آمنة المنصوري: كنت أستمتع بدور الناقدة لروايتي

كاتبة «عيناك يا حمدة» تكشف اسمها الحقيقي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تخصصت في إدارة تقنية المعلومات وتدريسها، وهي عضو الهيئة التدريسية بمجمع كليات التقنية - إدارة معلومات وحاسوب. تحصَّنت وراء اسم مستعار اعتبرت الانطلاق به أمراً مشروعاً، مما صعَّب عملية التواصل معها ككاتبة وإنسانة على حد سواء، والأمر نفسه واجه اقتراحنا بإجراء هذا الحوار، وقبله صعوبة إقناعها بضرورة الإفصاح عن اسمها الحقيقي إكراما لـ (عيناك يا حمدة ) وهو العمل الروائي الأول لها الذي انطلق بلا خطة لطباعته أو توزيعه لكنه شق طريقه بسرعة مذهلة إلى قلوب وذائقة الناس ففاق توقعات صاحبته حتى تفوق عليها. كتبت القصة القصيرة بالعربية والانجليزية.

في أول حوار عبر البيان تعلن آمنة المنصوري (الغدير العذب) تخليها الاسم المستعار، وتكشف عن هويتها واسمها الصريحين وعن الأسباب التي جعلتها تستخدم اسما مستعارا ثم تتخلى عنه، وعن دوافعها للبدء بإصدار عمل روائي وليس غيره من فنون الأدب التي مارستها أولا.

* كيف تشرحين جرأتك في كتابة وطرح عمل روائي بلا تمهيد أو تعريف على الأقل؟

ـ لست غريبة عن الكتابة فلي تجربة في كتابة القصة القصيرة من خلال المدرسة، ثم الدراسة الجامعية من خلال المجلات الجامعية ثم المطبوعات المحلية والمقالات. شاركت في العديد من مسابقات القصة القصيرة على مستوى الدولة، مسابقة يوم المستقبل في الشارقة أحرزت المركز الأول، ومسابقة تلخيص كتاب في وزارة التربية والتعليم في الشارقة أيضا حزت المركز الأول، ومسابقة القصة القصيرة على مستوى مدارس رأس الخيمة ولم أتخلّ عن المركز الأول، وهناك عدد من القصص القصيرة سوف أضمنها إصدارا قريبا.

أما البدء بنشر الرواية، فقد كانت الفكرة جديدة، وككل جديد كان حبها أكبر وطغيان بريقها في النفس أقوى ومحرضا أكثر.

* ما الذي حرضك على هذا القرار أساسا وتنفيذه؟

ـ أعتبر نفسي قارئة نهمة ومتابعة جيدة لكتاب عديدين وخاصة كتاب الإمارات، وكنت كلما قرأت لأحدهم أشعر بأن هناك ثغرة في كتاباته، وثمة جانب مفقود من تاريخ الإمارات وتراثه، ووجدت قصورا لافتا في رفد الساحة الثقافية، بأسماء ودماء أدبية جديدة، حيث لم تفرز البيئة ومنذ جيل السبعينات أي جيل من الكتاب حتى هذه اللحظة.

ولا أذكر أن هناك من جيلي من يكتب القصة أو حتى الرواية، قد لا يكون ذلك بسبب نقص في الكتاب بقدر ما هو نقص في الدعم ربما. كما لا أنكر جانب المنافسة التي كانت سائدة، وقد تعتبر أحد هذه العوائق نظرا لكونها قوية. ففي فترة من الفترات لم يكن من منافس لمحمد المر على سبيل المثال، لذلك راودتني فكرة العمل الروائي.

* ألم تواجهك صعوبات باعتبارك فتاة، وباسم مستعار، والعمل الأول رواية؟

ـ لأني أعرف هدفي جيدا فلا أود الحديث عن الصعوبات فقد تجاوزتها وتعلمت منها حتى لو كانت اتهامات، لان كل ذلك صب في مصلحتي، ولو عرف من اتهموني إلى أين أوصلتني اتهاماتهم لما كانوا فعلوا. فقد زادت من طموحي، ولدي مخطوطان لعملين روائيين لن أفصح عنهما حتى تأخذ عيناك ياحمدة فرصتها أو حظها الذي لم يكتمل كما أتصور، وما أستطيع ذكره أن أحد العملين اللذين سأدفع بهما للطباعة هو عمل روائي ساخر.

ولا أعتقد أني سأكتفي بكوني كاتبة رواية إماراتية، وبدأت بالفعل بكتابة أعمال درامية بتكليف من شركة إنتاج، إلى جانب عرض قدم لي لترجمة الرواية للغة الانجليزية من إحدى المؤسسات الثقافية الأجنبية في الدولة، علما أن تخصصي وبيئة عملي ورغم بعدهما عن مجال الكتابة وطغيان اللغة الانجليزية فيهما إلا أنهما لم يشكلا عائقا بقدر ما كانا حافزا للقراءة والاطلاع كي لا يطغى بريق العولمة على أصالة وثراء إرثنا الأدبي.

* هل كان اعتماد الاسم المستعار لجس نجاح العمل من عدمه؟

ـ أبداً كنت واثقة من نجاحه لأني لمست انطباعات صديقاتي، وكذلك من خلال حكمي خاصة أنه يمس حياة الناس جميعا. لكن الاسم المستعار كان يوفر لي مساحة من الراحة لكوننا نعيش في محيط ضيق ومن السهل التعرف فيه على الكاتب ويشكل ذلك ضغطا عليه، إضافة إلى أن الحياة الخاصة تتقلص فيها الخصوصية وقد حرمتني هذه المعرفة من الكتابة في الأماكن العامة كما كنت أفعل.

لكن لم يكن السبب خوف من الفشل أو الضغط العائلي كما اتهمني البعض، فأهلي أول من طلبوا وضع اسمي الثلاثي ولم أكن أتصور أن الاسم المستعار عائقا. بل اعتبرته حقا مشروعا حقق لي مساحة من الاستمتاع وكنت أقوم بدور الناقدة وسط دفاع الناس عن العمل وصاحبته لكونها كاتبة إماراتية.

* يبدو أن هناك نوعا من الدعم حتى يتشكَّل مثل هذا الحماس والصدى حول عمل أوليِّ لاسم جديد مستعار.. فما تقولين في ذلك؟

ـ دعيني أخبرك بأني لم أكن قد خططت للطباعة أصلا وجاء القرار بدفع وتشجيع بل وبإصرار قوي من صديقتي هند السلمان، التي توقفت قراءاتها العربية عند محمد المر، حيث لم تجد كما كانت تعلل من يثير شغف القراءة لديها سواه. ثم تفرغت لقراءة الأدب الأجنبي، فاقترحت عليها أن تقرأ شيئا مختلفا، وحين قرأت المخطوط اتخذت هي قرار الطباعة حتى أنها صممت الغلاف وتولت المتابعة كاملة، وهكذا خرجت عيناك ياحمدة.

* اذن كيف تفسرين نفاد طبعتين بالكامل وحجز الطبعة الثالثة قبل الطبع؟

ـ حقيقة أني كما لم أخطط للطباعة فلم أخطط للتوزيع أيضا، فما كان أمامنا سوى إعداد قائمة بأسماء بعض الكتاب والأدباء لتوزيع العمل إهداءات إليهم، وبالمصادفة وصلت نسخة إلى الشيخة هنا بنت جمعة الماجد حرم سمو الشيخ سعود القاسمي ولي عهد رأس الخيمة، فأثار العمل اهتمامها من حيث الشكل والمضمون وتواصلت معي وحاولت إقناعي بعدم التوقف عند هذا الحد.

واشترت كامل نسخ الطبعة الأولى مع وعد بتولي توزيعها والتسويق لها، وبالفعل تم حجز مسرح مركز المنار لمدة 3 أيام متتالية للترويج والعرض وبيع الرواية التي خصص ريعها لصالح الهلال الأحمر الإماراتي، وما تبقى تكفلت سموها بتوزيعه على المراكز والمؤسسات الثقافية والإعلامية داخل الدولة ووصلت الرواية لشريحة كبيرة.

* كيف تعاملت مع هذا الصدى؟

ـ كان الصدى فوق تصوري وقد فاق توقعاتي. انتشر العمل قبل أن تتولاه جهة توزيع رسمية حتى وصل للطبعة الثالثة، وحُجِزت جميع النسخ وهي في المطبعة، وهنا أدركت مدى ضرورة التخلي عن الاسم المستعار وأهمية الإفصاح عن الحقيقي لصالح العمل الذي فاجأني، وفاجأ الكثيرين من سرعة انتشاره، إضافة للرغبة الحقيقية بأن يتعدى عملي نطاق الدولة ويتجاوز المستوى الخليجي إلى العربي، هذا ما أطمح إليه وآمله.

* كيف وجدت استقبال باكورة أعمالك من الفعاليات الثقافية؟

ـ الأستاذ سيف المري رئيس تحرير مجلة الصدى بادر بإرسال رسالة بريدية هنأني فيها على الرواية وعاتبني أيضا على النشر باسم مستعار مع طلب مراجعة هذا القرار والتخلي عنه، إلى جانب بعض الملاحظات. كذلك الأستاذ عبد العزيز المسلم مدير إدارة التراث في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة هنأني وأبدى بعض الملاحظات وقام مشكوراً بتوصيل العمل إلى أكبر عدد من المهتمين، إلا أن البيان أول من احتفى بالعمل، من أجله ومن دون سابق معرفة ومن دون أي شرط.

* ما هي أهم الملاحظات التي تلقيتها؟

ـ هناك من انتقد عملية الدمج بين الفصحى والمحلية، والاستشهاد بأشعار تراثية من شعراء قدامى وأن ذلك يصعب فهم الرواية، والنقد الأهم أنها حزينة وأن نسبة النكد فيها عالية.

* لكن ألم تتفقي مع هذا الرأي حول الدمج؟ ولم قمت به؟

ـ لاشك أن العملية مقصودة وذلك لأضمِّن العربي الفصيح لهجة عامية أو محلية، لأن ذلك ما اعتبرته ثغرة في كتابات من سبقوني إضافة إلى التسطيح أو ما يسمى باللغة البيضاء المستخدمة حاليا، والتي من وجهة نظري أفقدت النص بعضا من جمالياته خاصة إذا وضعنا في اعتبارنا قراء بعد عشر سنوات.

لاشك أن الانفتاح جيد ومطلوب ولكن لابد من الحفاظ على الهوية الخاصة بنا وعلينا أن نفرض ثقافتنا وجماليتها على الآخر وعلى هذا الآخر أن يبحث عن معناها إذا استعصت على فهمه، وما قمت به يقرب العمل من جيل اليوم الذي أصبح اقترابه من اللغة العربية محدوداً. والكتابة في النهاية فن وإن لم يكن في هذا الفن لمسة جنون لا يعتبر فنا.

* قلت إن هناك عرضاً لترجمة العمل فلم اعتمدت على مترجم بينما تخصصك في اللغة الانجليزية؟

ـ الترجمة هي أن تقدم صورة واضحة للآخر، فنحن نسعى إلى الانفتاح لكن ليس من أجل التقليد أو لأننا لانملك ما نعتز به في هويتنا، بل على العكس تماما ففي الانفتاح الذي نسعى إليه فائدة لنا ولهم، فاشترطت أن يكون المترجم مقيماً في الإمارات وأن تكون الترجمة وجها لوجه وبحضورنا معا، وأنا حريصة على إيصال المضامين والعادات والتقاليد وتعاليم الدين إلى الآخر وبناء جسر من الحوار الحضاري المشترك الذي لابد منه.

* ما الذي تحقق لك من نشر هذه الرواية؟

ـ كانت الرواية منفذاً لي لكتابة الرسالة والقصة والقصيدة والتحليل والتأمل في بعض المواقف، كما تمكنت من تضمينها أفكاري وأن أجمع فيها آرائي وأوصلها للمتلقي لقراءتها والاستمتاع والاستفادة بها إن أمكن.

حوار: فاطمة محمد الهديدي

Email