الألعاب الشعبية .. ذاكرة المرح والطفولة البريئة

الألعاب الشعبية .. ذاكرة المرح والطفولة البريئة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

فكرة العودة إلى الطفولة حلم يراود الكثيرين منا لأنها مرحلة ملأى بالدهشة والمرح والاكتشاف، وكل ما يتعلق بهذه المرحلة يمكن أن يشكل ذاكرة ممتعة نعود إليها بين حين وآخر فنبتسم لمجرد أنها خطرت على البال، وربما كانت ألعاب الطفولة هي الجانب الأكثر حضورا في ذاكرة لارتباطها بالرفقة والمرح والمغامرة التي لم نعد نمتلك الجرأة للتمتع بها، لذا حين يتحدث الكبار عن ألعاب الطفولة فانهم يعودون بذاكرتهم إلى المرح الفطري قبل أن تزحف التقنية على حياتنا فتسرق منها لذاتها البريئة.

التبة، المعشال، حبيل الزين، التيلة، خبز رقاق ، الكرابي، التبة، المريحانة أسماء لألعاب شعبية عرفها الطفل الإماراتي في الماضي وتعلق بها حتى شكلت جانبا مهما من ذاكرته لذا حين تحدثنا عن ألعاب الماضي مع الوالدة أم عبد الله ابتسمت وهي تتذكر ألعاب طفولتها وقالت : كانت أيامنا الماضي جميلة وطبيعية «الصغارية يلعبون عدال بيوتهم» وكانت العاب التبة والمريحانة والصقلة والحيا كلها موجودة ونستمتع بها، واليوم «الصغارية ما ادري شو يلعبون؟، مجابلين الكمبيوتر وما يتحركون».

والألعاب الشعبية الخاصة بالبنات ترتبط بطبيعتهن الرقيقة وتقليدهن لأدوار الأمومة فنجد ألعاب العرائس التي تصنع من الأقمشة والأعواد ترافق الفتيات الصغيرات اللائي يتعاملن مع الدمية على أنها طفل صغير يحتاج إلى الرعاية، وتشير عائشة حميد إلى ألعاب خاصة بالبنات قائلة : قد تكون ألعاب البنات أقل تنوعا من ألعاب الصبيان لأنها ألعاب هادئة وترتبط بعلاقة الفتاة بأمها فلدينا لعبة «أم العيال» التي تمثل فيها إحدى الفتيات دور الأم لمجموعة من الأطفال التي تحميهم من الذئب بينما تمثل فتاة أخرى ومجموعتها دور الذئب الذي يحاول الامساك بالصغار، ويرافق اللعبة حوار بين الفريقين فيقول فريق الذئب «أنا الذيب باكلكم» وترد الأم «وأنا الأم بحميكم» ويتكرر الحوار بالطريقة نفسها ثم يقول فريق الذئب «عيني على ذيج الورا» وتصيح الأم بفريقها « وخروا وخروا».

وتستمر اللعبة بالغناء ومحاولة فريق الذئب الامساك بالفتيات حتى يمسكهن جميعا يضمهن إلى الفريق وعندها تنتهي اللعبة، وهي لعبة مميزة بأغنياتها مثل«دبه متينة يا يمه ـ تحت المكينة يا يمه ـ تاكل غداكم يا يمه ـ تاكل عشاكم يا يمه»، وهناك لعبة أخرى هي لعبة المريحانة أي الأرجوحة حيث كانت الحبال تعلق على أغصان الأشجار القوية وتقوم الفتيات بتحريك حبل الأرجوحة التي يتناوبن اللعب بها، وتستخدم طرق مختلفة لتحديد وقت اللعب لكل واحدة منهن، منها الأغاني ومنها العد، وهي لعبة لا تزال رائجة بين الفتيات حتى يومنا هذا.

ومن الألعاب الشعبية المعروفة بين الفتيات لعبة خوصة بوصة وهي لعبة تمارسها الفتيات الصغيرات اللائي يجلسن على شكل دائرة وتقوم إحدى الفتيات بترديد اهزوجة شعبية ولمس ركبة كل متسابقة ومن تقع عليه اللمسة مع نهاية الاهزوجة تختار بين القرص أو الخروج من اللعبة ، وتقول كلمات الأهزوجة «خوصه .. بوصه، يالنبوصه، كلاج الدود من حمدون، مرينا على عقارب، يا كلون سحتين محتين، قال يا عبد الرحمن، عطونا سحه بلاقي بها، من سلطان لين سلطان، لا دغتنه عقروبيه، شقروبيه».

وتأخذ ألعاب الصبيان طابعا حركيا يحتاج إلى القوة وتكون فيه المنافسة أشد كونها تمثل جزءا من التربية البدنية والنفسية للطفل، ففي الماضي لم تكن هناك ملاعب أو دروس خاصة بالرياضة لكن تلك الألعاب كانت تمثل تعويضا مهما عنها، حيث يشير جمعة بن عايش القايدي مسؤول نادي شوكة الرياضي إلى أن الألعاب الشعبية في الماضي للأولاد كانت تنمي قدراتهم الرياضية وتشعل بينهم روح المنافسة .

لأن ألعابنا في مناطقنا الجبلية كانت تعتمد على السباقات فالصبيان يقومون باجراء سباقات في الركض في الأراضي المنبسطة إضافة إلى سباقات في صعود الجبال حيث يبدأ الأولاد بتسلق صخور الجبال ومن يصل إلى القمة قبل غيره يكون هو الفائز، ومع ما في هذه اللعبة من صعوبة لكنها كانت من الألعاب اليومية التي تعودنا اللعب بها وممارستها بشكل مستمر، وكنا نلعب ألعابا ممتعة كثيرة منها طاق طاق طاقية.

ولعبة «الديسيس» أو الغميضة، واليوم صرنا نحاول إعادة الأطفال إلى الألعاب القديمة التي تنمي مهاراتهم الرياضية فصرنا نجري مسابقات في سباقات الجري بينهم وفي جر الحبل وهي سباقات تشمل الكبار والصغار يمارسها أهل شوكة والمناطق المجاورة في نادي شوكة، كما نقيم كل عام في رمضان دورة رمضانية لمختلف الألعاب يشارك بها حتى الشواب لتعزيز أهمية تلك الألعاب في نفوس الشباب.

وتتعدد الألعاب الشعبية التي قد تكون متوارثة من جيل إلى جيل ولا يزال بعضها يسجل حضوره بين الأطفال مثل «قليلي مطوع» أو لعبة المسطاع إضافة إلى وجود جهود من المهتمين بالتراث لإحياء تلك الألعاب التراثية ففي بيت الألعاب الشعبية بالشارقة صممت مجسمات تمثل مختلف الالعاب الشعبية القديمة ومنها الكرابي وهي لعبة يحجل فيها اللاعبون على قدم واحدة، ولعبة التبة التي تكون عبارة عن كرة تصنع من التمر الجاف الملفوف بالخيش تشبه كرة التنس تلعب باستخدام المضرب.

ويسمى «الجدفة أو المسطاع» الذي صنع من سعف النخل الذي يأخذ شكل المضرب فتزال أوراق السفة ويبقى الجزء القوي منها ويستخدم الجانب العريض في ضرب الكرة ويلعبها الأولاد في الساحات أمام البيوت، وينظم البيت الذي يديره الباحث في التراث عبيد بن صندل دورات للأطفال لتعليمهم الألعاب الشعبية كما تتم ممارسة تلك الألعاب في ساحات منطقة الشويهين خلال المهرجانات التراثية.

وعرفت ألعاب خاصة بمناطق الساحل يتم فيها استخدام القواقع والصدف وبعض الأسماك إضافة الى ممارسة السباحة التي تعد ضرورة لكل سكان المنطقة، وألعاب الغوص التي تنمي قدرات الأطفال على حبس أنفسهم لمدة أطول تحت الماء.

وتتميز الألعاب الشعبية بارتباطها بالأهازيج التي رددها الأطفال، وحفظوها عن ظهر قلب وهي تعزز الارتباط الاجتماعي بين الأطفال كما تنمي قوة الشخصية إذ تفرض على الأطفال أداء أدوار قيادية أو ترديد أغنيات خاصة باللعبة فينسى الطفل ارتباكه خلال حماس اللعب ويندمج مع أقرانه.

دبي - دلال جويد

Email