غسان جبري: أتحايل على الرقابة لملامسة همومي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر المخرج السوري غسان جبري واحداً من الجيل الأول الذي أسس للدراما السورية وساهم في تكوين ملامحها وتطويرها فقد بلغ رصيده الاخراجي، حتى الآن ما يزيد على أربعين مسلسلاً وهو ما جعله مواكباً لمسيرة هذه الدراما وعارفاً بواقعها وانجازاتها وخصوصيتها ولذلك فإن الحوار معه يعني الدخول في فضاء هذه التجربة واكتشاف حدودها ومعرفة توجهاتها. وفي هذا اللقاء محاولة للتعرف إلى آرائه في هذه التجربة عموماً وفي تجربته بشكل خاص. سألناه بداية: ـ تتهم الدراما السورية انها في جزء منها ما زالت اسيرة المعالجات الفكرية التي تكرس السائد، فأين تقع أعمالك ضمن هذا التوصيف؟ ـ العمل الدرامي يجمع في قصته بين الخيال والواقعي وهو ذاكرة معممة تضطر الى خدمة السائد. ففي الوطن العربي لا توجد محطات خاصة الا في لبنان ولذلك يضطر اي انسان مخرج لأن يخضع لشروط المنتج قطاعا عاما كان أو خاصاً. ـ يطغى على أعمالكم الحوار الدرامي الذي يكون على حساب العناصر المشهدية الأخرى فماذا تقول؟ ـ ليس هناك تحديد لنسبة الحوار الى الصورة في العالم البصري والمعروف ان المخرج عندما يخرج مسلسلاً ينطلق من معرفة انه ينتج لأمة نسبة الأمية فيها تتجاوز 70% وقد لاحظت ان العمل عندما يحتوي على ألغاز أو ترميز فإن المشاهد يرتبك ويصبح هناك انحراف عن الهدف الدرامي.لقد استعار التلفزيون الوسائل البصرية الا انه اعتمد على اللقطة القريبة ذات الصوت سواء تكلم الممثل أم لم يتكلم وأنا أحب الحوار لأن التلفزيون أقرب الى المسرح منه الى السينما والعمل الذي يحمل الكلمة الصافية المؤداة بإخلاص يصل الى قلوب الناس وقد جربت اللغة الفصحى واللهجات العامية والفصحى وحاولت فيها جميعاً ان اصل الى قلوب الناس فالحوار اقرب الى المشاهد التلفزيوني. ـ يلاحظ ابتعادك عن الاعمال الكوميدية فما هو سبب هذا الابتعاد؟ ـ لا يمكن ان ابتعد عنها ان كانت تنتسب الى كوميديا الموقف. هناك داخل العمل الدرامي نوع من المداعبات اللطيفة التي تنأى بالمشاهد عن اجواء الكآبة ومع ذلك فأنا من انصار اللوحة الجادة والشعر الجاد والموسيقى الجادة ولا استطيع ان احول الفنانين الى مهرجين كي يضحكوا الناس. لقد قدم بعض الزملاء تجارب كوميدية مقبولة وفي مقدمتها الفنانة امل عرفة التي خلقت التشويق وعملت على نبش خفايا الحياة الاجتماعية من خلال كوميديا راقية. ـ أعلنتم في حديث سابق ان اعمال الفانتازيا التاريخية تشهد تراجعاً مع ما تحمله من عناصر الصدمة التي تخلقها عند المشاهد ألا ترى انك في هذا القول تنطلق من موقف مسبق من هذا الشكل الفني؟ ـ التلفزيون هو ضيف قادم اليك وهذا الضيف اذا كان ثقيلاً فماذا تفعل معه. كيف تستطيع ان تجلس مع أولادك وأسرتك وتتفرج على مشهد لا ترتاح إليه «إن للصورة صوتاً وهذا الصوت عندما يكون مرتفعاً يجرح أحاسيس الموجودين ولذلك فإن على التلفزيون ان يبحث عن النبل في الانسان وعن المثل والقيم العليا وأنا لا أريد ان أقدم صورة قبيحة لاستجداء متابعة المشاهدة». انني اعيش في منطقة من اكثر مناطق العالم اضطراباً فكيف يمكن للدراما ان تبتعد عن معالجة الجذور التي خلقت هذه الاضطرابات وتهرب من مواجهة الحقيقة الى الخروج من الزمان والمكان معاً. ـ برأيك هل ستصبح الاعمال الدرامية العربية المشتركة هي السائدة وما هي مميزات هذه الاعمال المشتركة؟ ـ الاعمال الدرامية المشتركة حلم وقد سبق وقمت ببعض الاعمال المشتركة في عمان وقطر والكويت وعناصر النجاح في هذه الاعمال تتمثل في النص الجيد والنصوص التي قدمت في هذه الاعمال هي نصوص جيدة كما انها تساهم في تلاقح خبرات الفنانين اضافة الى انها تخلق حالة من التنافس الايجابي ففي قطر اخرجت عمل «علاء الدين أبو الشامات» وهو عمل مستوحى من حكايات «ألف ليلة وليلة» وشارك فيها فنانون سوريون وأردنيون وقطريون ومن البحرين والعراق. ـ يكثر الحديث عن المنافسة بين الدراما السورية والدراما المصرية فما حكاية هذه المنافسة؟ ـ من المعروف ان مصر استطاعت ان تفرض ريادتها الثقافية عبر الدراما على الوطن العربي وبتدخل ايجابي من قبل الدولة سواء من خلال الموازنات المالية الضخمة او الانتاج الكبير والمدن السينمائية او البنية التحتية وقد ضمن ذلك استمرارية الانتاج المصري في جميع المجالات. أما في سوريا فإننا نعيش موضة كما حدث في موضة الفنتازيا عندما تورط عدد من الزملاء بتقليد أسلوبية نجدت انزور العصرية كما اننا نعيش موضة «دراما التاريخ» مع العلم ان الكلفة الانتاجية لهذه الاعمال متواضعة مثل مسلسل «الزير سالم»

Email