جزر جالاباجوس تئن تحت وطأة الكارثة البيئية

ت + ت - الحجم الطبيعي

بيان 2: برز اسم جزر جالاباجوس مؤخرا, بشكل مكثف في وسائل الاعلام, في اعقاب حادثة التسرب النفطية التي تعرضت لها سواحلها وتصاعدت اصوات علماء البيئة مطالبة بضرورة التحرك لانقاذ التنوع البيئي، الهائل الموجود في الجزر من براثن هذه الكارثة البيئية التي تمثلت في تسرب 185 ألف جالون من الديزل ووقود الفحم الحجري الى مياه المحيط الهادي. لكن لماذا هذا الاهتمام الكبير بجزر جالاباجوس؟ هذه الجزر ليست مجرد جزر عادية, كغيرها من الجزر المتناثرة في انحاء العالم. وانما جزر متميزة, حيث تعتبر احدث الجزر الاعضاء في ارخبيل غائص في معظمه يمتد بطول 1000 ميل تقريبا شمال شرق امريكا الوسـطى وقد تشكلت قبل ثلاثة ملايين عام بفعل ثورات بركانية تحت الماء. وعندما بدأت الجزر الشرقية بالاختفاء تحت سطح المحيط قبل ملايين السنين, اضطرت الحيوانات التي فصلت عن البر الرئيسي الى القفز باتجاه الغرب من جزيرة لأخرى. وتطورت في ظل هذه العزلة الى اشكال فريدة. ونحو 80% في المئة من اجناس الحيوانات والنباتات, التي تعيش الان على جـزر جــالاباجـوس والبالغ عددها ,5000 لا توجد في اي مكان اخر على الكرة الارضية. فطيور الاطيش ذات الاقدام الزرقاء تعشش على شواطئها الصخرية. والسلاحف العملاقة تكثر فوق تلالها. وعلى الرغم من ان هذه الجزر تقع بالقرب من خط الاستواء, الا ان طيور البطريق تتهادى في مشيتها على شواطئها. وهناك فصيلة من فصيلتي الاجوانا التي تعيش على الجزيرة تغوص في المحيط وتتغذى على الطحالب البحرية, وهو غذاء لا يشاركها فيه اي نوع اخر من الزواحف على وجه الارض. ومن شأن تسرب نفطي, حتى وان كان تسربا محدودا, ان يتسبب بكارثة لهذا التنوع الاحيائي. وربما يكون ارخبيل جالاباجوس اهم مكان على الارض لفهم تاريخ الحياة. ويقول ادولف شولتر من جامعة بريتش كولومبيا: (تعتبر هذه الجزر ذات مكانة خاصة لعلماء الاحياء الذين يبحثون في التطور). ففي عام ,1835 وصلت سفينة بيجل الى الجزر في رحلتها حول العالم, وقام عالم الطبيعيات في السفينة (تشارلز داروين) بجمع بعض من طيورها. ولدى العودة الى انجلترا, تعرّف داروين على العديد من الاجناس الجديدة من العصافير, وكل واحد منها له منقار تأقلم مع نظام غذائي معين. وفي محاولته لفهم كيفية حصول الطيور على هذا التنوع من المناقير, لجأ داروين الى فكرة الانتخاب الطبيعي, التي تعتبر حجر الزاوية في نظريته للتطور. ومنذ ذلك الحين, عاد العلماء الى هذه الجزر لدراسة التطور عن كثب. وقد راقبوا, على سبيل المثال, التغيرات السنوية الدقيقة في حجم مناقير هذه العصافير, موثقين بذلك آليات الانتخاب الطبيعي بتفصيل لا مثيل له. ويقول ادوارد ويلسون من جامعة هارفارد ان (جزر الجالاباجوس تعتبر مختبرا جيدا للتطور). ومن حسن حظ هذه الجزر ان التيارات المائية والرياح غيرت اتجاهها في 23 يناير الماضي, دافعة البقعة النفطية باتجاه الشمال, بعيدا عن بقية الجزر في الارخبيل, وحتى الان لم يتعين على طواقم الانقاذ سوى معالجة بضع عشرات فقط من طيور الاطيش واسود البحر وطيور البجع من سان كريستوبال وجزيرة سانتافي المجاورة. اذن هل تعود الان جــزر جالاباجــوس الى حالتها الاصلية؟ ان هذا الامر صعب لسبب واحد, وهو ان التسرب النفطي قد يسبب ضررا طويل الاجل غير ملموس حتى الان. فاذا حجبت اشعة الشمس من الوصول الى الطحالب البحرية, فإن الشبكة الغذائية البحــرية الدقيقـة قـد تنهـار. ويقول بيتر جرانت, وهو عالم احياء يعمل على الجزيرة منذ عام 1973: (في غضون اشهر اخرى قليلة, سنعرف كيف نصنف الحادث). ان كارثة الناقلة (جيسيه) ما هي الا جزء بسيط من اعتداء متواصل على الحياة البرية في جزر جالاباجوس, بدأ في عام ,1532 عندما اكتشف المستكشفون الاسبان الارخبيل. فسرعان ما جلب المستوطنون معهم ارانب النرويج وقططها وكلابها وما عزها وخنازيرها وحميرها والاجناس الاخرى التي افترست الحيوانات المحلية, واكلت بيضها, وتنافست معها على الغذاء, وخفضت من اعدادها. وقد انقرضت فصيلتان من الطيور, التي شاهدها داروين, بعد وقت قصير من وصوله الى الجزيرة. وسلاحف جالاباجوس, التي جابت الجـزر في يــوم من الايــام بمئـات الألوف لا يــتجــاوز عــددهــا الان 15 ألــف سلحفاة. وقد زاد الضغط الناشئ عن الاقتصاد العالمي الأمور سوءا. فقد جرّد الصيادون الحيود المرجانية من اسماك القرش وخيار البحرواشكال الحياة البحرية الاخرى لتلبية الطلب المتزايد عليها من اسيا والولايات المتحدة. ونتيجة لذلك, فإن الثروة السمكية في جالاباجوس قد تنهار في غضون خمسة اعوام. وتساهم السياحة بدور سلبي في هذه القضية, فالسفينة, التي كانت تحمل شحنة النفط التي تسربت, كانت في طريقها الى الجزر لتزويد السفن السياحية التي تجوب الجزر بالوقود. ويلحق ثاني اكسيد الكربون المنبعث من احتراق الوقود الاذى بالحيود المرجانية عن طريق المساهمة في زيادة التسخين الارضي وزيادة حموضة مياه البحر, الامرالذي يجعل من الصعب على هياكل كربونات الكالسيوم لملايين المخلوقات البحرية الصغيرة ان تشكل الحيود المرجانية. وفي غضون عقود من الان, فإن الحيود المرجانية في جالاباجوس قد تختفي تماما. ضرار عمير

Email