الاجهاد عند مريض السكري قد يؤدي لسلوك عدواني

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاثنين 9 ذو الحجة 1423 هـ الموافق 10 فبراير 2003 دائماً ما ينظر الى مريض داء السكري على انه من الضعف بمكان لدرجة انه ينبغي عليه العيش بمعزل عن كل المؤثرات التي قد تتداخل وتتفاعل مع جميع افراد المجتمع. قد تتفاوت تلك المؤثرات الجسدية كالتعرض للاصابات الجسدية او الامراض أوالعمليات الجراحية المختلفة او المؤثرات العقلية والنفسية كالقلق والاكتئاب. دائماً ما ننصح مرضى داء السكري بأنهم افراد اصحاء في نطاق حدود مسموح بها تلك الحدود يرسمها لهم درجة التحكم في مستوى سكر الدم عن هذه الحالة يقول الدكتور المعتز الخير أحمد من مستشفى الملك فيصل: دائماً ما يسعى الطبيب المعالج الى ايصال مريضه الى تحقيق الأهداف التالية: ـ الوصول بالمريض الى التخلص من الاعراض الحادة للمرض مثل التبول المتكرر والعطش المتزايد وجفاف الحلق والفقدان الحاد للوزن. ـ تجنب المضاعفات الحادة المزمنة مثل انخفاض الجلوكوز الحاد، او تحمض الدم الكيتوني. ـ تجنب المضاعفات المزمنة مثل: اعتلال الشبكية السكري او اعتلال الكلى السكري او اعتلالات الشرايين الصغرى او الكبرى مثل اعتلال الشرايين التاجية. ويعتبر مستوى السكر الصائم 150مجم/دسل هو حد الامان لمرضى داء السكري. ولكن هل يعني هذا ان مريض داء السكري يتساوى تماماً في تحمله للإجهاد مع الفرد غير المصاب بذلك الداء؟ الاجابة عن هذا السؤال هي لا. فمرضى داء السكري اقل قدرة على انشاء التوازن بين المؤثرات الخارجية والداخلية ومستوى سكر الدم. يعتبر الجسم ان حالة الاجهاد هي استعداد للدخول في معركة ينبغي الاعداد لها ولعل تحضير مصادر الطاقة وزيادة كميتها هو اهم تلك الاستعدادات وهذا يعني توفير المزيد من عناصر الطاقة مثل الجلوكوز والاحماض الدهنية لتكون تحت تصرف خلايا الجسم المختلفة. ويتم ذلك عن طريق افراز مجموعة من الهرمونات تسمى هرمونات الاجهاد محصلة عمل تلك الهرمونات هو رفع مستوى سكر الدم ورفع مستوى دهنيات الدم وتكسير بروتينيات الجسم لتكوين الاحماض الامينية لتكون احدى المصادر البديلة لتصنيع الجلوكوز ويتم ذلك عن طريق مجموعة من التفاعلات العصبية والهرمونية. ولكن ما هي تلك الهرمونات؟ هي مجموعة من الهرمونات يقوم الجسم بافرازها او زيادة افرازها في الأوقات التي يدخل فيها الجسم في حالة الخطر (الاجهاد). ـ الهرمون الكظري القشري الاغتذائي. ـ هرمون لكورتيزول. ـ هرمون النمو. ـ هرمون الجلايكوجين. ـ هرمون الادرينالين والنورأدرينالين. ـ محفزات الجهاز السمبثاوي. وتقوم هذه الهرمونات برفع مستوى الجلوكوز بالدم عن طريق العمليات الحيوية التالية: ـ تكسير مادة الجلايكوجين المخزنة في الكبد. تعتبر مادة الجلايكوجين هي الصورة التخزينية للجلوكوز، حيث تتركب هذه المادة من جزيئات الجلوكوز وبالتالي يزداد كم الجلوكوز المدفوع الى الدم. ـ تحفيز خلايا الكبد لتصنيع الجلوكوز من المصادر الاخرى مثل الاحماض الأمينية والأحماض الدهنية. ـ زيادة امتصاص الجلوكوز من الجهاز الهضمي. ـ زيادة فعالية مستقبلات الانسولين. ـ تحفيز مستقبلات الجهاز السمبثاوي المغذي للبنكرياس تحديداً للمستقبلات من النوع ألفا ـ 2 بوساطة مادة النورأدرينالين وتكون المحصلة الأخيرة تثبيط افراز الانسولين. وكما هو معروف ان المتسبب الأساسي لداء السكري هو نقص افراز الانسولين او انعدام افرازه كما في النوع الاول من داء السكري او قلة حساسية مستقبلات الانسولين كما في النوع الثاني من انواع داء السكري، وبناء على ذلك يتضح لنا جلياً ان قدرة مرضى داء السكري على انقاص الارتفاع في مستوى جلوكوز في حالة الاجهاد تصبح ضعيفة جداً في ظل غياب تأثير الانسولين ويتعاظم الأثر اذا كان المؤثر طويل الأمد مثل المؤثرات العقلية والنفسية. غالباً ما يؤثر الاجهاد على مريض داء السكري بواحدة من الطرق التالية: ـ يؤدي الاجهاد العقلي او النفسي الى ايصال المريض الى حالة من فقدان الاهتمام بالذات، ويبدأ المريض بترك نظامه الغذائي وانتظامه في العلاج وعدم الاهتمام بالفحوصات الدورية، وقد يصبح الامر اكثر خطورة، وذلك عندماً يبدأ المريض في ممارسة سلوك عدواني موجه نحو الذات كممارسة النشاطات الخطرة مثل قيادة السيارات بسرعة جنونية او الاكثار من تناول الكحوليات او حتى الوقوع في حفرة المخدرات، وكثيراً ما نلاحظ ذلك لدى مرضى داء السكري صغار السن في مرحلة الغضب والاكتئاب وهي احدى مراحل رد الفعل العاطفي لتشخيص داء السكري. ـ يؤدي الاجهاد الى مجموعة من ردود الفعل الداخلية تكون محصلتها زيادة مستوى الجلوكوز بالدم. الاجهاد العقلي او النفسي لدى مرضى النوع الاول: يؤدي هذا النوع من الاجهاد الى تأثير متفاوت على المرضى، فهذه الفئة قد تعاني ارتفاع مستوى السكراو انخفاضه. الاجهاد العقلي او النفسي لدى مرضى النوع الثاني: غالباً ما يؤدي هذا النوع من الإجهاد الى ارتفاع مستوى السكر. الاجهاد الجسدي لدى مرضى داء السكري من النوع الاول والثاني: يؤدي هذا النوع من الاجهاد الى ارتفاع مستوى السكر بالدم. ويتضح جلياً تأثير الاجهاد في مرضى النوع الثاني من داء السكري، وذلك لأن هذه الفئة من المرضى غالباً ما تعتمد في علاجها على الأنظمة الغذائية او الأدوية الخافضة للسكر، ويعتمد كلاهما على تكميل النقص في افراز الانسولين، وذلك اما بتقليل السعرات الحرارية المتناولة، واما بتقليل الجلوكوز المصنع داخلياً، واما بتحفيز خلايا البنكرياس لافراز مزيد من الانسولين، اما مرضى النوع الاول من داء السكري، فهذه الفئة تعتمد في علاجها على الانسولين الخارجي بغض النظر عن الانسولين الداخلي والذي تتحكم العوامل العصبية والهرمونية في افرازه. ولكن كيف يستطيع المريض او الطبيب تحديد المؤثرات العقلية او النفسية او الجسدية التي تؤدي الى ارتفاع مستوى السكر لدى المريض او المريضة؟ لعل هذا السؤال هو احد المؤشرات الحقيقية لطبيعة العلاقة بين المريض والطبيب، ويعكس مدى صدق تلك العلاقة وفعاليتها يقوم الطبيب بمناقشة المريض في الظروف المحيطة به بكل صراحة ووضوح عند ملاحظة اي ارتفاع في مستوى الجلوكوز بالدم، ومن ثم يقوم بتحديد المسببات وتدوينها في سجل المريض مع تدوين مستوى الجلوكوز بالدم المصاحب لها، ومن ثم متابعة المريض وتقديم كل مساعدة ممكنة له لتجاوز ذلك الاجهاد ومن خلال المتابعة الدورية للمريض يمكن للمريض او المريضة وللطبيب المعالج وضع خريطة تقريبية تحدد مواقع عناصر الاجهاد الدائمة او المؤقتة وتنبيه المريض او المريضة لتجنبها. كما يمكن من خلال تلك القائمة للطبيب تحديد نوعية شخصية مريضة وتحديد قدرة مريضه على تحمل الاجهاد. كيفية التعامل مع الاجهاد: لابد لمريض داء السكر ان يتعلم ان تجنب الاجهاد النفسي او العقلي وحتى الجسدي ليس مستحيلاً. ويعتمد ذلك على قناعة المريض وقوة ايمانه بالله وثقته بمقدرته على تجاوز العقبات، ولعل من اهم عناصر النجاح انشاء علاقة ناجحة بين المريض وبجميع اعضاء الفريق الطبي المعالج، وألا يتردد المريض في استشارة الطبيب النفسي عند الحاجة الى ذلك. ولعل أقل مستويات تجنب الاجهاد وبخاصة الاجهاد العقلي او النفسي هو القناعة بأن لكل مشكلة حلاً حتى ولو كان هو تجاوز تلك المشكلة مؤقتاً لحين البحث عن حل لها، ولعل أبسط مثال لذلك هو ما قد نصادفه في حياتنا اليومية من مشكلات، مثال ذلك ما قد نواجه من ازدحام كثافة المرور في بعض الشوارع في ساعات الذروة، ولعل بعضنا لا يستطيع احتمال ذلك الانتظار وينفجر في ثورات من الغضب، لو قام ذلك الشخص بقياس مستوى الجلوكوز في دمه في تلك اللحظة لفكر مئات المرات وقام بتعدل خط سيره وان كان لمسافة اطول لتجاوز ذلك الاجهاد والمحافظة على اتزان التفاعلات الحيوية بداخله، وتزداد المشكلة تفاقماً اذا كان ذلك المؤثر طويل الأمد مثل مشكلات العمل او المشكلات الزوجية. وهناك العديد من تمارين الاسترخاء التي قد تساعد مرضى داء السكري قد تجاوز تأثيرات الاجهاد تعتمد فكرة تلك التمرينات. ـ ابعاد ذهن المريض عن المسبب للاجهاد، وذلك بتركيز ذهنه على نشاط جسدي مثل التنفس العميق او شد عضلات الجسم ثم ارخاء تلك العضلات. ـ القيام بتمرينات عضلية كشد العضلات وارخائها او هز اعضاء الجسم المختلفة. لعل النشاط العضلي او ما يسمى بالنشاط الحركي هو احد مكونات خطة العلاج لمرضى داء السكري وتقوم فكرة هذا الشق من العلاج على ان النشاط العضلي يقوم بزيادة الجلوكوز الداخل الى خلايا العضلات وزيادة حساسية الخلايا العضلية للانسولين ويتم ذلك غالباً عن طريق تحفيز ناقلات الجلوكوز غير المعتمد على الانسولين وبالتالي زيادة كمية الجلوكوز الداخلية الى الخلايا العضلية، ويستمر هذا التأثير لساعات عدة و بالتالي تقليل كمية الجلوكوز الموجودة بالدم. وتعتبر المقدرة على التخلص من عوامل الاجهاد احدى المهارات التي تتطلب التمرين المستمر حتى يعتادها المريض ويستطيع الاستفادة منها

Email