جونكانو يصبغ الباهاما ببهاء الألوان والموسيقى

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 4 صفر 1424 هـ الموافق 6 ابريل 2003 «لقد حانت لحظة الاحتفال، وجاءت الوجوه الغريبة من المدن والقرى البعيدة لتتوحد في جونكانو» وحتى تكتمل روعة زيارة جزر الباهاما لابد للسائح ، من ان يشهد هذا المهرجان الفني الذي يجسد ثقافة سكان تلك الجزر رائعة الجمال. والجونكانو هو مهرجان الحيوية والاستعراضات الملونة والرقص على ايقاعات الطبول والاجراس والصفارات ويتم تنظيمه مرتين في العام. وبرغم تشابه مهرجان جونكانو بكرنفالات ريو في البرازيل ومهرجان ماردي جراس في ولاية نيواورليانز الاميركية، الا انه يختلف عنهما في العديد من الجوانب التي تجعله فريداً من نوعه، ويتم تقسيم المشاركين في مجموعات تتكون الواحدة منها من ألف راقص وراقصة وموسيقي وهم يرتدون الملابس الملونة ولكل مجموعة من هذه المجموعات الفكرة الخاصة بها والتي يتعين ان تنسجم معها الازياء والرقصات والموسيقى وفي نهاية المهرجان يقوم الحكام بتوزيع جوائز نقدية لأفضل مجموعة في العزف الموسيقى وافضل مجموعة في الأزياء وافضل مجموعة عرض. وبالرغم من غياب تعريف دقيق لكلمة جونكانو، الا ان البعض يعتقد انها مشتقة من «جون كانوي» وهو زعيم قبيلة افريقية كان شديد الاصرار على السماح له ورجاله باقامة الاحتفالات بعد ان تم جلبهم كرقيق في منطقة الويست انديز، كما يقول البعض الآخر انها مشتقة من عبارة باللغة الفرنسية تعني «الوجوه المجهولة» وتشير الى اشخاص يضعون اقنعة على وجوههم بطريقة لا تكشف عن ملامحهم وقد تعود جذور هذا المهرجان الى غرب افريقيا، بالرغم من ان بعض المناطق التي راجت فيها تجارة الرقيق مثل جامايكا وبرمودا تمارس طقوس الجونكانو الخاصة بها. وقد تعود البدايات الاولى لهذا المهرجان الملون الى القرن السادس عشر حيث كان العبيد في الباهاما يحتفلون به خلال احتفالات اعياد ميلاد المسيح حيث كانوا يمنحون اجازة قصيرة لزيارة عائلاتهم والاحتفاء بهذه المناسبات بالموسيقى والرقص وهم اقنعة مخيفة ويسيرون وسيقانهم مربوطة بعصى طويلة. وبعد ان تم حظر تجارة الرقيق تعرض الجونكانو لنكسة شديدة كادت تؤدي الى اندثاره لولا تواجد عدد قليل من سكان الجزر الذين واصلوا اقامته حتى تحول اليوم الى مهرجان للمرح والموسيقى يقام في السادس والعشرين من شهر ديسمبر من كل عام بالتزامن مع اعياد الميلاد، والأول من يناير من كل عام ويتواصل منذ الثانية بعد الظهر الى صباح اليوم التالي. ويعتبر الاحتفال مناسبة اجتماعية هامة يشارك فيها جميع السكان وتتجمع العائلات والاصدقاء والجيران في مجموعات تتكون الواحدة منها من ألف شخص يسيرون جنباً الى جنب خلال العرض وهم يرتدون الملابس الزاهية ونظراً لاحتدام شدة المنافسة تقوم كل مجموعة باختيار الفكرة الخاصة بها وتحيطها بالسرية التامة حتى يوم الاحتفال وعادة ما تستغرق المجموعات شهوراً طويلة وهم يعدون للمناسبة في معسكرات خاصة يطلقون عليها اسم «شاك» ويتدرب الراقصون على مختلف انواع الرقصات والموسيقيون على العزف وينهمك الخياطون في اعداد الازياء. ورافق التطور الذي حدث في تقاليد الجونكانو تطور واضح في الازياء ايضاً، وبعد ان كان العارضون يستخدمون الاسفنج واوراق الشجر وقصاصات الورق في اعداد الملابس، اصبحوا اليوم يستخدمون الورق الشفاف والمنسوجات والكرتون او الخشب وتتكون الازياء عادة من غطاء للرأس والكتفين وتنورة فضفاضة وملونة تنسجم مع الفكرة التي يمكن ان تكون معاصرة او تحمل بعض المضامين التاريخية ويتم التخلص من هذه الازياء بعد المهرجان مباشرة، الا تلك التي نالت الجائزة النقدية والتي يتم عرضها في متحف جونكانو بمدينة ناسو. وتشكل الموسيقى عنصراً بالغ الأهمية في المهرجان وتوفر ايقاعات الطبول والاجراس والصفارات التي تصاحبها موسيقى الآلات النحاسية جواً من البهجة والمرح يصعب الانفصال عنه او مقاومة التمايل معه، وبعد ان كان العبيد يصنعون الآلات الموسيقية من النفايات والزجاجات الفارغة وحاويات الأطعمة والحديد الخردة، لا يجد الموسيقيون المعاصرون اي حرج في تقليد أساليب الاجداد. ويظل مهرجان جونكانو ملمحاً اساسياً في ثقافة سكان جزر الباهاما الذين ينظرون اليه كإرث تاريخي يتميز بقدسية خاصة تحتم عليهم المحافظة عليه ونشره في المناطق المجاورة. مأمون الباقر

Email