دراما

دراما رمضان.. اغتصاب وتحرش وصحافة غير واقعية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

مخطئ من يعتقد أنه هبط من السماء، ركب «أسانسير» الشهرة، وترك عالمه بين النجوم ليعيش على الأرض، فالفنان بالأساس مواطن، يعيش آلام بلده وهمومها، يسكن البيوت القديمة، ويرتاد المقاهي العتيقة.

ويجد متعته وسط «الحواديت» والحكايات التي اعتاد الناس أن «يقتاتوا» عليها في أمسيات الصيف الطويلة، أو يشعلوا أطرفها لتدفئهم في ليالي الشتاء الباردة. وتميز الفنان عن غيره بدرجه عالية من الحساسية، تجعله أكثر تأثراً بمشكلات البشر والقدرة على التعبير عنها، لهذا ظل الفن طوال تاريخه، مرتبطاً بالحياة والواقع.ودراما رمضان هذا العام خلطت الحابل بالنابل، وعبرت بمنتهى القسوة عن ظواهر الاغتصاب والتحرش الجنسي وزنا المحارم، في رسائل إنذار متوالية، وإن اختلف المعنى، في حين رصدت مسلسلات أخرى كواليس عالم الصحافة بسطحية وهيافة مناقضة للواقع وليس لها مثيل.

أرادت هذه الأعمال أن تناقش ما تتعرض له المرأة، من ظلم داخل الأسرة وفي العمل، ففي مسلسل «بنت من الزمن ده» تتعرض البطلة للاغتصاب من «بلطجية» في المنطقة العشوائية التي تسكنها، كما يتم التطرق إلى العديد من قضايا الاغتصاب التي يتعرض لها أولاد الشوارع.

فضلاً عن أن الأحداث تتناول العديد من مشاهد زنا المحارم والتي تعرض للمرة الأولى على شاشة التليفزيون. وتتعرض بطلة «دموع القمر» طوال حلقات المسلسل إلى تحرش جنسي، بدأ من زوج أمها الذي حاول التعدي عليها جنسياً أكثر من مرة في قريتها.

وصولاً إلى كل الرجال الذين قابلتهم في الأماكن التي هربت إليها. ولمدة أربع دقائق تعرضت الفتاة التي تجسد شخصيتها الممثلة «إيمي» في مسلسل «الفنار» إلى الاغتصاب وهو مشهد يعرض كاملاً على الشاشة، يعكس بشاعة الصدمة وقذارة مرتكبيها، وله دلالته الدرامية.

وتتعرض هند صبري في أول عمل درامي لها وهو «بعد الفراق» إلى محاولة اغتصاب، فأثناء ركوبها الميكروباص يستدرجها السائق واثنان من أصدقائه إلى منطقة مهجورة، ويحاولون اغتصابها تحت تهديد السلاح.

الأمر ذاته، تتعرض له علا غانم ضمن أحداث مسلسل «ظل المحارب»، عندما يستدرجها باسم ياخور إلى منزله بحجة رؤية والدته، فتفاجأ بأنه يعيش بمفرده، وحين يحاول اغتصابها تنجح في الإفلات منه بعد ضربه بزجاجة على رأسه.

كما تتعرض غادة عادل ضمن أحداث مسلسل «قلب ميت» للتحرش الجنسي من زوج خالتها الأمر الذي يدفعها إلي الهرب والإقامة بمفردها في غرفة تحت السلم، وتتعرض مرة أخرى لهذه الجريمة من أحد سكان العمارة، فضلاً عن محاولة اغتصابها أثناء رجوعها من عملها ليلاً.

لا شك أن جميع مشاهد الاغتصاب والتحرش الجنسي وزنا المحارم التي جاءت في المسلسلات واقعية جداً، وغير مقحمة على الأحداث لأنها تتناول مجتمع العشوائيات الذي يرفع شعار «كل شيء مباح»، ولا تحكمه قوانين أو أخلاقيات، وبالفعل، فإن الواقع أكثر مرارة مما نراه على الشاشة، لكن الغريب أن يتصادف هذا العام وجود (6) مسلسلات تتناول تلك النوعية من الجرائم، وكأنها محاولة من الدراما، لتعرية وفضح المسكوت عنه منذ سنوات.

أما بالنسبة لعالم الصحافة ودهاليزها، والذي يتناوله مسلسلا «بعد الفراق» و« في أيد أمينة» ، فمؤلفا العملين لم يكلفا خاطرهما بالذهاب إلى أي مؤسسة صحافية ليعرفا كل شيء عن العمل، بدلاً من هذا التهريج الذي وضع على الورق، ليظهر على الشاشة عاكساً صورة غير حقيقية عن الصحافة والصحافيين.

ولم تفلح كلمة «يا ريس» الملتصقة بلسان الممثل خالد صالح طوال الحلقات، ويقولها لأي أحد صغير أو كبير، ليؤكد بذلك كونه صحافياً. أما في العمل الثاني «في إيد أمينة» فهشام سليم لا يصلح لدور رئيس تحرير بالمرة.. وبقية الذين يطلقون عليهم محررين يتعاملون مع رئيستهم يسرا، وكأنهم في صالة «جيمنيزيوم».

وليس صالة تحرير لمؤسسة صحافية محترمة، وهذا المصور الغريب الأطوار الذي ينادي النساء والرجال بكلمة «برنس» في لهجة لا تتناسب تماماً مع رسالة المهنة السامية، بل الأدهى أن كل من في المسلسل ينادي رئيس التحرير باسمه مجرداً حتى سكرتيرته تقول له «يا شامل»، والمصور اشرف مصيلحي يقول له: «يا شامم» وهذا بالطبع لا يحدث في أي جريدة..

ومنذ حلقتين احضر العاملون في جريدة المسلسل «تورتة».. وعلت الزغاريد من دون رادع ينبههم بأنهم ليسوا في صالة رقص.

من المؤكد، أن هناك فرقاً بين تأليف مسلسلات تحمل هدفاً ورؤية تؤثر في المجتمع وتتأثر به، وأعمال أخرى تكون مجرد «سبوبة» لحصد أكثر من مليون جنيه.

دبي ـ أسامة عسل

Email