مقاصد السور ـ سورة الزمر

ت + ت - الحجم الطبيعي

سورة الزمر من السور المكية وعدد اياتها خمس وسبعون آية وهي السورة التاسعة والخمسون في ترتيب نزول السور، نزلت بعد سورة سبأ وقبل سورة غافر، وهذه السورة من السور التي سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ الزمر وبني اسرائيل، وسُميت سورة الزمر لوقوع لفظ «الزمر» فيها دون غيرها من سور القرآن الكريم عند قوله تعالى: «وسيق الذين اتقوا ربهم الى الجنة زمرا.. الخ» اية 72 ـ 73. وجاء في تفسير معنى «زمرا» في الاية «72»: الزمر: جمع زمرة، وهي الفوج من الناس المتبوع بفوج اخر، وانما جعلوا زمرا لاختلاف درجات كفرهم. واما المراد من الاية 73 حيث اطلق على تقدمه المتقين الى الجنة فعل السوق على طريقة المشاكلة لـ «سبق» الاول والمشاكلة من المحسنات وهي عند التحقيق من قبيل الاستعارة التي لا علاقة لها الا المشابهة الجميلة التي تحمل عليها مجانسة اللفظ، وجعلهم زمرا بحسب مراتب التقوى، وبعد هذه المقدمة الميسرة عن السورة نعود الى مقاصد اسماء السور وعلاقة الاسم بالمسمى ودلالة اسم سورة الزمر على مضمونها الذي احتوى على كلمة «الزمر» في موضعين مختلفين حيث جاء الاول وذكر حال اهل الشرك والكفر وكيفية سوقهم الى جهنم ثم جاءت الاية التي تليها وذكرت سوق المؤمنين الى الجنة وكيفية هذه الحالة وعلى ذلك دلت مقاصدها في توجيه المراد من الايات لاظهار عظمة هذا القرآن الكريم ومدى تناسق اياته وسوره كأنه عقد فريد ليس له شبيه لذلك يجد المتتبع لمعاني دلالاته الاشارية مقاصد نفسية لاغراض اياته وسوره لذا نجد في هذه السورة«الزمر» اغراض ومقاصد تدور على وجه العموم في اثبات وحدانية الله في الالهية بدلائل تفرده بإيجاد العوالم العلوية والسفلية وبتدبير نظامها وما تحتوي عليه مما لا ينكر المشركون انفراده به، والخلق العجيب في اطوار تكوين الانسان والحيوان ثم تمثيل البعث باحياء الارض بعد موتها وضرب لهم مثلا بالنوم والافاقة بعده وانه يوم الفصل بين المؤمنين والمشركين وتمثيل حال المؤمنين وحال المشركين في حياة الدنيا والاخرة وختمة السور بوصف حال يوم الحساب الذي هو الحد الفاصل للعباد من عناء الدنيا والبرزخ ويوم الحساب لذا وجب على المؤمن ان ينظر في عمق الى هذا القرآن وانه ليس كتاب تسلية او مذاكرة انما هو كتاب هداية وعظة ونحن اذ نتوجه الى اسماء السور نريد من ذلك اظهار اهمية هذه الاسماء، وانها ذات صلة عظيمة بمواضيعها فسورة الزمر اخذت اسمها من آياتها التي تحدثت عن حالة البعث والنشور لان هذه الحالة ذات اهمية ولاهميتها تجد ان القرآن الكريم ذكرها باستطراد في حالات مختلفة وباسماء مختلفة مما يدل على ان الاسم يسمو بالاسم ويدل عليه فمن هنا بدأ الترابط بين اسم السورة وعنوانها وكون علاقة متميزة لها مدلولها الذي اخذت عنوانها منه فيكون حاصل ذلك كما اشرنا في اول الموضوع ان كلمة الزمر دلت بإشاراتها الغنية عن موضوعها الذي تناول وصف حاله الناس يوم القيامة وهذا اليوم العظيم يجب ان لايغفل عنه او تناسيه لانه يوم الفصل وكل انسان سوف يعرض على الديان في هذا اليوم فيكون بذلك قد بين العليم الخبير سبحانه ووجه عباده الى العمل الصالح وانه سوف يحاسبهم على اعمالهم ليخبرهم بما عملوا ووضح لهم نوعية هذا اللقاء المهم والعظيم وذكرهم اياه بعدة طرق وكل ذلك حتى يكونوا على «استعداد للقائه ومن جهة اخرى اذا نظرنا الى مقاصد اسماء السور والى ما بين ايدينا هنا في سورة «الزمر» تجد علاقة الاسم بالمسمى واضحة الدلالة على اهمية هذا الترابط مابين العنوان والمضمون فكان الحديث عن حالة الحشر ووضحت هذه المسألة للكفار وللمؤمنين فيكون نتيجة ذلك ايداع المجرمين في العقاب وايداع الصالحين في دار الثواب، ولو نظرنا الى بداية الآية «72» عند كلمة «سيق» وقد وردت مرتين مرة للكفار ومرة للمؤمنين واما التي للكفار فكان معناها «السوق» والسوق: ان يجعل الماشي ماشيا اخر يسير امامه ويلازمه وهذا القود والسوق مشعر بالازعاج والاهانة بالنسبة الى الكفار ولكن عند المؤمنين في السوق مختلف لان الملائكة ترحب بهم وتسوقهم بلطف ولين وترحاب كأنها حالة سوق جماعي للتكريم والجزاء على ماقدموا من عمل صالح يستحقون به رضوان المولى سبحانه وتعالى. د. سيف الجابري

Email