تقييم أثر ضريبة القيمة المضافة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الفترة التي سبقت الموعد النهائي لطرح ضريبة القيمة المضافة، عاشت كثير من الشركات والأعمال حالةً من الترقّب حيال مدى جاهزيتها لتطبيق مثل هذا التغيير في نماذج أعمالها. وبحسب دراسة استقصائية أجرتها كل من وكالة «رويترز» وجمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين في أوائل 2017، قامت نسبة 37% فقط من المشاركين بدراسة التأثيرات المحتملة لتطبيق ضريبة القيمة المضافة في أعمالهم. ويتمثل الدليل على هذا الأمر بتوجه الشركات نحو مدققي الحسابات والمستشارين طلباً لمساعدتهم على التحضير لتطبيق نظام ضريبة القيمة المضافة. إذ أدى هذا الأمر لحدوث طفرة في الطلب، ما أدى لظهور عددٍ كبيرٍ من المستشارين الجدد والمستقلين ضمن هذا المشهد. ويعتبر التحضير لإدخال نظام ضريبة القيمة المضافة مسألةً تعالج على مستوى الشركة بأكملها ولا تقتصر على أنظمة تكنولوجيا المعلومات؛ إذ تخضع لتأثيرها جميع الجوانب من الحسابات والشؤون القانونية وصولاً إلى الموارد البشرية.

ووفقاً لخالد علي البستاني، المدير العام للهيئة الاتحادية للضرائب، هناك آلاف المؤسسات في دولة الإمارات العربية المتحدة تخضع لضريبة القيمة المضافة، وقام عدد كبير منها بالتسجيل فعلياً لدى السلطات المعنية.

وبطبيعتها، تؤثر ضريبة القيمة المضافة في جميع الأفراد والشركات في الدولة، ولكن هناك بعض القطاعات المعفاة من فرض الضريبة. فقد أصدرت الهيئة الاتحادية للضرائب قائمةً بالقطاعات والإمدادات المعفاة والخاضعة للضرائب. ففي حين لا يخضع التعليم في المدارس للضرائب، تطبق ضريبة بنسبة 5% على التعليم المدرسي العالي، المقدم من قبل المؤسسات التعليمية الخاصة. وبالمثل، لا تخضع جميع خدمات الرعاية الصحية للضريبة، إلا أن خدمات الرعاية الصحية غير الوقائية (كالرعاية الاختيارية والتجميلية) تخضع للضريبة بنسبة 5%.

بينما تعتبر المنتجات والخدمات المعفاة من الضريبة هي الأكثر احتمالاً للاستفادة منها، وتشتمل هذه الفئة على النقل الدولي والرعاية الصحية الأساسية والوقائية والخدمات التعليمية التي تقدمها الحكومة، ومن شأن مرونة أسعار المنتجات والخدمات أن تحدد أيضاً كيفية تقسيم كلفة ضريبة القيمة المضافة بين البائع والمشتري.

وبحسب الموقع الإلكتروني الخاص بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، تُطبق ضريبة القيمة المضافة في 165 دولةً مختلفة. وكانت ماليزيا آخر الدول التي قامت بتطبيقها في أبريل 2015، بينما قامت الهند بفرض ضريبة السلع والخدمات (GST) في منتصف 2017.

وبحسب تحليل في عام 2016، الصادر عن وحدة المعلومات الاقتصادية (EIU)، التابعة لمجلة «إيكونوميست»، ستحقق دولة الإمارات، إيرادات إضافية بقيمة 12 مليار درهم (3.3 مليارات دولار). ويتفق الاقتصاديون على إمكانية حدوث قفزة طفيفة على مستوى التضخم دون وجود زيادة كبيرة ومستدامة.

وباعتبار أن الهند قامت بطرح ضريبة السلع والخدمات العام الماضي، لذا لا يزال من السابق لأوانه التعليق وإصدار الأحكام على هذه الممارسة. ويتمثل الدرس الرئيس المستفاد من تجربة ماليزيا في تطبيق ضريبة السلع والخدمات بالحاجة لإجراء تحضيرات واسعة النطاق قبل طرح الضريبة، فيما يتمثل ثاني الدروس المستفادة بأعباء الامتثال التي تصاحب تطبيق ضريبة السلع والخدمات التي شعرت بها الشركات الصغيرة والمتوسطة بشكل أكبر قياساً بالشركات الكبيرة. وبالنسبة لدولة الإمارات، يمكن للنتائج أن تتمثل بالإيرادات الإضافية للحكومة، والحاجة لدعم الشركات الصغيرة من أجل إدارة كلفة الامتثال لضريبة القيمة المضافة وتوفير التعليم المستمر والمعلومات للشركات والعملاء.

كانت الجهات الحكومية من أشد الداعمين للانتقال إلى النظام الضريبي، حيث قامت الإمارات بتأسيس الهيئة الاتحادية للضرائب المسؤولة عن جمع وإدارة الضرائب الاتحادية. كما توفر حكومة الإمارات على موقعها الإلكتروني الكثير من المعلومات المفيدة عن آلية عمل نظام ضريبة القيمة المضافة. وبتاريخ 7 يناير الماضي، وجهت الهيئة دعوةً لجميع الشركات غير المسجلة للقيام بذلك من أجل تجنب الضرائب والعقوبات.

ومن شأن المعلومات الواضحة والمقدمة للشركات والمستهلكين ودعم الشركات الأصغر حجماً خلال عملية التطبيق أن ترتقي بفوائد ضريبة القيمة المضافة إلى حدودها القصوى.

 

محاسب إداري معتمد (CMA) ومحلل مالي معتمد (CFA)

Email