شرق وغرب ـ أسرار الأيام الأخيرة للملك هيرودوس ترى النور

ت + ت - الحجم الطبيعي

مسكين الملك هيرودوس، بالتأكيد، كان هيرودوس سفاحاً وطاغية ثائراً خائفاً موسوساً، ولكنه في النهاية حصل على ما يستحق. وحسب أحد خبراء التحقيقات الطبية الذي عرض استنتاجاته خلال مؤتمر عقد في بالتيمور بالولايات المتحدة مؤخراً، مات ملك يهوذا، وهو الذي جاء في التاريخ انه حاول قتل الطفل المسيح، ميتة مؤلمة بمرض في الكلى الذي تفاقم وسبب الغرغرينا. وقال الدكتور فيليب ماكوفياك، مدير مؤتمر السريريات التاريخية الذي عقد في معهد طب جامعة ماريلاند: «انها طريقة موت سيئة جدا». خلال جلسات المؤتمر يطبق الاطباء مهاراتهم التشخيصية على الشخصيات التاريخية الذين لا تتوفر تفسيرات مقنعة عن موتهم، وكانت مؤتمرات سابقة استنتجت ان السعار «داء الكلب» قتل الروائي ادجار الن بو وان الامبراطور الروماني كلاوديوس مات بسبب أكله الفطر السام. ويعتبر ماكوفياك، مدير العناية الطبية في المؤسسة الصحية لقدامى المحاربين في ماريلاند المؤتمر طريقة للخروج من انطوائية وحصرية الدراسة الطبية بضم النواحي التاريخية والأدبية والفنية إليها. قبل موته في السنة الرابعة قبل الميلاد، أصيب «ملك يهوذا» بمجموعة من الأعراض كالحكة الشديدة والمشاكل المعوية المؤلمة وانحباس الانفاس والحمى وتورم القدمين والتشنج في كل أطرافه، وفي النهاية بالغرغرينا. وقد عثر بيتر ريتشاردسون، أستاذ الديانات في جامعة تورنتو على وصف لأمراض هيرودوس في كتابات المؤرخ فلافيوس جوزيفوس الذي عاش في القرن الأول، وقال ريتشاردسون ان جوزيفوس اقتبس روايته من كتابات مؤرخ بلاط هيرودوس التي فقدت لاحقاً. وقال الدكتور جان هيرشمان من مدرسة الطب في جامعة واشنطن الذي راجع تاريخية مرض هيرودوس ان «غرغرينا فورنيه» هي التي قتلت هيرودوس على الأرجح، في غضون أسبوع واحد. والحكة الشديدة هي التي حفزت هيرشمان على استنتاج ان هيرودوس عانى من مرضى الكلى، وليس حبوط الكبد أو مرض هودجكين أو مشاكل الغدة الدرقية. والحكة هي من التفسيرات المحتملة أيضاً لحدوث الغرغرينا والأرجح انها أرغمت هيرودوس على حك جلده مسبباً خدوشاً فتحت الطريق أمام دخول الجراثيم المعدية. وكثيرون تكهنوا ان هيرودوس كان مصاباً بالسيلان، إلا ان هيرشمان قال انه ليس هناك أي دليل يدعم هذا التشخيص، وقال ماكوفياك ان دحض مثل هذه النظريات الدارجة هو هدف التحقيق السريري المحثث لموت هيرودوس. وأضاف ماكوفياك: هيرودوس مكروه من الكثيرين على امتداد التاريخ، ولعل ذلك يدعوك إلى النظر إلى مرضه وتعتبره على سبيل المثال مرضاً زهرياً للانتقام منه للأشياء التي ارتكبها عندما كان على قيد الحياة. وقد يوفر مرض الكلى أيضاً تفسيرا طبيا لبعض الأعمال الوحشية التي قام بها هيرودوس بما في ذلك اعدام عدد من أقاربه، ويمكن ان ينتج مرض عقلي عن تراكم النفايات في جسمه. وقال هيرشمان: لقد تعرض لبعض التغييرات العقلية كالاكتئاب ومحاولة الانتحار والاصابة بالبارانويا (الوسواس والخوف) مما حمله على اصدار أوامره بإعدام العديد من الأشخاص، وقد يكون كل ذلك جزءًا من المرض، أو قد يكون امتداداً لما كان عليه في السابق.

Email