كلمة يوم المسرح العالمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تلقت دائرة الثقافة والاعلام بالشارقة الرسالة السنوية بمناسبة يوم المسرح العالمى والتي قدمت في حفل افتتاح ايام الشارقة المسرحية امس. والقى الرسالة التى كتبها لهذا العام الفنان ميشيل ترمبلى (مؤلف مسرحى) من كندا, وفيما يلى نص الرسالة: (كيف يجب ان ابدأ اتهامى, وكيف على ان اختمه, وفيما بين البداية والختام ما الذى ينبغى على قوله؟ تلك كانت صرخة الكترا المتسائلة فى مسرحية يوربيدس قبل ما ينوف على الفى سنة وفى عصرنا هذا عصر التعبيرات الملطفة والبلاغة الجوفاء, العصر الذى يفضل فيه الناس الاحتفاظ بالمشاعر على بذل الجهد بتسمية الاشياء باسمائها فان صرخة الكترا ابنة اغاممنون لا تزال ذات معنى وصلة الاتهام والادانة والاستفزاز وافساد الراحة أليست هذه الامور فى صلب دور المسرح. ان التروع نحو العالمية بأى ثمن وهذا العزف المتواصل على وتر العولمة الوحيد كنمط يستشرى الان بقوة تهدد باحالة عالمنا كله الى مجرد قرية يسودها التماثل لن يسهل على المسرح بكل تاكيد اداء دوره فى مجتمعنا هذا مجتمعنا الخاضع بلا انقطاع للتعقيم والمحكوم من اعلى بعملاقين ثقافيين او ثلاثة , هذه الرغبة النهمة التى لا تشبع لإحالة الاشياء الى متشابهات ستنتهى الى جعل كل شيء مختلفا عن كل شيء اخر. لكن لا 0ان الخلاص مع مستهل هذا الالف الثالث قادم على الاغلب مع تلك الاصوات الصغيرة المرتفعة فى اربعة اركان الارض, اصوات تنطلق شجبا للظلم, ومن خلال الحرص على حفظ اوليات المسرح تعتصر للبشر خلاصة الكائن الانسان فتقطرها وتغير فيها من اجل أن تجعلها نصيبا تتقاسمه وهذا العالم. ان مثل هذه الاصوات لا تنى تأتى من سكوتلندة وايرلندة وجنوب افريقيا وكويبك والنرويج ونيوزيلندة وهى تسعى الى جعل صرختها الغاضبة مسموعة فى انحاء العالم اجمع, صحيح ان تلك الاصوات تصل احيانا متشحة بالوان المحلية ومطعمة بطعم مميز تجعلها تفتقر الى الصبغة العالمية الا انها مع ذلك تبقى اصواتا حقيقية على الاقل والاهم من ذلك انها اصوات موجهة للجميع دونما استثناء لانها اصلا موجهة الى انسان ما, الى جمهور محدد يمتلك القدرة على التاثر والانفعال استجابة لادراك هذه الاصوات غليانه ومشاكله, الى جمهور قادر على ان يبكى الامه ويضحك من نفسه, ومن حيث المبدأ اذا كانت الصورة المرسومة هى صورة للتماثل الفعلى فان العالم باكمله سيرى ذاته فيها. ان عالمية اى نص مسرحى لا يجب البحث عنها فى المكان الذى شهد ولادة هذا النص بل فى ما يحمله من نزعة انسانية فى انتماء جمله ومقولاته لها وفى جمال تركيبه الادبى, ليس الكتاب اكثر عالمية لانهم يكتبون فى باريس ونيويورك وليس فى تشيكوتمى او فى بورت او برنس, عالمية هؤلاء تكمن فى انهم يخاطبون جمهورا مستعدا لممارسة النقد الذاتى ويرى ذاته على حقيقتها وهم قادرون عبر معجزة المسرح من خلال ايمانهم به وباخلاصهم له على التحدث عن الروح الانسانية وتمجيدها والتنقيب عميقا فى خفاياها واستعادة كنوزها. أن عالمية تشيخوف لا تكمن فى كونه روسيا بل فى العبقرية التى مكنته من وصف الروح الروسية التى يمكن للناس كل الناس المشاركة فيها وينطبق هذا ايضا على جميع العباقرة بل وحتى على الطيبين من الكتاب المسرحيين, ان كل سطر يدعو للحوار كتبه مؤلف بقلمه فى اى مكان من العالم يكون عالميا بالتعريف اذا كان معبرا عن صرخة الكترا الاصلية (كيف يجب ان ابدأ اتهامى) , وكيف على ان اختمه ثم ما الذى يجب بين البداية والختام؟ الجدير بالذكر ان كاتب الرسالة الاديب الكندى ميشيل ترمبلى هو مؤلف مسرحى بارز فى مسرح (كويبك) منذ اواخر الستينيات وهو الى ذلك روائي معروف ومترجم وكاتب تلفزيونى ويصل تراث ترمبلى فى التأليف المسرحى الى 22 مسرحية وثلاث كوميديات وسبع مخطوطات لافلام سينمائية ويضاف الى ذلك ترجمته لعشرين نصا مسرحيا.

Email