لكل سجادة حكاية (1)

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم أكن أتخيل وأنا أتجه إلى " واحة السجاد " ، أحد فعاليات مهرجان دبي للتسوق الشهيرة والتي تنظمها جمارك دبي بمركز معارض مطار دبي الدولي، أن يكون المكان بكل تلك الروعة والإبداع .

والأكثر من ذلك أنني لم أتصور أنني قد أجد قصصا فريدة لسجادات حيكت ، فقد كنت أنظر إلى السجاد كسلعة استهلاكية ، مثلها مثل بقية السلع التي نستهلكها مدة عمرها الإفتراضي، وقد نتخلص منها قبل ذلك إذا ما تحسنت أوضاعنا المادية.

اكتشفت في هذه الواحة التي هي بالفعل واحة بكل ما تعنية الكلمة، أن السجاد ليس مجرد سلعة ، بل إنه منتج ذو قيمة فريدة ومكانة عالية ، وأن هناك سجادات لها تاريخ عريق، وأن صناعة السجاد ليست مجرد صناعة أو حرفه ، بل إنها فن عريق وأصيل ، وأنه ليس بإمكان أي كان أن يكون صانع سجاد.

كانت أول السجادات التي توقفت عندها والتي ستكون محور هذه الحلقة من " قصة سجادة " سجادة من أفغانستان يطلق عليها اسم "ياج خال جول " وهي تعني " زهرة الآخال " (باللغة المحلية المعروفة باسم داري)، وهي زهرة كانت لها شهرتها في بخارى وأفغانستان قديما .

صنعت هذه السجادة - كما يقول مايواند جبار خيل المدير العام لشركة تنوير للسجاد - قبل 150 عاماً، وتحديدا في عام 1862 بطلب من حاكم بخارى حينها .

كان حاكم بخارى يريد أن يقدم هدية فريدة لملك أفغانستان ، الملك أمير دوست، فكلف أربعة من أمهر مصنعي السجاد حينها، فانجزوا المهمة خلال ثمانية أشهر، مستخدمين صوف الغنم الطبيعي فقط، وحرصوا على أن تكون ألوانها طبيعية مائة بالمائة فاستخلصوها من الخضروات والأعشاب الطبيعية المجففة والتي تم مزجها بصوف الغنم.

يضيف مايواند أن مقاس السجادة هو 3 متر في مترين ، ومع ذلك فقد استخدم في تصنيعها 60 رأسا من الغنم، حيث اعتمد في صناعتها على صوف صدر الغنم دون غيره من بقية أجزاء الجسد، وهو الأكثر نعومة وبريقاً ويسمى "كورك" .

سلمت السجادة لحاكم بخارى الذي طلبها ، فأهداها إلى أمير دوست ، ملك أفغانستان ، الذي أعجب بالسجادة فعلقها على أحد جدران قصره ، ثم توفي بعدها بعام واحد أي في 1863، لكن السجادة بقيت في القصر الذي تغير ساكنيه من ملك الى آخر لمدة 110 سنوات.

بعد ذلك أهديت السجادة الى وزير داخلية أفغانستان " عصمت خان جبار خيل " قبل 40 عاما ، والذي كان جد محدثنا مايواند ، حيث قام بدوره بتعليقها على جدران منزله وتناقلتها العائلة حتى وصلت الى مايواند الذي يعرضها للبيع، رغم أنه عاجز – كما قال – عن تحديد سعر لها ، فهي لاتقدر بثمن برأيه ، وقد عرض عليه الزوار ومحبي السجاد مائة ألف درهم فلم يبع.

وكي تزول عنك الشكوك التي قد تساورك حول حقيقة هذه السجادة ، يبادر مايواند فيعرض عليك شهادة من غرفة تجارة وصناعة افغانستان ، تؤكد صحة ما يقوله ، ومصدق عليها من الجمعية الافغانية للسجاد.

Email