ضمن فعاليات الملتقى الفكري: السوسوة وسلمان يحاضران عن الاعلام العربي والمستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

غلبت النظرة التشاؤمية على مداخلي الندوة الاعلامية التي اقيمت امس الاول في قاعة المؤتمرات بمركز اكسبو ضمن البرنامج الفكري المصاحب للدورة السابعة عشرة لمعرض الشارقة للكتاب , وتحت عنوان (دور وسائل الاعلام العربية في استشراف صورة المستقبل ـ الولوج إلى القرن المقبل) حاضرت في اليمن امة العليم السوسوة وكيلة وزارة الاعلام ومن لبنان طلال سلمان صاحب ورئيس تحرير جريدة (السفير) قدم لهما د. حسن مدن. استهلت السوسوة حديثها بالوقوف عند دور وسائل الاعلام عقب الثورات الثلاث الكبرى التي ميزت قرننا الحالي (المعلومات, والديمقراطية وحقوق الانسان, والاختراعات التكنولوجية الشاملة) مشيرة إلى جماهيرية هذه الوسائل العاكسة لقرات واحتياجات البلد وطبيعة نظاميه السياسي والاجتماعي, ورأت ان لا مناص من معرفة مضمون رسائل اعلامنا العربي وتقييمها وتقويمها للوصول إلى اسباب ازمتها الحادة تمهيدا لاعداد خطة اعلامية واضحة وكاملة, ولمست من خلال تحليل هذا المضمون ــ على كافة مستويات اعلامنا ــ ازمة ثقة بينه وبين الجمهور المتلقي مستندة إلى استبيان اجرته احدى المجلات العربية في عدة بلدان عربية كشف عن ان 47% من القراء يجدون اعلامنا منقوص الصراحة و77% يبحثون عن الحقيقة في اعلام الخارج و82% ينتقدون اسلوب طرحه للقضايا, وقالت ان ثمة قرى واماكن نائية لا يصلها الاعلام مشيرة إلى أن جوهر ازماته غياب الديمقراطية ومحدودية معلوماته وضعف مصادرها وهيمنة وكالات الانباء العالمية الكبرى, ولحظت ضآلة حجم التدفق الاعلامي بين الاقطار العربية إلى درجة يصل اعلام بعضها إلى حد زرع الخلافات وتأجيج الصراعات العربية ــ العربية (ونجد انفسنا ــ نحن العرب ــ نخطو على غير هدى صوب القرن الحادي والعشرين دون استراتيجية عمل اعلامية جادة) . مستعدون للمجابهة وتركت السوسوة لتوصيات اجتماعات وزراء الاعلام العرب بالاهداف والمنطلقات ان وجدت طريقها إلى التنفيذ في تحقيق مستوى اعلامي خلاق على قدر الطموح والتأهيل لخوض غمار التنافس الاعلامي في عصر السماوات المفتوحة. وحشدت السوسوة جملة من الاسئلة ــ التساؤلات حول امل تقويم واقع الاعلام العربي وتوقع نموه في ظل التصدع والخلافات وتراجع منظومة المبادىء العربية ودور النخبة المثقفة في اقناع النظم السياسية بجدوى اعادة النظر في مضمون السياسات الاعلامية التي تركز بغالبيتها على الجوانب السياسية والاعلانية وانشطة تتعارض مع وظائف الاعلام في التثقيف والتوعية القومية والاجتماعية, واستنتجت استحالة مهمة الاصلاح في ضوء فقدان عامل التنسيق وتفوق الخلافات السياسية الداخلية وعدم اكتراث معظم دولنا باجهزة اعلامها, وتركت بصيص نور في حال ادركت قيمة الاعلام في المجتمع واشيعت حرية الرأي دون خوف ومهد الطريق امام الابتكار والتعدد والتنوع ومدت جسور تواصل بين الجماهير والسلطة وتم الوقوف على مواطن الفساد ومعالجتها واستئصالها, وحذرت من خسارة الجمهور ما لم تتسم رسالة الاعلام بالصدق والموضوعية والحياد بتسخير امكانياته المادية والبشرية لخدمة النشاط التنموي ورسم خطى النهضة العربية على كافة الاصعدة وتبني مشروع متكامل لمواجهة شاملة للامية الابجدية والحضارية فضلا عن بلورة نظرة قومية شاملة لحل القضايا الثقافية العربية الملحة مع ضرورة وضع برنامج مستمر للتدريب الاعلامي بغية رفع مستوى الوعي المهني للعاملين في اجهزة الاعلام الجماهيرية وتعريفهم بمستجدات عالم مهنتهم, وختمت كلامها بالسؤال عن استعدادنا لمجابهة التحديات التي ساقتها, وقدرتنا على صنع اعلام يطلع بمهامه على اكمل صورة. الاعلام فرع والسياسة الأساس في ورقته ابدى سلمان ــ بعد القاء تحيته على الشارقة ــ تحفظا على عنوان الندوة باعتبار ان وسائل الاعلام ليست عالما قائما بذاته تتم محاسبته كأنه صاحب قرار وفعله أو عدمه وفق ارادة حرة بمعزل عن وتيرة التقدم العام والوضع الاقتصادي والقيود الادارية والقانونية المنظمة للحياة العامة, ولاحظ تحميل هذه الوسائل احيانا اخطاء لم ترتكبها وميز بين تلك المملوكة للحكومات والخاصة التي تحاول الاستمرار وسط ظروف صعبة ومحيطات المعلومات المستوردة ذات الاغراض غالبا والمزورة فيما يعنينا كعرب مثل الحالات المتصلة باسرائيل والصراع العربي ــ الاسرائيلي, ووجد ان وسائل الاعلام منابر وليست قيادات سياسية. اما التلفزيون والفضائيات فهي مؤسسات حكومية أو شبه حكومية وان سجلت في عواصم اجنبية كشركات يملكها افراد أو هيئات تنتهي استقلاليتها عند باب الوزير. واوضح عدم امكانية فصل الاعلام عن الثقافة كجزء من رسالتها, جعلها جماهيرية واسهم في احداث ثورة ثقافية حقيقية ولا عن الحريات العامة والاتصال فأي اعلام ذلك الصادر في مجتمع يمنع اهله من الاجتماع والمناقشة وحق المشاركة وتكوين الجمعيات والاحزاب وحق الاختلاف مع الحاكم, وتساءل عن الاعلام الذي لا يوفر لابنائه وللاعلاميين حق الاستفسار والحصول على المعلومات وابلاغها للآخرين وانتقد معظم الحكومات العربية التي تتعامل مع وقائع الحياة اليومية كأسرار حربية من عدد السكان حتى الناتج القومي والاستيراد والتصدير اضافة لتزوير الارقام في ادنى التفاصيل, واعتبر سلمان ان الاعلام فرع من اصل هو الثقافة ووسيلة فيما الاساس السياسة واي اعلام يكون في غياب المشاركة الشعبية في القرار السياسي وغياب الديمقراطية وحرية الرأي والمعتقد والحصول على المعلومة وخلص إلى وجوب محاسبة اصحاب القرار السياسي وليس مسؤولي المؤسسات الاعلامية. وقال ان الصحافة العربية تكاد تلقي السلاح خارجة من ميدان الصراع معرجا على التطورات السياسية الخطيرة التي عشناها منذ 30 عاما وما جرته من تعميق الانقسام وتراجع القومية التي باتت اشبه بسبة وانتظار لحظة الخلاص حتى على يد الاجنبي والاسرائيلي, وعرض صورة قاتمة للوضع اقلها تحول الحدود إلى سدود ومنع التواصل إلا بالاذن الذي يلغي الحرية اضافة لاستشراء الرقابة على كل شىء, ووصل إلى حدّ التنبيه من انقراض الصحافة العربية بعد اسطورة السلام. وفند في تحولات الصحافة حيث غدت الاخبار العربية بابا في الصحيفة والاولوية المطلقة للمحليات بتفاصيلها المملة وهناك الدوليات الآتية من امريكا مركز القرار العالمي والطرائف والكوارث ونادرا ما نعرف اخبارنا من مصادرنا, وكيف نستشرف كوسائل اعلام مستقبلنا اذا كنا لا نعرف الحقائق؟ بمقدورنا شراء احدث اجهزة الاتصال واكتساح الفضاء بقنواتنا لكن هل هي عربية فعلا وهل هو دخول عربي إلى العصر؟ وساق امثلة اشبه بمشاهد كوميدية سوداء داعيا إلى الاجابة عن ماهيتنا دون اهمال الدخول الاسرائيلي فينا, وخلص إلى ان ولوج القرن المقبل لا يترك لجهة واحدة وهو قرار سياسي وليس براعة اعلامية.

Email