اشراقات

الرواية في الخليج

ت + ت - الحجم الطبيعي

بداية، تثير صياغة العنوان بـ «الرواية الخليجية» أو «الرواية في الخليج» العديد من الأسئلة حول إذا كان الحديث عن «رواية عربية» يفرض وحدة وتماثلا بين النصوص المكتوبة على امتداد جغرافية الوطن العربي، مما يعني غياب الخصوصية القطرية..

.أو أسئلة عن وجود رواية في الخليج لكنها لم تتبلور لتحقق تسميتها، كما نقول عن وجود رواية مغاربية مثلا.. أو أسئلة عن استقلالية النص الروائي بين بلد وآخر رغم القرب الجغرافي والتماس التاريخي والتشارك اللغوي..؟

بالعودة إلى المراحل التاريخية التي مرت بها الرواية العربية، ورصد لمنتوج هذا الجنس عبر الأقطار العربية، سنجد أن هناك الكثير من السمات المشتركة، بحكم تقارب الشروط الاجتماعية والسياسية، كمقاومة الاستعمار.

والسعي إلى تأسيس دولة وطنية، وانجاز مشروع التحديث، وغيرها من الشروط. وبحكم اللغة المشتركة التي تتيح قراءة النصوص دون ترجمة..

. ومع كل هذا هناك عناصر تاريخية وجغرافية وأثنية.. توجد فروقا واضحة تنعكس على كيان كل قطر من الأقطار العربية، تستدعي مراعاة عنصري الاختلاف والتنوع.

ويظهر ذلك في متن الرواية كحامل لبصمات تلك الفروق، لكن حصيلة الانجازات النصية الروائية تكون داخل لغة عربية فصحى متحولة ومتفاعلة مع مقتضيات التعبير عن العلاقات الاجتماعية والسلوكيات.

وتبدلات الشخصيات وحركتها والفضاءات والأجواء المحيطة بها.... الخ.. وهذا المشترك يجعل الرواية العربية مهيأة لرصد تجربة مجتمعاتها المتصلة بالنهضة والتحديث والصراعات السياسية والفكرية والدينية والايديولوجية..

. لا من منظور الانعكاس أو المحاكاة أو التطابق، وإنما انطلاقا من «استقلالية» النص الروائي وإمكاناته في تشخيص وترميز الواقع المعقد والمتشابك والمتبدل أيضا.

مما سبق يمكننا القول إن سياق تكون الرواية في الخليج مطبوع أيضا بالشروط العامة نفسها الكامنة وراء بدايات الرواية في الساحة الأدبية العربية الحديثة.

وإن كان يصعب تحديد بدايات لتشكل خطاب فني معين، لأن هناك دوما صعوبات في تراكمات النضوج، و إرهاصات في آلية التبلور من جهة، وإشكاليات في المتح من المنابع الشفوية والتراثية والمراجع الشعبية، والروايات المترجمة من جهة ثانية.

. إلا أن مرحلة البدايات باتت واضحة المعالم في كل الأقطار العربية، رغم وجود ظاهرة التفاوت الزمني، كظهور الرواية في بلاد الشام ومصر مثلا، قبل ظهورها في المغرب واليمن والخليج...

وهذا لا يعني بالضرورة إحالة إشكاليات البداية إلى التفاوت الزمني، فبدايات الرواية في موريتانيا جاءت على مستوى من النضج والفنية لا يقلاّ عن التجارب المبكرة في الوطن العربي... فماذا عن الرواية في الخليج ؟ أو ماذا عن الرواية الخليجية ؟ الأسئلة مشرعة للبحث..

يقول الشاعر العماني سيف الرحبي في أحد حواراته : «لا تزال الرواية في الخليج بصورة عامة في مؤخرة الركب الإبداعي لكن تظل هناك استثناءات، فهناك أسماء معينة لكتاب أو كاتبات، استطاعوا أن يوصلوا صوتا طليعيا في المجال الروائي لكن ليس بالاتساع الذي نتكلم عبره عن رواية خليجية مثلا.

لا أعرف هل ان المدينة الخليجية، بايقاعها الحياتي والنفسي الذي نرى ونشاهد، لا يمكن أن تخلق رواية كما هي في القاهرة أو كما هي في دمشق وبغداد، لافتقارها للبعد التاريخي، لتراكم المكان وتراكم الحداثات الجديدة على صعيد بنية المدينة وأنماطها السلوكية والحياتية».

abohamed88@hotmail.com

Email