كائنات X حكايات ـ القطط.. ماض مؤلم ومستقبل متذبذب ! ـ بقلم: سامي الريامي

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 5 رمضان 1423 هـ الموافق 10 نوفمبر 2002 من المعروف أن أصوات الحيوانات تعبر عن لغة معينة تفهمها وتتبادلها كما يستخدم الانسان الكلام واللغة غير انه بعد مرور نحو خمسة آلاف عام على تعايش الانسان مع القطط اتضح أن مواءها لا يعبر عن لغة معينة لكنها تستطيع أن تحصل على ما تريده من الانسان. ويعتبر البعض أن القطط استطاعت أن تطور مهارتها بشكل يجعلها تؤثر في الانسان لتحصل على ما تريده خاصة الطعام والمأوى والتأثير العاطفي في الانسان رغم أن مواءها كما يرون لا يعبر أبدا عن لغة مفهومة! ومن هنا نجد تعلق بعض البشر بالقطط بشكل جنوني يجعلهم يفضلونها في بعض الأحيان حتى على أبنائهم فهم يرون أن هذه المخلوقات تفهم وتعي وتطيع كما انهم بدأوا يفهمونها بشكل كامل ويتعاملون معها بالضبط كما يتعاملون مع الأطفال! ومع أن العلماء يصرون على أن القطط لا تفهم معنى موائها و الانسان هو الذي بدأ يفهم تنويعها في المواء حسب حاجتها الا أن هناك من يؤكد بأن القطط قد تهيأ لها من الحروف العدد الكثير ويدللون على ذلك قائلين: من أراد أن يعرف ذلك فعليه أن يستمع الى تجاوب القطط وتوعد بعضها لبعض في جوف الليل ثم يقوم باحصاء ما سمع وتتبعه والتوقف عنده فانه سيرى من عدد الحروف ما اذا كان بها من العقول لاستطاعت أن تشكل لغة صالحة الموضع! الانسان بدوره انقسم في التعامل مع هذه المخلوقات الى فريقين الأول ألفها وعشقها وتعايش معها أما الفريق الثاني فقد عشق شيئا واحدا فيها وهو طعم لحمها ®. ووصل الأمر عند الفريق الأول الى حب القطط الى حد الجنون خاصة أنها تتشابه مع الانسان في العديد من الأشياء فهي تعطس وتتثاءب وتتمطى وتغسل وجهها وعينيها بلعابها وتلطع الهرة وبر جلد ولدها بعد الكبر ووبر الصغر حتى يصبح وكأن الدهان يسري في جلده! هذا العشق للقطط دفع سكان مدينة (كوتشينغ) الماليزية الذين يبلغ عددهم 450 ألف نسمة يولعون بهذا الحيوان الى انشاء التماثيل والمنحوتات الضخمة لقطط لطيفة الشكل تنتشر في دوارات الشوارع الرئيسية وساحات الأماكن العامة. الأكثر من ذلك أن اسم المدينه يعني باللغة المالاوية المحلية (القطة) وهي تعتمد في ذلك على جذب السياح خاصة في ذلك المبنى الغريب الذي يعرف بمتحف القطط وهو متحف فريد من نوعه وهو أول متحف في العالم يكرس للسنوريات من الحيوانات حيث يحتوي على مجموعة رائعة من القطط تشمل أكثر من 2000 قطة من التماثيل والصور والألعاب وأعمال النحت والطوابع التي تبهر الزائر اضافة الى قسم خاص مكرس للقط جارفيد من الرسوم المتحركة وقطط مصرية محنطة. ويفضل السياح والزوار خاصة من النساء والأطفال والذين يبلغ عددهم 380 ألف زائر سنويا زيارة المتحف لأنهم يجدون القطط ظريفة جدا. ويستعد المتحف الى تنظيم مهرجان للمواء يحتضن من خلاله عدة فعاليات مثل معرض لجمال القطط ومسابقة لرسمها ومنافسة للمواء. ومن علامات العشق أيضا للقطط ذلك العطر الجديد الذي طرحته احدى الشركات الأميركية وخصصته للبشر والقطط معا والعطر الجديد يمزج بين زهور الياسمين والماجنوليا والفريزية واليوسفي وكذلك البرجموت وخشب الأرز والصندل ونبات الونيلية الاميركي الأستوائي مع مسحة من زيت أوراق الزيتون الذي تشمه القطط بأنوفها الحساسة بينما لا يستطيع الانسان ذلك. والشركة التي ابتكرت هذا العطر المصمم للبشر والقطط معا أجرت اختبارات مكثفة في المعامل من جانب أطباء بيطريين وخبراء تجميل وذلك بهدف زيادة انسجام الانسان مع حيوانه الأليف كما تدعي الشركة. ولم يكتف محبو القطط بهذا الحد ففي بريطانيا تم توجيه أول دعاية بشكل مباشر للقطط وذلك من أجل الاشادة بمزايا غذاء مخصص لها عرضت في التلفزيون وتضمن الفيلم اشارات سمعية وبصرية مثل زقزقة العصافير وصور أسماك وفئران لجذب هذا الحيوان. وفي سابقة أخرى عرضت محطة التلفزيون الروسية العامة عام 1999 أول فيلم مخصص للقطط تبلغ مدته 40 ثانية. ويحتوي الفيلم الذي أنتجه خبراء بريطانيون مزيجا من الأصوات والألوان تدركها القطط ويعجز عن فهمها الأنسان ®. وأشارت استطلاعات الراي أن 60% من القطط تجاوبت مع الفيلم لدى عرضه في بريطانيا وفرنسا واميركا فقد أدارت رؤوسها وحركت أذنيها وراحت تتأمل شاشة التلفزيون بتمعن حتى انها حاولت لمسها. أما الفريق الثاني من البشر فانهم يحبون شيئا واحدا في القطط وهو أكل لحمها فهم يستطيبون طعمها ومنهم من يزعم أن أكل لحم القط الأسود يمنع عنهم عمل السحر! وفي تايلاند أعدت الحكومة مشروع قانون يمنع أكل لحوم القطط وبيعها وجاء ذلك بعد أن هددت بعض الدول بحظر استيراد الجلود من تايلاند ما لم تمنع أكل لحوم القطط. وواجهت فيتنام كارثة ضخمة بسبب تناقص أعداد القطط التي يفضل السكان التهامها ، مما أدى الى تكاثر أعداد الجرذان بشكل غير طبيعي وأدى ذلك الى خسائر تصل الى عشرات الملايين من الدولارات سنويا في مجال زراعة الأرز التي تعتبر فيتنام ثاني مصدر للأرز عالميا. وأمرت الحكومة باغلاق كافة المطاعم التي تقدم القطط والثعابين الأعداء الطبيعيين للجرذان كما قامت السلطات المحلية بتشجيع الفلاحين على تربيتها الا أن هذه الحملات لم تترك أثرا يذكر على ما يبدو. وفي ذلك يقول أحد المزارعين طالما أن القطط تقدم في المطاعم ستظل الجرذان ترقص في حقولنا.. ورفع البعض شعار كلوا الجرذان بعد أن التهمتم القطط لانقاذ المحاصيل الزراعية! اذن القطط مستقبلها متذبذب بين من يعشقها ومن يعشق لحمها بينما كانت تمتلك تاريخا وماضيا غير عادي ومؤلم أيضا ليس لأنها كانت تقدس كآلهة فحسب بل لأنها اضطهدت واعتبرت كائنا سحريا في العصور القديمة. ورغم الماضي والمستقبل ظلت القطط تعيش قرب الانسان طوال عدة قرون وخدمته باخلاص حتى عندما كانت حرة طليقة أو نصف متوحشة. ووفقا للاحصاءات التقريبية فانه يعيش على الأرض حوالي 500 مليون قطة تتميز بألوان مختلفة الا انه لا يمكن التنبوء بأعدادها مستقبلا خاصة مع وجود فئات لا تحب فيها سوى طعم لحمها!

Email