رحيل التشكيلي السوري صخر فرزات.. فنان الألوان والخطوط المموسقة

رحيل التشكيلي السوري صخر فرزات.. فنان الألوان والخطوط المموسقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

عن عمر ناهز الرابعة والستين عاماً، رحل في العاصمة الفرنسية «باريس» يوم الأحد الرابع من مارس 2007، الفنان التشكيلي السوري «صخر فرزات» أحد الفنانين الذين تم اختيارهم من أجل الاحتفال بالعيد الخمسين لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، حيث بلغ عددهم 98 فناناً من كل أنحاء العالم، وتم اختيار لوحة له، لتكون ضمن مجموعة قصر «ولسون» في سويسرا لمصلحة متحف حقوق الإنسان والفن التشكيلي في العالم خلال القرن العشرين.

ولد الفنان الراحل «صخر فرزات» في مدينة «بانياس» على الساحل السوري عام 1934، درس فن الرسم والتصوير في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق وكان في عداد الدفعة الأولى التي تخرجت منها منتصف ستينات القرن الماضي، عمل قائماً بالأعمال في نفس الكلية حتى العام 1977، حيث غادر دمشق ليستقر بشكل نهائي في باريس وحتى رحيله.

أقام الفنان فرزات أول معرض فردي له في صالة «أورنينا» بدمشق عام 1972، ثم عاد وأقام معرضاً في صالة دمشق خلال العقد التاسع، أعقبه بمعرض آخر في صالة «عشتار» الدمشقية، وكان هذا المعرض آخر تواصل له مع الوطن.

شارك الفنان صخر فرزات في العديد من المعارض والبيناليات المحلية والعربية والدولية، وحصلت اعماله على عدة جوائز، وهي موزعة في سورية، وبلغاريا، وبولونيا، واستراليا، وألمانيا، وفرنسا، وأميركا، والنمسا، والكويت. والفنان فرزات متزوج من الشاعرة السورية «عائشة الارناؤوط».

منذ البدايات الأولى لتجربته الفنية، أعلن الفنان فرزات انحيازه لنوع من الفن التجريدي المتماهي بحس زخرفي، وبجملة من خصائص الفن الإسلامي الصوفي، والفن الشعبي العربي، إذ تشكل بعض لوحاته، صدى بهياً لشطرنجيات الزجاج المعشق، وتوريقات وزخارف البيوت العربية الإسلامية، كما وصل في بعض اعماله إلى حالات رفيعة من الألوان والخطوط المموسقة الفائقة التوافق والانسجام والجمال.

تلتقي تجربة الفنان فرزات مع تجربة مواطنه «عبداللطيف الصمودي» الذي عاش في دولة الإمارات العربية المتحدة آخر سني حياته، وشكل ركناً أساسياً من حركتها التشكيلية المعاصرة، في جملة من القواسم والخصائص، خاصة لناحية التجريد الصوفي الشرقي، والألوان والخطوط الموسقة، والاستفادة من الموروث البصري العربي الشعبي والإسلامي.

كان الفنان الراحل فرزات، يؤمن بوجود علاقة مضمرة بين كافة أنواع الفنون، وبشكل رئيسي بين اللون والموسيقا، إذ يكفي للمتلقي أن يتأمل أي عمل فني تشكيلي أصيل، ليرهف السمع ويصغي إلى أنغام هذا العمل، ومن ثم ليرحل محمولاً بموسيقاه إلى أجواء وحالات لا يمكن الوصول إليها من دون هذه الأنغام التي لا تُسمع إلا عبر ارتجافات شغاف القلب.

ويرى الفنان فرزات، أن العمل الفني الجاد هو منتج ثقافي وفكري، صيغ بلغة تعبيريّة، إذا تطهرت مفرداتها من قرائنها الأدبية الوصفية، تكون من أصعب اللغات قاطبة، لأنها في هذه الحالة، تتحول إلى لغة الصمت التام الذي لا يُدرك إلا بالحدس، ولا يُقرأ إلا بالتأمل، ولا تنكشف أسراره إلا بالبصيرة، حيث العين ليست إلا باباً للعبور.

دمشق ـ د. محمود شاهين

Email