تشكيل

«الإبرو» إبداع فني بعبق الماضي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

للفنون أشكال وألوان ومسميات، وهي كيفما تُرجمت لا تخرج عن كونها مَلَكَة تُعبر أولاً عن الذات، فتفوح على نحو جميل وأنيق يحكى إبداعاً يسرُ الناظرين، قبل أن يضحى فناً معبراً ومتداولاً بين بني البشر؛ يجسد في أسراره حالات معاشة ويروي تفاصيل شخصية ومجتمعية كثيرة.. ولطالما ظل الفن أحد ملامح البقاء والخصوصية، ومن ثم أضحى لوحة تراثية جميلة تزدان بها الدول، وهو على أقل تقدير، وسيلة مهمة وفعالة يمتلكها أي شعب ويفتخر بها على الدوام.

في مختلف دول العالم يجد الإنسان ما يخصه من تراث تتعدد أشكاله ومسمياته.. والرسم على الماء أو ما يسمى بفن (الإبرو) هو تقليد تركي عرفه الأتراك منذ زمن بعيد، ولا يزال شاهداً على إبداع شعب بسنوات عمره الطويلة.. وبالنظر إلى كثير من اللوحات الموجودة في قصور تركيا العريقة، نجد أنها تحمل فن الإبرو، وهي تعود إلى أوائل القرن السادس عشر، فعلى مدى قرون، لا تزال تركيا مركزاً لفن الإبرو، وحتى الآن يوجد محترفون كثر لفن الإبرو، يبدعون في ورش بإسطنبول وغيرها، حيث كانت الأعمال الفنية التي تصدر هناك تعرض في مختلف الأسواق التركية والأوروبية، كما يقول أمين كايا مدير السياحة التركية في دبي.

ويضيف كايا أن تركيا تشهد في هذه الأيام حضوراً فعالاً للعديد من المدارس الفنية التي تقوم بتدريس فن الإبرو، ففي إسطنبول تحديداً، توجد صفوف دراسية على أساس دوام كامل في مدارس ملحقة بمسجد السلطان أحمد في حدود متحف آيا صوفيا، وهذه المدرسة تحديداً هي واحدة من أفضل المدارس الشهيرة للفنون التقليدية التركية.على مر عصور مضت، ترك الأتراك إرثاً مختلفاً ونادراً في كافة المجالات الفنية والمعمارية، مما أثرى الحياة التركية بالكثير من الفنون على اختلاف أنماطها، المعمارية والهندسية والفنية والتمثيلية والأدبية، ولعل أبرزها فن الرسم على الماء الذي يعتبر أحد فنون صناعة الرسم.

ويؤكد أمين كايا أن للاتراك فنونهم ورسوماتهم التي تعبر عن أفكارهم ومشاعرهم الخاصة، حيث كان لهم دور فعال في تاريخ فنون الرسم تحديداً، وقد خرجوا بها إلى أماكن أخرى عديدة، وكانوا يمثلون بها ثقافات متعددة محيطة بهم، حيث تتصف الألوان المائية بتعدد ألوانها في حين كانت الرسوم المنقوشة في الماضي تخط بلونين فقط هما الأسود والبيض، ولكلا الفنين نقطة اشتراك واحدة ألا وهي تنفيذهما على أسطح مسطحة واحدة.

ومما يذكر أن الأتراك كانوا في الماضي يعبِّرون بهذه الفنون عن تفاصيل حياتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعسكرية، وعن أبسط دقائق الحياة المتعلقة بهم، وتجسيدها بما يحاكي ما هو موجود في حياتهم الحالية، ويمكن القول إن تلك الفنون هي وثائق تاريخية وصلت إلى الأتراك من عمق الماضي، لتبقى تجسد مصادر للثقافة الإنسانية وخزائن لفن الرسم، كما يوضح مدير السياحة التركية في دبي.

الرسم على الماء أو فن الإبرو ورساميه كله من أصل آسيوي، وفن الرسم هذا هو نوع من أنواع فن الرسم التركي، الذي يعتبر من الموروثات التاريخية عند الشعب التركي.

ويوضح أمين كايا مدير السياحة التركية في دبي أن فن الإبرو هو واحد من الفنون التقليدية النادرة للرسم والتلوين على الماء بأساليب وطرق خاصة اتبعها الكثير من فناني منطقة البلقان، ويأتي أصل كلمة (إبرو) من (إبر) فهي فارسية تعني السحاب، بينما تعني كلمة (أبرو أو أبري) حاجب العين.

وعند الأتراك فـ (إبرو) تعني أيضاً حاجب العين، حيث أن الورق الملون والمجزع أو الورق والقماش الملون بألوان مختلفة بشكل مموج يشبه حاجب العين، أو ألوان حجر الرخام.. وحتى الآن لم يعرف منشأ فن الإبرو لا حتى زمن ظهوره.

وحول كيفية عمل الإبرو يوضح كايا نقلاً عن أحمد شوكتان، أحد أبرز فناني الإبرو في تركيا حالياً، أنه في البداية لا بد من اختيار الورق المناسب، حيث كان الخطاطون في السابق يستخدمون نوعاً من الورق يسمى أجار والتي تحتوي على خلطة خاصة من النشادر وبياض البيض، حيث يمتص هذا الورق هذه المادة و يسهل الكتابة، ثم يأتون بحوض من الزنك أو الخشب مملوء بالماء، تضاف إليه مادة عشبية جيلاتينية.

ويضيف أنه يتم استخدام الصمغ الذي يساعد على زيادة تكثف الماء إلى جانب المادة الجيلاتينية، وبعد هذه العملية تجهز الصبغات في فناجين صغيرة للإبرو، وتطحن على شكل بودرة، ثم تفرغ على وجه الحوض المملوء بالسائل، قبل أن يأتي دور الفرشاة، التي تغمس في اللون، وتنثر على السطح، وبالتأكيد فالألوان ستطفو على السطح بسبب وجود المادة الصمغية أو الجيلاتين.

وهناك مادة أيضا تُضاف إلى الألوان وهي مجرد مادة سائلة صفراء، التي تستخدم مع الألوان المائية لزيادة سيولتها، وهذه المادة تساعد على زيادة مساحة الألوان وانتشارها على السطح، كما تساعد على أن تجعل الألوان تطفو على السطح أيضاً، ثم تستخدم أداة تشبه المشط تحرك بها الألوان على السطح باتجاهات معينة، قبل أن يؤتى بورقة توضع على سطح الماء بعناية لبضع ثواني ثم ترفع، وستجد أن الألوان التصقت بسطح الورقة، ثم ترش الورقة بالماء البارد وتترك جانباً لتجف، وبذلك تتشكل نماذج عديدة وبألوان كثيرة ومعبرة.

دبي ـ عنان كتانة

Email