقة السؤال ما إذا كان يناسب مقاييسها أو عمرها أو أسلوبها في الحياة أم لا، فهو لا يمكن ان يضفي عليها أي أناقة تذكر. ولحسن الحظ ان المصممين استفادوا من الدرس وأعادوه لنا هذه المرة اكثر نعومة وحرفية.تقول سارة هاريس من مجلة «فوغ»:«التصميمات التي بدأت تطرح في السنوات الأخيرة اكثر من رائعة، فأنت لا يمكن ان تصنع مثل هذه الأشكال من دون ان تصنع «أزياء» بمعنى الكلمة، وهذا ما يشفع لها أثمانها الباهظة.

فالتوجه الحالي ليس مجرد زخرفات بالفرو أو تنورة مستقيمة بتطريزات، بل هو أكثر تعقيدا وفنية، إنها ازياء اشبه بالمنحوتات ابتكرها حرفيون».لكن يبقى السؤال الذي يمكن ان يحير المرأة:هو أي جزء تبرز وأي جزء تريد تنحيفه عندما يتعلق الأمر بارتدائه، والقاعدة الذهبية هنا انه يبدو شابا وحيويا مع كنزات صوفية سميكة طويلة او مع فستان يصل إلى الركبة أو تنورة قصيرة، لكن من الأفضل تجنب ارتدائه على طريقة الثمانينات، أي مع جاكيت (بلايزر) بكتافيات عريضة.

المطمئن أيضا ان المصممين يطرحون لها كل موسم خيارات عدة لكل المناسبات والأوقات، والوقت المناسب لبنطلون الليكرا هو النهار، وفي أحيان نادرة للمساء، وبهذا تستفيد من فساتينها الطويلة ذات الفتحات العالية عند الساق.

وإذا عرفت المرأة كيف تلبسه وتنسقه فلا شك انه سيضفي عليها رشاقة ويعطي الانطباع بأنها أطول مما عليه في الحقيقة، هذا عدا انه «مع كنزة سميكة يخفي الكرش البارز.

وهذا ما تتمناه أية امرأة تعاني هذه المشكلة» حسب ما تقوله ستيفاني سولومن، مديرة قسم الموضة بمحلات بلوميندايل:«إنه مظهر رائع لكل المقاسات، وخصوصا للمرأة الممتلئة في منطقة الكرش والأوراك، لأنه يخفي كل هذه العيوب، اما إذا كانت غير واثقة من هذا المظهر، فيمكنها ارتداؤه مع معطف طويل».

دبي - رشا عبد المنعم

Email