ليلى فوزي حكاية العمر.. لم أرث من أنور وجدي مليماً واحداً .. و«الضرائب» تلاحقني! ـ الحلقة السادسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما انهارت ليلى فوزي عقب وفاة أنور وجدي في مايو 1955 واعتزلت الفن عامين. كان لابد من الإجابة على تساؤل هام. لماذا لم يحدث ذلك عقب فشل زواجها من عزيز عثمان رغم انه دام أعواماً عديدة وفيما انهارت عقب 8 أشهر زواج من أنور وجدي الذي توفي بشكل درامي في ريعان شبابه ؟! والإجابة على هذا السؤال تكشف سر شخصية ليلى فوزي وحياتها وشهرتها ونجوميتها في آن واحد. فهذه الفنانة التي تعلقت بالفن وهي طفلة لم تصل للنضج ولا تعرف معنى التمثيل، لابد من وجود شيء كان يحرّكها نحو طموح احتفظت به لنفسها، وقد يبدو هذا بديهيا لأن ليلى فوزي عندما سألتها عن سبب رغبتها في التمثيل قالت: لم أرد أن أكون ممثلة في البداية.. إنما المحيطين بي رأوا في نجمة سينمائية وسعوا لذلك وملأوا رأسي بهذا.. وأنا لم أكن أفهم شيئا.. لذا تعلقت بالتمثيل وبنجومه. وينبغي الالتفات بتركيز لكلام المخرج محمد كريم عن ليلى فوزي ففي نهاية الأربعينات تحدث عن الوجوه الجديدة التي أكتشفها فقال عن ليلى فوزي : في عام 1942 قدمها لي الريجسير ـ قاسم وجدي.. ووجدتها في سذاجة الطفولة ورقتها، وتمتاز بطابع يختلف عن طابع غيرها من المبتدئات.. وكان أن عهدت إليها بدورها في فيلم «ممنوع الحب» فكانت عند حسن ظني. هذه الطفلة الجميلة والساذجة هل ظلمت بدخولها مجال التمثيل في هذا العمر؟ وهل التربية الأرستقراطية المتزمتة ساهمت في ولوجها الفن لتنال مزيداً من الحرية؟ هذه تساؤلات ربما يشفى غليلها أحاديث ليلى فوزي عن الحب في حياتها وبحثها عنه وهي تقول عنه :وأنا طفلة في المدرسة كنت أشعر بأنني متميزة عن الآخرين وكان قلبي يدق ولم أكن أعرف معنى هذا.. ربما كان حباً مبكراً لكنه عشوائي ليست له طرق أو ممرات. وفي مراهقتها كانت جميلة وجذابة وتقول :كنا نتعرض كثيرا للمعاكسات من الشباب ولكنها كانت بذوق وأدب ليس كهذه الأيام : كانوا يحاولون محادثتنا. وكنا نتقل عليهم ولم تكن لدينا الجرأة على الوقوف بالشارع. وتؤكد ليلى فوزي أن المحيطين بها دفعوها لحب الفن بلا وعي وتقول :عندما دخلت الفن.. ورغم مراقبة والدي اللصيقة لي كانت أحاديث الحب تتناثر حولي من الجميع.. ربّما كان أكثرهم جرأة أنور وجدي الذي طلب يدي عام 1944 ورفض والدي.. وفي العام التالي دخلت تصوير فيلم «جمال ودلال» مع المخرج استيفان روستي وأمام فريد الأطرش وعبد السلام النابلسي وزينات صدقي وشكوكو. وكنت متأثرة بمشاهد الحب والغرام التي أقدمها في الأفلام. وعندما اقتربت من فريد الأطرش بدأ قلبي يدق.. وربما تخيلت أنه الحب. وكانت هناك مشاعر قريبة من هذا لدى فريد الأطرش. ولكن والدي عالج الموضوع بذكاء لأنه يعرف أنني صغيرة السن ولم أنضج فرفض طلب فريد الأطرش بالزواج مني. وأنا نسيت الموضوع سريعا عقب الفيلم كأن شيئا لم يكن.. لكني بدأت أحس بالمشاعر التي تغزو كل فتاة مراهقة.. اذ يجب أن أحب وأتزوج كالأخريات وأن تكون لي حياتي الخاصة بعيدا عن الأسرة ولعل هذا ما دفعني للموافقة سريعا وبدون تفكير في الزواج من عزيز عثمان.. وللأسف لم أجد ذلك لدى عزيز ولكني وجدت صورة الأب نفسها مع تعديلات أكثر قسوة. كان غيوراً جداً ولديه وسواس ولذلك انتهت زيجتنا بموقفي النهائي منه وتركي المنزل. وتواصل ليلى فوزي الكشف عن خبيئة مشاعرها قائلة: ربما كان أنور وجدي أول حب حقيقي في حياتي فهو أحبني عشر سنوات. وعندما بدأ يحبني لم أكن أفهم معنى الحب.. كنت صغيرة لم أفهم نظراته ولا أحاديثه.. وعندما قابلته بعد تركي لعزيز عثمان كنت نضجت.. فشعرت به. وبصدقه معي. وأحببته ولأنه كان الحب الأول تأثرت جدا لوفاته. المؤكد أن حبها الجارف لأنور وجدي هو سبب الانهيار لحياتها واعتزالها الفن عامين. لكن إلى جوار شعلة الحب التي لم تنطفئ بوفاته.. لعبت أشياء أخرى دورا في تدميرها نفسيا. وتقول ليلى فوزي عن هذه المرحلة: أنور وجدي كان يحبني جدا. ولم يكن يرفض لي شيئا. وبسبب حبه كان غيوراً علي جدا وقال لي. سأنتج وأخرج لك فيلماً عبقرياً تلعبين بطولته وبعدها ستعتزلين وتتفرغين لي. ولكن القدر لم يمهله لتقديم هذا الفيلم. وعندما مات بدأت الشائعات والمشاكل في حياتي. أسرته سمعت أحاديث كثيرة عن ثروته فبدأت تستولي على كل شيء فأخذوا الفيلا رغم إنها باسمي. والعمارة التي تحدث الجميع عن إنها إرث لي منه والتي كانت بباب اللوق كان عليها قروض من البنك لم يسددها أنور فاشتراها صندوق الشرطة بعقد ابتدائي وظل يماطل في تسجيلها ورفع ضدنا دعوة لا تزال قائمة في المحاكم لليوم. ومعمل للتحميض تنازلت عنه لوالدته وشقيقاته. أي أنني لم آخذ قرشاً واحداً من زواجي بأنور وجدي.وبالعكس فوجئت بعدها بمصلحة الضرائب تطالبني من خلال دعوى قضائية بضريبة التركات عما ورثته من أنور وجدي. وهو أمر مضحك جدا فلجأت الى احد المحامين لإنقاذي من هذا الموقف. وتتحدث ليلى فوزي بأسى عن سنوات اعتزالها بعد وفاة أنور وجدي لعامين قائلة: أنا كنت حزينة على أنور بشكل مخيف. ارتديت ثياب الحداد ثلاثة أعوام حزناً عليه.. رغم أن أسرته سببت لي مشاكل كثيرة ورفعت علي قضايا عديدة بعضها لا يزال أمام القضاء إلى الآن. وأشيع عني أنني على علاقة بالمحامي الذي يدافع عني بهذه القضايا وأشياء كثيرة تركت انطباعاً سيئاً لديّ!! وتدافع ليلى فوزي عن نفسها قائلة :أنا مظلومة دائما من الناس.. فأنا من عائلة ميسورة الحال لم أفكر يوماً في المال.. وعندما انفصلت عن عزيز عثمان لم آخذ سوى ملابسي فقط وتركت أثاثي وكل ما امتلكه له. ولم أهتم عندما تزوجت أنور وجدي بتفاصيل المقدم والمؤخر هذه. وكان عقد القران بيني وبينه فقط في القنصلية المصرية بباريس. وعقب مشاكل أسرته معي بعد وفاته تركت لهم كل الميراث بدون أن احتفظ بأي شيء وكثيرا ما تقدم للزواج مني أثرياء، ولكني كنت أرفض لأنني مؤمنة بأني لست جارية تباع وتشترى. والخلاصة أن ليلى فوزي ظلت الفتاة الطفلة الحالمة تعيش حياة أرستقراطية لا تفكر فيها بالمال ولا الشهرة وتبحث عن الحب. ومستعدة للتمرد دائما على أي شيء قد يعوق رغباتها. فهي الطفلة التي تحايلت على والدها التاجر قوي الشخصية حتى سمح لها بالتمثيل وعندما وافقت في النهاية تمردت عليه من أجل الزواج بعزيز عثمان في قرار مفاجئ ربما باصرار مراهقة أكثر من إصرار فتاة ناضجة. وعندما امتلأ قلبها بالحب تجاه أنور وجدي أقنعت والدها بقبول هذا الزواج رغم الصورة السلبية التي يحتفظ بها لأنور وجدي على أنه صاحب علاقات نسائية متعددة لا يصلح للزواج ولا يحقق الاستقرار لابنته.. ولم يملك الأب دائما سوى أن يعود ليحتضن ابنته في كل مرة. ولم تملك أمها التركية سوى أن تشفق عليها وتحاول إعطاء الدروس لها في الحب والزواج وعندما عادت لهما منهارة عقب وفاة أنور وجدي وقفا إلى جوارها لينقذاها من الانهيار التام وتقول ليلى فوزي : أمي كانت تحبني جدا وتفضلني على أخوتي. وهي كانت ممتلئة ككل النساء الأرستقراطيات في ذلك الوقت. لكنها كانت بيضاء وجميلة وجذابة وحديثها كان مثيراً وبه عقل ورزانة. وهي كانت تصف لي الرجال دائما بأنهم مثل الأطفال يحتاجون للرعاية الكثيرة. وكانت تؤكد أن الأم لا تختار طفلها لكنها تختار زوجها ولذلك عليها أن تدقق كثيرا في اختيارها. وكانت والدتي شديدة الثقة والاعتزاز بنفسها وهي التي جعلتني أتجاوز محنة أنور وجدي وقسوتها. وتكشف للمرة الأولى فوزي عن أحد أسرارها الخاصة التي تتعلق بعدم إنجابها للآن كاشفة عن مدى الظلم الذي تعرضت له حتى في أن تكون أماً وتقول :لأنني لم أكن أحب عزيز عثمان حين كنت أحمل منه أقوم بإجهاض نفسي وحدث هذا مرات عدة. وعندما تزوجت أنور وجدي كان يريد ان يكون أباً وكذلك أنا كنت أريد أن أكون أماً لكن للأسف لم يكن قادرا على الإنجاب مني. فخلال زواجه من ليلى مراد لم ينجب منها وعندما تزوجت بعده أنجبت. وعندما تزوجت للمرة الثالثة من جلال معوض. حملت ولكن الجنين جاء خارج الرحم فقام الطبيب بإجهاضي وقرر بعدها أن أترك الأمر لله. وللأسف لم أنجب. حلقات يكتبها: محمد سليمان

Email