صدر عن الدورة الـ 11لمؤتمر وزراء الثقافة العرب: بيان الشارقة عن مستقبل الثقافة العربية في القرن الحادي والعشرين

ت + ت - الحجم الطبيعي

نحن الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي المجتمعين في الدورة الحادية عشرة لمؤتمرنا في رحاب مدينة (الشارقة) بمناسبة اختيارها عاصمة للثقافة العربية لسنة 1998م , وبدعوة كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الاعلى حاكم الشارقة في الفترة (2ــ 3 شعبان 1419 الموافق 21 ــ 22 نوفمبر 1998). اذ نعبر عن اعتزازنا بوجودنا في هذه المدينة العربية العزيزة, ونبارك نهضتها الثقافية, وتوجهات القائمين عليها في احلال الثقافة المنزلة التي تستحقها بين انجازاتها المختلفة, مما اهلها لان تختار عاصمة للثقافة العربية لسنة 1998, فنالت بذلك الامة العربية شرف هذا الاختيار. واذ نؤكد على ان الحضارة العربية كانت على مر الزمن حضارة حوار وتفاعل واداة تفاهم وتقارب بين الامم والحضارات الاخرى, وحضارة تسامح تمازجت في كنفها وتعايشت الفئات والشعوب واللغات والاديان والثقافات في انسجام وتوافق. واذ نذكر بماضي هذه الثقافة الرائع والاسهامات المختلفة التي قدمتها في شتى مجالات المعرفة العلمية والانسانية وما كان لعلمائها من فضل في الريادة والاضافة واثراء الحضارات البشرية. واذ نسجل اعتزازنا بهذا الماضي المتألق والحاضر بما يتسم به من حيوية وانجازات عظيمة, وبالعزيمة التي تحدونا لابداع مستقبل يحقق كل تطلعات امتنا الثقافية وآمالها في بناء انسان معاصر قادر ومؤهل للتكيف والتفاعل مع مستجدات العصر, والمستحدثات المتوقعة في القرن المقبل. واذ نعي ما يواجهنا من تحديات ثقافية تفرض علينا مسؤولية استنباط الوسائل المختلفة لتأهيل انفسنا والحفاظ على هويتنا الثقافية ولغتنا وسمتنا الحضارية في التعبير والتفكير, وقيمنا الروحية الاصيلة. واذ نؤكد ان لقاءنا الدوري هذا له اهمية خاصة في ابراز حرصنا على وحدتنا الثقافية ورباطنا المقدس لتحقيق امالنا المشتركة وطموحاتنا الواحدة وضمانتنا الوحيدة في رسم ملامح مستقبلها الثقافي الواحد. واذ نعيد الى الاذهان تمسكنا الدائم بالابقاء على المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وسائر مؤسسات العمل العربي المشترك اطارا لعملنا وتحقيق اهداف امتنا. فإننا ومن منطلق وعينا بالنقلة النوعية التي يفرضها حلول قرن جديد وانطواء قرن راحل, ومن منطلق الوعي بالمسؤولية التي تحتمها علينا رسالتنا تجاه الاجيال الحاضرة والمستقبلة, نؤكد على اعتبار التوجهات التالية مبادىء اساسية للاسترشاد بها: 1ــ اعتبار الانسان العربي هدفا اساسيا في التنمية الشاملة, وتمكينه من الحقوق الثقافية التي يحتاج اليها, وتوفير المناخ المناسب والحوافز المادية والمعنوية للمبدعين, وخلق الفضاءات العلمية للمتفوقين والموهوبين, والاستفادة من مواهبهم, والعمل على استعادة الخبرات العربية المهاجرة الى الخارج للاسهام في تطوير القدرات العلمية والتكنولوجية للوطن العربي. 2ــ ترسيخ الشعور لدى الناشئة, والاجيال الجديدة بالاعتزاز بالهوية القومية واللغة العربية, وتنمية تفكيرهم العلمي, وتشجيعهم على الابداع والحوار والتحليل واحترام الرأي الآخر, والتحلي بالتسامح والقيم التي يزخر بها تراثنا وثقافتنا ونبذ كل اشكال التعصب والانطواء والانعزال عن مجريات العصر. 3ــ التأكيد على ان الحوار بين الثقافات والحضارات على قاعدة الندية والاحترام وسيلة من اهم الوسائل لاقامة علاقات وطيدة وتحقيق تفاهم اوسع, ورسم مستقبل انساني مشترك بين الامم والشعوب. 4ــ ادراك ان الاتجاهات الجديدة ــ ومنها العولمة ــ من شأنها ان تؤدي الى اقامة روابط متينة بين الامم اكبر مما كانت عليه في اي وقت مضى, غير انها قد تؤثر سلبا على الهويات الثقافية للشعوب, وبذلك تصبح الحاجة ملحة الى الاحترام المتبادل بيم الثقافات, والى التمسك بكل ما يبرز خصوصيات هذه الثقافات ومنها ثقافتنا العربية. 5ــ التأكيد على ان ثقافة القرن المقبل ستكون ثقافة مغايرة للثقافة الحالية من حيث الوسائل والادوات والامكانيات الامر الذي سيفرض تقنيات حديثة وتبعات مالية قد لا تتوفر لكل الفئات مما سيفاقم التفاوت الثقافي بين الدول, وبين الشعوب والافراد, ويحتم حشد الطاقات وقيام تنسيق ضروري بين الدول العربية لمواجهة هذه المشكلة. 6ــ الاهتمام بالصناعات الثقافية الوطنية وتطويرها وتأهيل العاملين فيها تحقيقا للاكتفاء الذاتي فيها, ومجابهة المنافسات وحماية الاسواق العربية من الغزو الثقافي والاكتساح الذي تنطوي عليه توجهات العولمة, وذلك استعدادا لتوفير الظروف المناسبة لاقامة سوق عربية ثقافية.

Email