ادونيس من الشعر إلى الرسم في معرض باريسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

قدم الشاعر أدونيس لأول مرة عددا من لوحات الكولاج التي انجزها في معرض مشترك مع الفنان الفرنسي كريستيان بوييه الذي افتتح مساء الخميس المنصرم في قاعة (آريا) في باريس. ويتضمن المعرض مجموعة من لوحات ادونيس التي انجزها بين العامين 1993 و 2000 الى جانب لوحات ضخمة للفنان بوييه الذي اختار موضوعا للوحاته مشاهد من الصحراء مقطوعة بتفاصيل من الحياة اليومية. واللافت في اللوحات التي قدمها أدونيس في هذا المعرض هو التصاقه بالشعر العربي إلى أقصى حد. فأعماله ليست سوى نوع من إعادة تسطير الشعر والنص العربيين في نصوص تبدأ بـ (كتاب الأصنام) لابن الكلبي وتنتهي بأحد النصوص الشعرية الشهيرة للشاعر الأندلسي ابن زيدون. ولوحات أدونيس تنطوي على قدر هائل من النعومة والحساسية الفائقة, الحساسية نفسها التي تطالعنا في شعره. لكن المواد والعلامات في اللوحات كانت مرهفة وأكثر خفة, شفافة وبسيطة الا انها تخاطب في الوقت نفسه حس الناظر كما تخاطب ذاكرته المنسية. اما بشأن الخط فيبينه أدونيس تارة بوضوح بارز في لوحة كاملة, وتارة اخرى يتحول إلى علامة مطلقة لها سحر الحرف وانحناءاته رغم اختلافها وتنوعها في الكل المتناغم الذي تتشكل منه اللوحة. الخط الذي يصبح في لحظة من اللحظات حالة لها شكل الخط وإيقاعه من دون ان تمكن القراءة. ولا يبتعد أدونيس في أعمال الكولاج المعروضة عن الكاليغرافيا المخطوطة بيده والتي تشغل قلب اللوحة وتكون إيقاعها السلس, ويضاف إلى هذا العنصر الأساسي عناصر أخرى تنضم إلى اللوحة لتكسبها الأبعاد التي قصد إليها الشاعر. وبعد, أليس الفن في النهاية كامنا في معرفة واختبار نسبة الأشياء إلى بعضها وتوليفها لتصبح كلا ينطق بشخصية متكاملة. واللوحات تتجاوز في مجموعها الأربعين لوحة يقدم المعرض أقل من نصفها, لكنها تقدم مثالا على عمل أقرب إلى المنمنمات الشرقية. ويعتبر المعرض الحالي بمثابة تقديم للمعرض الكبير الذي سيقيمه معهد العالم العربي اعتبارا من الحادي عشر من شهر ديسمبر المقبل تكريما لأدونيس, ويشارك في التكريم كل من الفنان بوييه الذي عمل بمعية أدونيس على عمل حققاه سويا انطلاقا من أعمال كالليغرافية لأدونيس الذي يعيش في باريس منذ العام 1986 والذي ترجمت أعماله الشعرية إلى الفرنسية كما إلى عدد كبير من اللغات. أ.ف.ب

Email