شجرة النيم .. علاج للملاريا في السودان

ت + ت - الحجم الطبيعي

كل من يتجول فى مدن وارياف السودان تلفت نظره بقوة الكثافة التى توجد بها اشجار (النيم) وقد يظن انها من الاشجار السودانية الاصيله ولكن الحقيقة غير ذلك اذ انها شجرة, مستأنسه وجدت المناخ الطبيعى والاجتماعى مثاليا لنموها فانتشرت وتوطنت بحيث اصبحت معلما اساسيا فى الحياة النباتيه بالسودان. وتعتبر هذه الشجرة الاكثر حضورا من بين كافة الاشجار فى المدن السودانية والتجمعات السكانية الريفية المستقرة وعلى جانبى كل شارع وفى الحدائق العامه والخاصة وحول المدن والقرى وهى نادرة الوجود فى المزارع والسهول المفتوحة لانها ارتبطت منذ بداية وجودها فى البلاد بالانسان الذى تبناها ورعاها ووفر لها الظروف الملائمة للنمو والانتشار. ويندر ان تجد هذه الشجرة فى شكل غابات عدا بعض المناطق القليله كما فى مدينة ام روابه بغرب السودان حيث توجد فى شكل غابات حول المدينه وهى غابات تم غرسها بواسطة السلطات البلدية منذ وقت طويل. ويعود تاريخ دخول شجرة النيم للسودان الى النصف الاول من القرن العشرين فى عهد الادارة البريطانية الاستعمارية السودان التى يرجع اليها الفضل فى ادخال ورعاية هذه الشجرة. وكانت الثورة الشعبية السودانية المهدويه المسلحة التى اطاحت بحكم الخديوية التركيه فى السودان قد حولت عاصمة البلاد من الخرطوم الى ام درمان واهملت الخرطوم حتى اصبحت اطلالا لايسكنها سوى البوم والخفافيش والحيوانات السائبه والهوام. وبعد ان تمكن الاستعمار البريطانى من القضاء على الدول المهدوية عام 1898 اعاد العاصمة مرة اخرى الى الخرطوم واهمل عن قصد ام درمان وقامت الادارة البريطانية بتخطيط الخرطوم تخطيطا حديثا ونفذت خططا وبرامج لتجميلها. وكان من بين هذه البرامج تشجير الشوارع وفى هذا الاطار تم جلب غرسات كثيرة من اشجار النيم الضخمة من الهند وغرسها على جوانب شوارع الخرطوم خاصه شارع النيل الذى يقع على الضفه اليسرى لنهر النيل الازرق ويطل عليه القصر الرئاسى ومبانى معظم الوزارات الاتحادية. وبعد النجاح الذى احرزته الشجرة فى الخرطوم اقبلت عليها جموع المواطنين فى المدن والارياف بتشجيع من سلطات الغابات التى صارت توزع غرساتها بكثافة على المواطنين وتلاميذ المدارس فى مناسبة سنوية تعرف فى السودان باسم عيد الشجرة. وشجرة (النيم) ضخمة وهى وان كانت ليست من فصيلة الاكاشيا الا انها تشبهها فى ضخامتها وكثرة فروعها ومرارة ثمارها واوراقها الصغيرة وطول عمرها الذى يتجاوز القرن بكثير من السنين. وفى منتصف القرن الماضي هاجمت اسراب هائلة من الجراد السودان وقضت على اوراق الاشجار الا انها لم تقترب بتاتا من اشجار النيم مما لفت نظر العشابين فاخذوا يبحثون فى خواص هذه الشجرة. واكد العشاب السودانى عبدالاله عبدالله فى حديث لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان لشجرة (النيم) خواص طاردة للحشرات وخاصة البعوض وقال ان غصنا صغيرا من النيم يضعه الشخص الى جواره ليلا عند النوم كفيل بابعاد البعوض عنه. واضاف عبدالاله وهو خريج معهد الطلحة الزراعى وعمل فترة فى مشروع كنانه الزراعى بولاية النيل الابيض ومركز ابحاث الاغذية بالخرطوم ان الحمله التى يقودها الان وزير الصحه الاتحادى بنفسه فى اطار خطة الامم المتحدة الراميه لمكافحة مرض الملاريا وبرامج منظمة الوحدة الافريقية فى ذات الاتجاه يمكنها الاستفادة بفعالية كبيرة من خواص شجرة النيم لمكافحة الملاريا. يذكر ان العديد من الاوساط السودانية الشعبية تعالج مرض الملاريا عن طريق منقوع اوراق شجرة النيم بعد تخفيف مرارتها باضافة السكر الى هذا المنقوع كما ان بعض القبائل تغسل المولود بمنقوع اوراق النيم فور ولادته بحجة ان ذلك يمنح الطفل جسما قويا ونموا صحيا سليما. كونا

Email