رأي آخر في فيلم كونشرتو درب سعادة, نهاية الفيلم محاولة توفيقية بين ثقافتين

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد ثلاث سنوات من انتاجه يعرض فيلم (كونشرتو درب سعادة) جماهيريا, وقد سبق أن شارك فى مسابقة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1998 وفاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة التى أشادت بتحقيقه للقاء بين ثقافتين مغايرتين. وهذا هو الفيلم الثانى للمخرجة (اسماء البكرى) بعد فيلمها الروائى الطويل الأول (شحاذون ونبلاء) عن رواية للكاتب الفرنسى اللبنانى الأصل البير قصيرى, وقبله ومابين الفيلمين الطويلين أخرجت أفلاما تسجيلية أولها (قطرة ماء) 1979 وآخرها فيلم عن المتحف اليونانى الرومانى بالاسكندرية. والبكرى من المنتمين للثقافة الفرتكوفونية, حيث تعلمت بالقسم الفرنسى بآداب القاهرة, ونالت تمويلا فرنسيا أوروبيا لأفلامها, عن طريق شركة يوسف شاهين, الذى عملت معه مساعدة, وفيلما الثانى (كونشرتو) عن قصة لحسان الدين زكريا, الذى شاركها فى كتابة سيناريو فيلمها الأول, وكذا فيلمها الثانى مع رفيق الصبان. رجوعا الى حيثيات لجنة تحكيم مهرجان القاهرة السينمائى الدولى ,1998 حول اللقاء بين ثقافتين مغايرتين, نحن هنا أمام ثقافة أوروبية تمثلها عازفة الكمان سونيا نجلاء فتحى العائدة الى وطنها الأصلى مصر بعد خمسة عشر عاما فى الخارج, لتحيى حفل كونشرتو للكمان مع أوركسترا القاهرة, السيمفونى, يكلف قائد الأوركسترا حسن كامى أحد الموظفين عزوز (صلاح السعدنى) لمرافقة الزائرة كسائق خاص. يأخذنا الفيلم فى مشاهد طويلة سياحية الى الأهرام بخلفية أوبرالية والى بعض المساجد ولا يغفل أن يمر بنا على قصور قديمة تعرضت للهدم, وتزور الفنانة حيها ولكننا لا نتلمس جذورها.. أو أهلها. يركز الفيلم على الحى الشعبى الذى يعيش فيه عزوز.. المسكن الفقير الذى يقطنه مع زوجته مبروكة (سلوى خطاب) . ويتعرض الفيلم لأهل الحارة وبؤسهم وتخلفهم ولجارة مبروكة مثلا وعيالها. جاء الطفل السابع خطأ. ومع هذا فبطنها ممتلئ بالثامن: وبعد أن كان عزوز بداية لايرحب بمصاحبة الضيفة طوال اليوم, لأن هذا سيحرمه من عمل اضافى يكفل مسكنا أفضل, إذا به يسعد بهذه الصحبة الجميلة, ويحضر بروفات عزفها على الكمان وحفلات الأوركسترا وهو مشدود الى هذا العالم الغريب, حتى يتغير سلوكه, ففى المقهى البلدى ينزعج من الموسيقى والأغانى العربية وحول مؤشر الراديو الى الموسيقى الكلاسيكية!! فى حين يطلق زميله وجاره فى العمل على بيتهوفن اسم (بلوفه). العالم الجديد الغريب الذى يشغل عزوز هو مصدر تعاسة زوجته. منذ البداية تتأهب للقاء (الزوج) العائد من عمله تتزين له, فإذا به ينشغل عنها لمرافقته للضيفة, ويعود مرهقا فينام وحده على أريكة ما يجعل مخاوفها أو شكوكها فى علاقته مع (الخوجاية) تزداد وتستمع لنصائح جارتها باستخدام وصفات شعبية وزيارة الأولياء لاسترجاعه. وتزداد المخاوف مع وافدة جديدة هى (عايدة) كما أشاع زميل زوجها صلاح عبدالله ولا يمكن أن تتصور ان عايدة هذه عنوان (أوبرا) كاد عزوز ينفصل عن حيه الشعبى سلوكا وثقافة منذ جاءت سونيا.. يلاحظها وهى تلعب الكمان بمهارة.. ويتصور أهل حارته فى أوركسترا يعزفون على الشيشة وعلى فخد لحم كوارع وهو يدرك أن عالم الضيفة الجميلة غير عالمه ولكنه يهرب الى أحلام اليقظة ويصدمه الواقع بعلاقتها مع صديق قديم هو سيف الدين عبدالرحمن. تفشل كل محاولات استعادة الزوج.. من سحر وزار وأحجبة وزيارة للأولياء.. تأتى الذروة فى المشهد الأخير.. (حملة) شعبية بشاحنة من أهل الحى المتضامنين مع زوجة عزوز الى دار الأوبرا.. يقتحمونها لاختطاف عزوز. تساؤلات: مرة أخرى رجوعا الى معيار لجنة التحكيم.. أى لقاء بين ثقافتين؟! هل الكونشرتو هو مقياس التحضر..؟ هل كل من لا يتذوق الموسيقى الكلاسيكية والأوبرا متخلف؟ هل كل ما فى الحارة الشعبية رديء؟ هل مظاهر الحضارة التى شاهدتها الضيفة العائدة فى الجدران؟ وخلفها الانسان الجاهل؟ هل خطاب الفيلم الى جمهوره المصرى أم الى جمهور أجنبى وهل بيع تخلف العالم الثالث للغرب الممول شروط السلعة؟ مع مراعاة أن الفيلم عرض فى الخارج قبل عرضه فى القاهرة.. ومع هذه ثمة بريق أمل فى ختام الفيلم.. أو محاولة توفيق بين الثقافتين.. فيما يأخذ عزوز العائد الى حارته بيد الولد اليتيم الذى شاهدناه وهو يؤدى (ألحان المزمار البلدى). القاهرة ـ فوزى سليمان

Email