الفنان العراقي محمد هاشم: أسعى إلى اكتشاف ذاتي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقال إنه (ليس هنالك دور كبير ودور صغير)، بل هنالك (ممثل كبير وممثل صغير) الفنان العراقي محمد هاشم آمن بهذه المقولة على ما يبدو، وسار على هديها فاختار أن يبدأ ممثلاً كبيراً، مهما كان دوره صغيراً ومحمد هاشم الذي لم يتجاوز عمره الفني خمس سنوات، استطاع بحرفة الممثل وموهبته أن يثبت وجوده على الساحة الفنية، وأن يترك بصماته واضحة على الأدوار التي لعبها خلال حياته الفنية القصيرة نسبياً حتى أنه تفوق على أبناء جيله من الشباب، ونال أداؤه استحسان الجمهور والمخرجين، الذين آمنوا بموهبته، حتى قال عنه المخرج (فارس طعمة التميمي) إنه كالمهرج الذي يعرف كيف يتسلق كل شيء، ويسير على الحبال كانت كلمات المخرج فارس هي السؤال الأول الذي أضحك محمد هاشم وأفرحه، فرد قائلاً: ـ هل أستحق هذا المديح حقاً، لا بد أن المخرج فارس طعمه التميمي لاحظ أموراً لم ألاحظها سابقاً. ـ حقاً لم تلاحظ هذه الأمور التي تتحدث عنها أم إنه تواضع ؟ ـ لنقل الخوف، وليس تواضعاً مصطنعاً، خوف منشأه الركون إلى الثقة الزائدة بالنفس فعندما تطربني الكلمات، ويقنعني المديح، لن أجد ما أبحث عنه وأنا أريد أن أبحث دائماً عن الذي لم أكتشفه بعد في ذاتي. ـ لم تخبرنا بعد، ما هو السبب الذي دعا «فارس» لدعوتك بالمهرج؟ ـ أبحث عنه في مسلسل «أيام العرب»، أسند إلي المخرج «فارس» دور الخليفة الأمين بن هارون الرشيد، كان متردداً «لصغر سني»، وبسبب ملامحي التي كما قال عنها أنها (شعبية) أكثر من كونها ملائمة لخليفة وأقنعته بعدم التراجع، وأخبرته أن لحظة تصوير المشهد ستكون الحكم بيننا وخلال تصوير المشهد فوجئ المخرج «فارس» كما فوجئ الآخرون بأنني كنت أقرب شخصية للأمين، فقد استطعت تغيير ملامحي، واختيار الزي الملائم بمساعدة خبيرة أزياء طبعاً، وتصرفت في الشخصية قليلاً، كنت حريصاً على اختيار كل حركة ونظرة بما يلائم شخصية الخليفة، حتى طبقة صوتي، وطريقة إلقاء الكلمات جاءت مطابقة تماماً لما أراده المخرج، والدور، فقال الأستاذ «فارس» بعد نهاية المشهد ضاحكاً، عني، بأني مهرج أستطيع تأدية كل ما يطلب مني، وأنا أعتبر هذه شهادة أعتز بها كثيراً. ـ طالما إننا نتحدث عن (أيام العرب)، نرى رصيدك في الأعمال التاريخية كبيراً نوعاً ما، هل تحب مثل هذه الأعمال، ولماذا؟ ـ نعم، أحبها كثيراً وأفضلها لأنها تمنح الممثل العراقي رقيا في الأداء، فالأعمال المعاصرة تجعلنا نتقمص شخصيات معاصرة من الواقع، نراها ونسمعها ونتعايش معها كل يوم، وحتى إن لم نكن نعرفها، نستطيع دراستها وتقمصها بسهولة، أما الأعمال التاريخية، فتجعلنا نتقمص شخصيات لا نعرفها إلا من خلال الكتب، ولذا فنحن نجهد أنفسنا في تخيل هذه الشخصية لكي نقنع المشاهد بأنها حقيقة وليست قصة من الماضي مكتوبة على الورق. ـ رأيك مخالف لغيرك، وربما يخالفك الآخرون بسبب رفض المشاهدين، أو لنقل عدم تقبل غالبيتهم، للأعمال التاريخية، فنجد الممثل لا يقبل كثيراً عليها، فماذا تظن؟ ـ لِمَ الرفض ؟ من قال إن المشاهد العراقي أو العربي لا يستمتع بالأعمال التاريخية، فكم من الأعمال العراقية والعربية التاريخية تركت صديً رائعاً في أذهان الناس، مثل المسلسل العراقي التاريخي (المتنبي)، ومسلسل (عمر بن أبي ربيعة)، والأعمال العربية مثل (عمر بن عبدالعزيز) (هارون الرشيد) وغيرها، المشاهد يبحث عن العمل الجيد المتكامل، ليس المهم أن يكون تاريخياً أو معاصراً أما ابتعاد الممثلين عن الأعمال التاريخية، فهذا غير صحيح، لأن الممثل الجيد هو الذي يبتعد عن التكرار الذي قد يواجهه أحياناً في الأعمال المعاصرة وهذا التكرار غير موجود في الأعمال التاريخية. ـ ربما يكون السبب هو سوء فهم الممثل، وأحياناً حتى المخرج أو الكاتب للعمل التاريخي أي إننا نشاهد أحياناً أعمالاً (تقريرية)، وليست درامية، أليس هذا هو واقع الحال ؟ ـ فعلا هذا ما وددت قوله أيضاً، الممثل يتعامل مع النص التاريخي، وكأنه «محاضرة» عليه إلقاؤها، فتخرج الكلمات جوفاء، والحوار مصطنعاً، وهذا برأيي يعتمد على المخرج، وقبله النص وطريقة كتابته، التي قد تخلق تمازجاً بين الموضوع التاريخي والطريقة المعاصرة في كتابة الدراما. ـ بمناسبة الحديث عن المخرجين، أي المخرجين من الذين تعاملت معهم كان مفضلاً لديك ؟ ـ فارس طعمة التميمي، علي أبو سيف، قحطان عبد الجليل، سلام الأمير. ـ هل فرضوا عليك طريقة في الأداء، أم فرضت عليهم طريقتك؟ ـ المسألة ليست من يفرض أنا أتقبل ملاحظة المخرج، وإذا لم تلائمني أحاول إقناعه من خلال أدائي وتدريجياً نصل إلى ما يخدم العمل. ـ يقال إنك مشاكس، هل هذا صحيح؟ ـ لا تصدقوا كل ما يقال، أنا شقي فقط وأحب اللعب مع من هم أكبر مني ومهما يتوتر الموقف ينقلب إلى مزاح. ـ إذن، هل تجد العمل الفني جميلاً ؟ ـ أكثر من أي شيء آخر، ولكنه فخ كبير يصطاد المرء، فلا يستطيع الخروج منه، ولا البقاء في داخله. ـ وما الذي يمنعك من الخروج إن شئت ؟ ـ قلت للتو، أحبه كثيراً، وأكاد أتنفس هواء الأستوديو، وأعيش مع كل عمل بكل حواسي إنه قدري، وهذا كل شيء. ـ نلاحظ شيئاً من المرارة في الحديث عن القدر والمصيدة التي نصبها لك فخ الفن، الست سعيداً بكونك ممثلاً ؟ ـ لا، لست سعيداً تماماً، والعيب ليس في التمثيل أو فيَ، بل في الظروف المحيطة بنا، نحن طاقات مهدورة، فكل ما حولنا من إمكانيات وفرص عمل هو أقل بكثير من مواهبنا، لذا أشعر بأنني كمن حضر إلى العرس متأخراً ففاته كل شيء، بغداد ـ كامل عبدالله

Email