على هامش مؤتمر وزراء الثقافة العرب:(البيان)تسأل: ماهو مستقبل الثقافة العربية أمام التحديات العالمية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الصراعات الدولية لم تعد تتميز فقط بالصراعات السياسية, ولكن هناك ممارسات اخرى متعددة من خلال الحوار والتداول بين المجموعات والقوى والثقافات المختلفة, وكما تحاول القيادة الامريكية فرض سيطرتها على العالم, واملاء سياستها على اقطاره المختلفة , تحاول ايضا توجيه العولمة الى امركة ثقافية, وسوف يساهم ذلك في تفاقم الصراعات العالمية ومنها الصراع الثقافي. ومع استهلال القرن الحادي والعشرين اختار مؤتمر الوزراء والمسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي موضوع مستقبل الثقافة العربية لهذه الدورة, وحول هذا الموضوع التقت (البيان) مع عدد من المسؤولين الثقافيين العرب الذين ادلوا بشهادات حول مفهوم التحدي الذي تواجهه الثقافة العربية. ونحن على مشارف القرن الحادي والعشرين تواجه ثقافتنا العربية عدة تحديات, لذا يجب علينا ان نتسلح بما تتسلح به الدول الغنية والمتقدمة في مجال التكنولوجيا والمعلوماتية والاتصالات كما يقول محمد غنيم رئيس اللجنة الدائمة للثقافة العربية ومقرر عام المؤتمر ووكيل اول وزارة الثقافة المصرية للعلاقات الخارجية, والذي اكد ان الدول التي بدأت ترفع شعار ما يسمى بالعولمة بعد ان حققتها من خلال مجال التجارة, والمجالات الاقتصادية وهي الآن تستهدف الطفرة الى اتفاق يسمى بالعولمة الثقافية بمعنى ان تزول الحدود وترفع ويصبح العالم تحت سيطرة ثقافية كونية واحدة, ثقافة غربية وامريكية على وجه التحديد, وهذا امر يشكل تحديا كبيرا للثقافة العربية, ولبقية الثقافات الموجودة في معظم انحاء العالم, خاصة الدول ذات الحضارات القديمة. ويسير غنيم الى مؤتمر استوكهولم للسياسات الثقافية من اجل التنمية, وهو مؤتمر نظمته اليونسكو حول موضوع اعادة صياغة الثقافات من اجل التنمية, ورغم انه كان مؤتمرا حكوميا دوليا الا انه ضم ايضا مؤسسات غير حكومية, وقد صدر عن هذا المؤتمر ما يؤكد على التنوع الثقافي, والتعددية الثقافية الموجودة داخل كل بلد, ويقول ان منظمة اليونسكو تطرح فكرة دعم الثقافات داخل الوطن الواحد, واعطائها الفرصة للتعبير اعلاميا عن ذلك, وتخصيص قناة تلفزيونية داخل الوطن, ودعم الثقافات, وهذا الاتجاه يضر بالثقافة الوطنية, لأننا كدول نامية ذات حضارات قديمة استشعرنا الخطر من الدول المهيمنة اقتصاديا على مقدرات العالم, لأنها بهذه الطريقة تسعى لتفتيت وحدة الثقافة الوطنية, وتركز على بث الانتماء لثقافات الاقليات التي من شأنها ان تضر بالنسيج الوطني للثقافة الوطنية, والحل البديل هو تشجيع الثقافات المحلية لتصب في ثقافة وطنية واحدة وموحدة وهذا ما ندعو اليه على اساس انها تغذي وتثري التنوع, من هنا تحاشينا تحديا وهو تحدي استخدام العولمة في محو الثقافات الوطنية. تهديد للهوية سنواجه في القرن المقبل العولمة وانعكاساتها على الثقافة العربية والتي حولتها من اداة معرفية الى سلعة وبالتالي هذا تحد يجب ان نتوقف عنده كما يقول يحيى يخلف وكيل وزارة الثقافة الفلسطينية والذي يؤكد اننا امام تهديد حقيقي للهوية القومية وللخصائص القومية العربية من خلال العولمة, واننا يجب الا نضع رؤوسنا في الرمال ونرفض مواجهة ذلك لأن العولمة لها وجه ايجابي, ويجب ان نتحول من جهة متلقية للمعرفة الى جهة منتجة لها تشارك في تطوير هذه المعرفة, وهناك تحديات عديدة في هذا المجال, فنحن لدينا استلاب وانبهار امام تكنولوجيا المعلومات, فنحن نتلقى هذه التكنولوجيا ونوظفها في العملية الثقافية, لكن لابد ان نشجع العديد من الشركات العربية لكي تنتج هذه التكنولوجيا والبرامج المعلوماتية التي تغزو السوق. ويشير يخلف الى ان اسرائيل قامت بتعريب بعض البرامج للغة العربية, ويمكن ان تحتكر تسويقها, ويقول ما الذي يمنع ان نبادر نحن لتشكيل او تأسيس شركات لتعريب ما تنتجه التكنولوجيا من برامج معرفية للعربية, لأن هذه احدى التحديات, ويتساءل: لماذا لا يكون لدينا بنوك معلومات خاصة بنا؟ ونحن في عصر ثورة الاتصالات وعصر حرية تدفق المعلومات, بالمقابل ما هي خططنا على الانترنت لكي نضخ معلومات تعبر عن هويتنا الثقافية, تبرز قيمنا وتحاول التصدي للحملات المعادية لصورة الحضارة العربية المشوهة في الانترنت. ويقول ان التشويه ليس فقط من اسرائيل وأمريكا, ولكن هناك تنظير بشكل عام, وان الصراع في الفترة المقبلة سيكون بين الليبرالية والاصولية الاسلامية فكيف نتصدى لهذا؟ وكيف نقدم انفسنا للعالم بصورة واضحة وحضارية وان يأتي حوارنا من موقع الندية وليس الدونية, وهذا يعني اننا يجب ان نجهز انفسنا للقرن المقبل لنكون جهة تقف على قدم المساواة مع حضارات وثقافات الامم الاخرى, وهذا يرتبط بالوضع الاقتصادي الصناعة الثقافية هناك الكثير من الهجوم على اللغة العربية وانها لغة جامدة وان الانجليزية هي اللغة الوحيدة لأنها لغة الكمبيوتر والتكنولوجيا كما يؤكد د. علي القيم نائب وزيرة الثقافة السوري ونائب رئيس مكتب اللجنة الدائمة للثقافة العربية, ولكن لغتنا جميلة وغنية ويجب ان نؤكد عليها, بعد ان تعرضنا لعوامل تجزئة في الفترات السابقة فأصبحت هناك حواجز مصطنعة بين الدول العربية, لذلك يجب ان يكون هناك مشاريع مشتركة لصناعات ثقافية مشتركة حتى يكون مردودها اكثر وتفاعلها اكثر ايضاً. ويقول القيم اننا غير موجودين على مستوى التكنولوجيا والانترنت, ويجب ان تكون هناك استراتيجية للثقافة العربية لكي نبين معالمها وميزاتها الحيوية, وان نعطي لدورنا الاهتمام الكبير والتأكيد على البعد الانساني والحضاري لثقافتنا خاصة مع عدم وجود صعوبة في التواصل مع الثقافات الاخرى. طاقات كبيرة لدينا امكانيات وطاقات كبيرة قادرة على التحدي كما يرى محمد بو سليماني مدير العلاقات الخارجية بوزارة الثقافة والاتصال الجزائرية, وانه يجب علينا توظيف طاقاتنا وتوظيف ادوات الاتصال الحديثة كالانترنت لخدمة ثقافتنا والدفاع عن التشويه المتعمد الذي يمارسه الآخرون ضدنا من خلال هذه الاجهزة, وان نحسن ايضاً فن الدعاية لانفسنا ولثقافتنا, ويجب الا نتخوف من العولمة وان نخوض فيها بثقة وتحد, وان نتعامل معها وان نتسلح بالانترنت نفسه والقنوات الفضائية ومساهمة الجميع, مؤسسات عربية حكومية وخاصة وأن يحس الفرد العربي نفسه بالمسؤولية. قضية العولمة قديمة ويقول خالد بن سالم الغساني مدير عام الثقافة بوزارة التراث والثقافة العمانية ان فهمنا لموضوع العولمة جاء متأخراً, البعض يعتقد بأن العولمة حديثة وان علينا شحذ الهمم لمجابهة هذا الموضوع بينما هي هي موجودة سنوات طويلة جداً وبدأت نتائجها تتضح وكل الاحداث في الفترات الماضية كانت تؤكد على تقريب وجهات نظر العالم في كافة الاتجاهات والمجالات حتى سواء المعلوماتية او الاقتصادية او الثقافية والموضوع الثقافي اهم الموضوعات خاصة ان القرن المقبل يتصف بنتاجات خطيرة جداً انتجها العلم الحديث ولها تأثيراتها الايجابية والسلبية وباستغلالنا لمثل هذه المنتجات سيساعدنا على اثبات هويتنا العربية وتحسين صورتنا الحضارية امام الآخر وما يحدث الآن منجزات علم افرزتها الحضارة الانسانية بشكل عام ونحن علينا مواكبة التطور والاستفادة منه مع الحفاظ على تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا ونحن قادرون على ذلك, والحضارة والثقافة العربية الاسلامية من سماتها التجدد ومواكبة الحضارة بشكل يجعلنا فاعلين فيها وعندما نتخوف مما ينتجه العالم الآخر يعني انه ليس لدينا مقومات او امكانيات لمواكبة ذلك وهذا غير صحيح فنحن نملك الاسس والركائز التي تساعدنا في ذلك. أوروبا تأثرت بالثقافة العربية كان للترجمات الاجنبية تأثير كبير على الثقافة العربية وانفتاحها على الثقافات الغربية وعن تأثير الترجمة من والى العربية عليها يقول محمد غنيم: علينا ان نتفق على تطوير اللغة العربية وتقديم الجديد فيها من المصطلحات التي يمكن ان نضعها على خريطة الوسائل التقنية الحديثة في الانترنت على اساس ان اللغات الاخرى الموجودة على شبكة الانترنت تقدم قاموساً جديداً للاستخدام التقني الجديد يساعد من يشاهده او يزور اي موقع على الشبكة ان يقرأ في هذا المجال, ونستطيع ان نفرض كنوزنا وابتداعاتنا المعاصرة وتراثنا على الشبكة, وان نخاطب العالم بلغته الى جانب اللغة العربية, ويجب ان نتعاون اقليمياً في تعاون ثقافي عربي. اما الدكتور علي القيم فيؤكد اننا مقصرون في مجال الدعاية لأنفسنا خاصة واننا نملك ابداعات بشرية وفكرية لكن وصول هذه الابداعات الى الغرب تعد نقطة الضعف لدينا, لأن اي سلعة وان كانت جيدة, ان لم تجد دعاية سيكون مصيرها الكساد, ونحن لا نولي ذلك الاهتمام الكافي وانه عندما استطاع نجيب محفوظ وغادة السمان وغيرهما توصيل ابداعهم الى الخارج لاقوا اعجاباً كبيراً. لم نصنع ظاهرة ويرى يحيى يخلف ان لترجمات بعض الاعمال الاجنبية تأثيراً كبيراً على ابداعنا خاصة فيما يتعلق بالرواية والشعر لان الرواية فن جديد علينا, وتأثرنا بذلك لا يعيبنا ولكننا احتفظنا في نتاجنا الثقافي بالخصائص العربية, أما تأثيرنا في الآخر فلم نستطيع ان نصنع ظاهرة عالمية تسمى ظاهرة الأدب العربي, كما هو الحال في ظاهرة ادب امريكا اللاتينية او الادب الافريقي, ذلك نتيجة تقصيرنا في مجالات الترجمة الى اللغات الحية, لكن حجم الكتب التي ترجمت لا يذكر اذا ما قيس بما ترجمته المطابع في العالم, ومن هنا تحدثنا في اجتماعات اللجنة الدائمة في هذه القضية. ويؤكد يخلف على اهمية ترجمة الادب العربي الى اللغات الاخرى وان هذا الموضوع لم يلتفت اليه, رغم محاولات الاسرائيليين صنع ظاهرة اسمها الادب الصهيوني ولكنهم فشلوا لانه ليس لديهم مشروع او فكر, في حين اننا نملك فكراً وابداعاً وتراثاً ولدينا غنى في تنوع الفكر ويمكن ان نشكل ظاهرة أدب عربي من خلال الترجمة. إعداد: نادية هارون- فوزي صالح

Email