قصة عمرها 12 عاماً مع الدلافين، بدأت في مدينة صغيرة في جنوب إفريقيا حيث رسم طفل اسمه «تومي ويلكن» في مخيلته حلماً بأن يصبح مدرب دلافين، تماماً كما حلم أحد أصدقائه أن يكون رجل إطفاء وآخر صحافياً ..
في «سمف طٌُْل» هناك بدأ تومي العمل وهو في الثالثة عشرة من عمره في تنظيف الأحواض وتقطيع الأسماك وإطعام الدلافين كمتطوع.كما سنحت له الفرصة للتعرف على الحيوانات الثديية في البحار ، وبعد خمس سنوات عندما أنهى دراسته الثانوية عرض عليه العمل في مجال تدريب الدلافين هناك إلى جانب إكمال دراسته الجامعية في الأوقات المتاحة له في جامعة فيكتوريا. انتقل تومي للعمل في أتلانتيس دبي قبل عامين ثم إلى «دبي دولفيناريوم» مدرباً للدلافين حيث التقاه الحواس الخمس.
صداقة
علاقة تومي بالدلافين ملأى بالمشاعر الجياشة، فهو يقضي نهاره بصحبتها حتى المساء، يقول: أنتظر لقاءهم كل يوم وهم يشتاقون لي كذلك، هم تماماً كأبنائي. أدرك أن الفرق شاسع بين البشر والحيوانات لكنهم أصدقاء أوفياء، أقضي 9 ساعات يومياً أطعمهم وألعب معهم وأهتم بصحتهم، ليس من السهل مغادرة مكان كهذا، ليس من أجل المكان نفسه ولكن بسبب الصداقة التي تنشأ مع الدلافين».
سمات
غالبية الناس لا يفرقون بين الدلافين، إلا أن الخبراء والمدربين يمكنهم التمييز بين أي دولفين والآخر، ويقول تومي: يستطيع المدرب أن يميز بين الدلافين تماماً كالأم التي يمكنها تمييز أبنائها التوائم من بعضهم، فلكل دولفين زعنفة ظهر مختلفة وهي تختلف من واحد لآخر كما تختلف بصمات أصابع البشر». وبالعادة تؤخذ صورة لزعنفة كل دولفين ويكتب عليها اسمه.
ويتم التعرف عليهم أيضاً من خلال السمات المميزة لكل منهم مثل الخدوش على أجسامهم وأطوالهم وأحجامهم، حتى ان السمات المميزة لهم تتفاوت من دولفين لآخر، فبعضهم سريع التعلم ومرح أكثر من البقية وبعضهم قد يكون كسولاً أو أقل تفاعلاً مع الآخرين وبعضهم محب للطعام وهكذا.
ليس سمكة
الدولفين حيوان ثديي وليس من الأسماك كما يعتقد بسبب مظهره وعيشه في المياه ، كما أنه يتنفس الهواء ولا يمكنه العيش في الماء دون الظهور على السطح ، وهو شبيه إلى حد كبير بالإنسان من الناحية التشريحية ، فدماغه وعموده الفقري وأضلاعه والكثير من أجزائه تتشابه مع بني البشر ، حتى ان درجة حرارة دمه تبلغ 37 درجة كالإنسان.
وهناك سر خفي خلق هذا التقارب العاطفي بينهما ، فالدولفين يحمي الإنسان بالفطرة عندما يتعرض للخطر في الماء أو للمهاجمة من قبل مخلوق آخر ، فيتبرع أحد الدلافين بإلهاء العدو بينما تجتمع الدلافين الأخرى لحماية الضحية.
ويصاب الدولفين بالإحباط أو الاكتئاب والقلق والحزن أيضاً، ويروي تومي قصة أنثى الدولفين التي وضعت صغيرها ثم قتلته غرقاً بعد أسبوعين من ولادته، الشيء الذي استغربه الجميع، فهذه المخلوقات لا تتصرف بعدوانية عادةً، كما أن غريزة الأمومة لديها قوية، ثم عادت الأم لاحتضان طفلها طوال الأيام الثلاثة التالية.
وهي مكتئبة ورافضة الأكل، بعد تشريح الدولفين الوليد اكتشف المدربون أن إحدى يديه كانت مشوهة من الداخل وغير طبيعية. ويعلق تومي: «بعض الأحيان نكتشف أن هذه المخلوقات قد تتفوق على ذكاء البشر، حتى أن بعضها عندما تلحظ حزن الإنسان تبدأ بمحاولة إسعاده إما عن طريق حركاتها البهلوانية أو برش الماء عليه بذيلها».
تدريب
تعيش الدلافين 45 عاماً، وتلد الأنثى التي يستمر حملها سنة كاملة صغيراً واحداً كل ثلاث سنوات، ويمكن تدريب الدلافين حينما تبلغ 6 أشهر من العمر، وتكون جاهزة للمشاركة في الاستعراضات في عمر 9 أشهر. يعتمد تدريب الدلافين على مبدأ المكافأة في حالة الاستجابة الصحيحة والتجاهل لثلاث ثوان في حالة الخطأ. يقول يومي: «الدولفين يحب الطعام، فكلما أصفّر أعطيه سمكة فيقفز لالتقاطها ثم أمسح على رأسه، فيتعلم أن التصفير هو القفز فالطعام فلمس يدي .. وهكذا».
بوب جورج شاب سوري مقدم لاستعراضات الدلافين ويدربهم أيضاً، يقول: لدينا ثلاثة دلافين من أوكرانيا بدأت دبي دولفيناريوم تقديم عروضها بهم، ثم أربعة آخرون أحضروا من الصين لمشاركة الدلافين المدربة العروض، ليصبحوا سبعة نجوم في استعراضات حيّة تجذب الجماهير من كل الأعمار. يمكن لهذه المخلوقات المرحة أن تخفف من أعراض الاكتئاب لدى البعض.
دبي - أمينة الجسمي