الجزائريون يودِّعون الكاتب جاك شاربي

الجزائريون يودِّعون الكاتب جاك شاربي

ت + ت - الحجم الطبيعي

وقف جمع غفير من مجاهدي ثورة الجزائر، يتقدمهم المحامي علي هارون المسؤول السابق في قيادة الثورة على التراب الفرنسي، أول من أمس أمام نصب تذكاري يخلد المناضلين الأجانب الذين خاضوا حرب الاستقلال إلى جانب الجزائريين تحت لواء جبهة التحرير الوطني بين 1954 و1962.

وتقدم خمسة منهم فوضعوا أكاليل من الزهور على النصب التذكاري القائم بوسط العاصمة الجزائر ترحما على الممثل والمخرج والكاتب الفرنسي جاك شاربي الذي توفي في الرابع من يناير الجاري عن عمر ناهز 76 عاما. وجرى حديث بين الحاضرين تناول مناقب هذا المثقف الفرنسي الذي خاطر بحياته.

وهو في عز الشباب وفي قمة الشهرة فانضم إلى حركة آمن بعدالة قضيتها وإن كانت قد حملت السلاح ضد بلاده. فقدكان جاك شاربي ممثلا معروفا في المسرح والسينما واشتغل أيضا للتلفزيون الفرنسي... كان نجما صاعدا في مجال التمثيل لكن تلك الثورة جعلت منه أيضا مقاوما وكاتبا ومخرجا.

ففي عام 1958 وبينما كان وهج ثورة الجزائر قد بلغ كل العالم انضم شاربي إلى شبكة واسعة في أوروبا من مناضلين حقوقيين ومعارضين للاستعمار تدعم الثورة وتتشكل خاصة من مثقفين ونقابيين ويساريين فرنسيين وألمان وسويسريين وغيرهم.

وتسمى شبكة «جونسون» ثم شبكة « كوريال» ويطلق عليها الجزائريون عادة اسم « حملة الحقائب» كونها تعمل في نقل الوثائق والأسلحة والأموال بين خلايا جبهة التحرير الجزائرية في أوروبا مستخدمة الحقائب.

ويعرف عن جاك شاربي أنه كان من أنشط عناصر تلك الشبكة ما جعل البوليس الفرنسي ينتبه لنشاطه فاعتقل عام 1960 واتهم بالتآمر على أمن فرنسا ومساندة المتمردين في الجزائر لكنه تمكن من الفرار مستغلا فترة علاج من مرض أصابه وهو في السجن.

وبعد الاستقلال أخرج فيلم « سلام فتي» يروي بداية الدولة الجزائرية وآثار الحرب على أطفال الشهداء وعامة الشعب نال به عام 1969 جائزة أحسن فيلم في « السينما الفتية» من مهرجان موسكو السينمائي.

وألّف شاربي كتبا عديدة منها « الجزائر في أسر» و« أطفال الجزائر» وكانت كتبه ممنوعة من التوزيع في فرنسا كونها تكشف جرائم الاستعمار وتدينها.

وفي 2003 أصدر « حاملو الأمل» عن مطبوعات « لاديكوفارت» بفرنسا وكان عبارة عن شهادات من أوروبيين وضعوا أنفسهم تحت تصرف الثورة الجزائرية وساهموا فيها بقدر استطاعتهم.

ومع أن ما قدمه هؤلاء كان دعما قويا وحاسما للثورة في بعض الحالات إلا أن جاك شاربي قال وبتواضع نادر في آخر أيامه« أعتقد أننا لم نفعل غير أشياء بسيطة ومتواضعة بعيدة عن جحيم الحرب ورعبها اليومي... كنا مندفعين لإنجاز مهام فرضت نفسها على الواقع ليس إلا».

الجزائر ـ مراد الطرابلسي:

Email