يستعد لأول تجربة إخراج من إنتاجه:نور الشريف:أرفض أن أكون وزيراً

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن احد يدري ان هذا الشاب الصغير الذي يقف لأول مرة امام الكاميرا مجسداً شخصية كمال عبدالجواد في ثلاثية نجيب محفوظ سيصبح يوماً ما نجم النجوم وأنه سيجمع بين نجومية المسرح والسينما والتليفزيون في مصر . ففي العام 67 وقف نور الشريف أمام الكاميرات ليعلن عن مولد نجم جديد أخذ يتلألأ طوال الثلاثين سنة الماضية وكانت حصيلة ذلك ما يقرب من 200 فيلم سينمائي والعديد من المسرحيات المختلفة وأعمال تليفزيونية تعد من كلاسيكيات التلفزيون في مصر. ونور الشريف ليس ممثلاً عادياً يستمتع بالاضواء ولكنه فنان عاشق للفن وللسينما خاصة لذلك فقد دخل مجال الانتاج بكل ما يملك متحدياً الظروف الصعبة التي تعيشها السينما المصرية منذ سنين. (البيان) التقت نور وكان معه هذا الحوار. - لمن يدين نور الشريف بالنجاح؟ ــ يرجع الفضل لنجاحي الى ثلاثة اساتذة علموني في بداياتي واقتحموا كل الابواب وهم علي فهمي ونبيل الألفي وبيرت ستيمل الأمريكي ــ مدرس مادة التعبير الحركي. فقد علمني علي فهمي فن التقمص ونصحني اكثر من مرة ان اتخلى عن شخصية نور الشريف أثناء تصويري أي دور آخر, فلا أنسى انه دربني عاماً كاملاً على مشهد واحد في مسرحية المشهد مكون من 8 صفحات فقط, فكان علي فهمي لا يهتم بحفظ النص فقط ولكن كان يهتم بدراسة السلوك الشخصي للشخصية أما نبيل الألفي فهو نموذج للاستاذ الكلاسيكي الأكاديمي فكان يأتي للمحاضرة ومعه نص ما ويجعلنا نقارن بينه وبين نص آخر للمؤلف نفسه ويناقشنا في الفرق بين النصين ويعلمنا الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة وقد زرع فيّ التخيل الفني وهو ضرورة مهمة فأذكر انه عرض علي تمثيل دور البطل (أجا) في مسرحية (الاورستية) وكنت آنذاك في سنة أولى معهد فاجتهدت ودربت نفسي جيداً وعندما رآه قال لي بهدوء: هناك اشياء صغيرة لا يجب ان تنساها فلا تهتم بالنص فقط بل بمشاعر واحساس النص. اما بيرت الامريكي فقد علمني دقة الالتقاط من الحياة فكان يصحبني معه في تنقلاته وكان دائماً يقول:(خزن في عقلك كل ما تراه) وسوف ينفعك هذا فيما بعد, حتى اني اصبحت أدون كل ما أراه في كراسات زادت عن المئتي كراسة الى الآن وبالفعل استفيد من ذلك كثيراً. حقيقة استفدت من هؤلاء الثلاثة كثيراً ولا أنسى أيضاً استفادتي من مخرجين كبار مثل حسن الامام ونور الدمرداش وغيرهم. علاقة أبوية - بداياتك المسرحية هل هي السبب في علاقة الحب التي بينك وبين المسرح؟ ــ علاقتي بالمسرح هي علاقة الأب بابنه فأنا تربيت وترعرعت في المسرح ومسارح الدول وبالذات المسرح القومي الذي قدمت فيه الى الآن خمس تجارب هي بعد ان يموت الملك (والفارس والاميرة) و(لعبة السلطان) و(ست الملك) واخيراً (يا مسافر وحدك) وفي الحقيقة كم تمنيت ان اصبح ممثلاً دائماً في المسرح الا ان القوانين تمنع ذلك لأني أمتلك شركة انتاج تجارية وذلك يراه البعض استغلالاً ولكن هم الخاسرون فأنا الآن اتقاضى مرتب عشر سنوات من المسرح في عمل واحد. - لكنك عملت في المسرح الخاص ايضاً؟ ــ نعم كانت لي تجربة مع المسرح الخاص ولن انوي تكرارها مرة اخرى فهناك فرق كبير بين المسرح في القطاع الخاص والمسرح في القطاع العام فالمسرح التجاري لا يناسبني سواء من حيث ارتفاع أسعار تذاكره او سواء فيما يقدمه أو في ميعاد عرضه, لكن لا يعني هذا ان كل المسرح الخاص سيء فهناك مسارح لفرق جيدة أخص منها فرقة الفنان محمد صبحي, لكن في مسرح الدولة أستطيع ان اقدم كل ما أريده وكل ما يناسبني. مشكلة ادارة - ولماذا اذاً لم تقدم عرض (بيكت) الذي أقدمت على اخراجه وتمثيله منذ عامين؟ ــ مشكلة (بيكت) هي مشكلة الادارة في مصر والدول العربية عموماً فقد أخذت هذا النص للكاتب الفرنسي (جان انوبيه) ووقعت عقداً مع ادارة المسرح السابقة متمثلة في محمود الحديني رئيس البيت الفني للمسرح وشرعت في العمل وبدأت الترتيبات وبعد شهرين من الاستعدادات فوجئت بقرار البروفات وذلك لتغير الادارة وتعيين سامي خشبة بدلاً من الحديني, وأعتقد أن الادارة الجديدة تخوفت من العمل لأنه يعالج مسألة سياسية دينية وهي الصراع على السلطة وعلاقته بالدين من خلال (بيكت) كبير أساقفه الملك هندي الثاني وهذه القضية تشغلني وكنت قد قدمت على مسرح الهناجر مسرحية (محاكمة الكاهن) وكنت أتمنى تقديم بيكت لتكتمل الرؤية. - وهل الرقابة كانت سبباً؟ ــ اطلاقاً فقد كانت معي موافقة الرقابة والكنيسة ايضاً. - وهل اثر الغاء العرض عليك؟ بالطبع أصبت باحباط شديد فقد جهزت الديكورات والموسيقى والازياء والاكسسوارات وزرت أثناء ذلك لندن اكثر من مرة لمعاينة الرسومات على الكاتدرائية (كاتيورية) وما زاد من احباطي ايضاً تفرغي التام لهذه المسرحية التي كانت احد أحلامي. - ولكنك عدت للمسرح؟ ــ عدت عندما قرأت النص الذي صاغه هاني مطاوع بعزوبة شديدة وهو عرض (يا مسافر وحدك) والذي قدمت فيه مجموعة من شباب المسرح ندى بسيوني ومنى زكي وغيرهم وهو نص كوميدي به من العظة الكثير حيث يقول العرض للمشاهدين ماذا يجب ان يفعل الانسان في حياته وان الذي يبقى هو عمل الخير وذلك عن طريق يطل العمل (انسى آدم) الكاتب الذي يغتال يوم زفافه فيتم محاسبته في الآخرة حيث يتقابل مع بعض الشخصيات. قدمت مواهب عديدة - نبعد عن المسرح ونسألك ماذا قدم نور الشريف المنتج للسينما؟ ــ قدمت العديد من المخرجين الموهوبين الذين رفعوا اسم مصر عالياً وكذلك كتاب سيناريو بارعين, فقد اتحت الفرصة لسمير سيف عندما انتجت وقمت ببطولة فيلم (دائرة الانتقام) وفي المقابل أظهرني سمير سيف في شكل مختلف اكتسبت من خلاله جمهوراً جديداً عليّ وهو جمهور (الاكشن) فقد عرفت سمير سيف عندما كان مساعداً للمخرج الكبير حسن الامام, وتعمقت صداقتنا فأسندت له اخراج الفيلم الذي نجح كثيراً وكذلك قدمت المخرج محمد خان في فيلم (ضربة شمس) وقدمت معه السيناريست فايز غالي وقدمت عاطف الطيب وداود عبد السيد ومحمد النجار وكلهم مخرجون لهم بصمة في السينما, هذا بالاضافة للعديد من الافلام الناجحة. - وبوصفك عضواً في غرفة صناعة السينما ما اخبار ازمة السينما؟ ــ قضية السينما مهمة جداً وكثيراً ما قلت ان القوانين التي صدرت وتجاهلت شركات الانتاج الصغيرة لن تنفع السينما فكيف لمنتج مثلي بدأ منذ ما يقرب من 25 عاماً ألا يستفيد من اعفاءات الحكومة في حين ان صاحب رأس المال الضخم هو من يستفيد من ذلك؟ انها مسألة غريبة جداً, وكذلك هناك اهتمام بالمجال الاعلامي جداً ــ التليفزيون على وجه الخصوص فلماذا لا يعطى الاهتمام نفسه للسينما؟ وحتى التليفزيون الذي يجب ان يكون مساهماً في انفراج الأزمة تجده يشتري حق عرض الافلام التي تكلفت ملايين بأقل من 20 ألف جنيه لمدة خمس سنوات في حين انه يشتري اذاعة مباراة كرة قدم لمدة 90 دقيقة فقط بربع مليون جنيه! فإذا كان الاهتمام سينصب على الاعلام فقط فأنا أقترح ضم السينما للاعلام. - لكن هناك انفراجة ما في السينما نلحظها؟ ــ السبب يرجع الى كثرة القنوات الفضائية المشفرة التي فتحت المجال للقطاع الخاص ان ينتج افلاما كي تشتريها هذه القنوات, فمن غير المعقول ان ندفع اشتراكاً فيها ولا نرى افلاماً جديدة. أرفض المناصب القيادية - نور الشريف الممثل السينمائي حيرنا كثيراً فتارة نراه في فيلم سياسي وله فكر وتارة نراه في أفلام تجارية؟ ــ الممثل في صناعة السينما ما هو الا سلعة, وأنا ممثل محترف وعندما أوافق على الاشتراك في الافلام التجارية فإنني افعل ذلك بوعي شديد وبتوازن في اختياراتي ولا بد ان ارضي جمهور السينما العريض الذي يهمني ايضاً بجانب المثقفين لذلك قدمت (المصير) مع يوسف شاهين, و(عفريت النهار) مع عادل الاعصر في العام نفسه. - أليس غريباً ان طوال سنوات عملك الفني وعطائك لم تحصل على منصب قيادي؟ ــ أنا ضد أن يتولى الفنان منصباً ادارياً لذلك رفضت كل ما يعرض علي وآخرها رئيس قطاع بالمسرح بدرجة وكيل وزارة ومنصب نقيب الممثلين, أو بالاحرى الترشيح لهذا المنصب فأنا أفضل أن أكون ممثلاً فقط, فالمناصب لا تدوم والفن هو الذي يبقى. - الجميع يعتقد ان دورك في مسلسل لن أعيش في جلباب أبي هو أحب أعمالك اليك؟ ــ عبدالغفور البرعي يمثل لي وجبة شعبية بها من كل الأصناف فهو مثل (الكشري) المصري به العدس والمكرونة والأرز لذا يحبه الناس كثيراً أما بالنسبة لي فأنا أعشق دوري في مسلسل عمر بن عبدالعزيز وذلك لشخصية الخليفة عمر الثرية التي تمثل صحيح الدين الاسلامي الحنيف. التليفزيون مرهق جداً - ولماذا لم نرك في رمضان؟ ــ لقد قررت ان انقطع عن التليفزيون لمدة عامين قادمين لأن العمل في التليفزيون مرهق جداً ويكفي ان نعلم ان المسلسل الواحد يساوي 15 فيلماً من حيث المجهود والوقت, كما انني خلال السنوات الثلاث الماضية قدمت ثلاثة اعمال ناجحة وعالية المستوى هي عمر بن عبدالعزيز ولن أعيش في جلباب أبي وهارون الرشيد وأرجو اذا عدت ان اكون في عمل على المستوى نفسه. - بعد سنوات العمل والعمر في أي شيء يفكر نور الشريف الآن؟ ــ في أشياء كثيرة, في حال السينما في المرحلة المقبلة, في كابوس مسرحية بيكت الذي قررت ان اقدمها في شهر ديسمبر لأي قطاع.. وفي عمل ابنتي سارة في الاخراج وفي فيلم (دخلة وداد) أول تجربة اخراجية لي ومن انتاجي وتأليف محمد حلمي هلال.. وفي مسرحية يا مسافر وحدك ورئاستي لمهرجان الاسكندرية المقبل وكذلك فيلم (البحث عن جعفر المصري) . القاهرة ـ مكتب البيان

Email