جذور

ذاكرة المكان في تراث الإمارات (2-2)

قلعة تاريخية في ليوا بمنطقة الظفرة بإمارة أبوظبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد الدراسة الجادّة المُضمَّنة في كتاب: دولة الإمارات العربيّة المتّحدة:

دراسة مسحيّة شاملة، نشرت إصدارات جغرافيّة وتضاريسيّة وجيومرفولوجية عدّة كتبها الدكتور حسن أحمد أبو العينين، وهو كان حينها أستاذاً في قسم الجغرافيا بجامعة الإمارات، وزخرت مصنَّفاته بالاسم والمسمّى والواقع والشكل والمعالِم والمظاهر.

ومن أشهر كتبه: بعض الظاهرات التركيبيّة النّشأة في جبل حفيت جنوب مدينة العين:

دولة الإمارات العربية المتحدة وتشكيلها بفعل الأودية الخانقيّة. وحوض وادي دبا في دولة الإمارات العربية المتحدة: جغرافيّته الطبيعيّة وأثرها في التنمية الزراعيّة.

والسّهول الحصويّة في دولة الإمارات العربية المتحدة وخصائصها الجيومورفولوجيّة. والسّهول الساحليّة فيما بين رأس دبا وخور كلبا على السّاحل الشّرقيّ لدولة الإمارات العربية المتحدة.

والموارد المائيّة لمروحة وادي البيح الفيضيّة شرق رأس الخيمة ودورها في التنمية الزراعيّة. وله كتاب بالاشتراك مع محمد مدحت جابر بعنوان: مواضع المحلّات العمرانيّة في المنطقة الشّرقيّة لدولة الإمارات العربية المتحدة والعوامل الجغرافيّة التي أثّرتْ فيها.

الأطلس

وفي بدايات التسعينيات أصدرتْ جامعة الإمارات العربية المتحدة: الأطلس الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة في عام 1993. ويكاد ينفرد هذا الأطلس بقدِم السبق في فنّه. وهو أطلس ضخم مليء بالصور والخرائط والجداول والمخطّطات.

وفي الكتاب أطلس ألفبائي تفصيلي رائع. ومن هذا الإصدار استخرجتُ عدداً من النتائج سوف نذكرها فيما بعد. ومع مرور الوقت برّز مجموعة من الكتّاب الإماراتيين والعرب الذين ربطوا بين ذاكرة المكان وبين ذاكرة الإنسان.

إصدارات متتابعة

ومن هؤلاء الكتّاب أيضاً علي بن أحمد الكندي المرر كاتب الظفرة، ومدوّن تاريخها، ومسجّل أحداثها، وحافظ وقائعها، ومبرِز شعرائها، ومثبت مواضعها وآبارها وطرقها.

ومن أهمّ إصدارته في هذا الميدان: الظّفرة في كتابات الرّحّالة والمؤرّخين، والقلاع والحصون في منطقة الظفرة، في عام 2018. والطرق الصحراويّة القديمة في منطقة الظفرة، عام 2021.

ومعجم الأماكن في شِعر أهل الظفرة، عام 2022. كما أبدع جمعة بن خليفة بن ثالث في كتاب: المرموم: رئة دبي وموئل الطبيعة، عام 2022.

وهو كتاب قيّم ربط بين الإنسان والمكان، ونهل من الذّاكرة ما يثبّت الواقع. ومن الجدير بالإشارة إلى أنّ محمية المرموم من أهمّ المحميات الصحراوية في الدولة.

وفي هذا المؤلَّف ركّز الباحث على المعلومات والحقائق التاريخية والتراثيّة من مصادرها الأصليّة. وأصدر حماد بن عبدالله الخاطري كتابه: معجم موارد المياه القديمة بإمارة أبوظبي، عام 2015.

ويتضمّن الكتاب معلومات حول ألفاظ ومعاني تضاريس بادية الإمارات المتعلّقة تحديداً بالمياه واستنباطها ثمّ تضمّن الكتاب معجماً لموارد المياه من الألف إلى الياء.

وهذا الإصدار يكاد يكون دليلاً جغرافيّاً للآبار في إمارة أبوظبي. وقد اعتمد المصنِّف في جمع مادة الكتاب على جولات ميدانية شملت أرجاء البادية في منطقتَي الظفرة، والعين، بالإضافة إلى المرويّات الشفهيّة التي أفادتْه في تسميات الآبار والأفلاج ومواقعها في تلك المواضع.

ثمّ صدر كتاب: الأسماء الجغرافيّة ـ ذاكرة أجيال ـ دراسة تاريخيّة وتوثيقيّة لدولة الإمارات العربيّة المتحدة، لخليفة بن محمد الرميثي عام 2022.

وفي الكتاب جهد واضح في الإعداد وفي وفرة المعلومات، وهو زاخر بالخرائط، وقد اتبع فيه الكاتب أكثر من منهجيّة في عرض المادّة التاريخيّة والتراثيّة والجغرافيّة مع تباينٍ جليّ في كمّيّة المادّة العلميّة بين اسم وآخر.

وفيه تكرار لعدد من المسمّيات. وأظهر الدروب القديمة ومحطّاتها المهمّة، والآبار التي تمرّ عليها. وربما تجاوزت أعداد المواقع 3500 موقع.

وتحدّث سعيد بن سيف بن خلوف المحرزي في كتابه: سطور من ماضي مسافي، الصادر عام 2021. حول قرية مسافي، وسكّانها، وعادات أهلها وتقاليدهم، وأعمالهم، ووصف للمنطقة المحيطة بمسافي تضاريس وبيئة.

البرّ والبحر

وفي المجال نفسه أصدر عبدالله عبد الرّحمن كتابه الظَّفرة: البرّ والبحر: رحلات صحفيَّة استكشافيَّة في أوائل التسعينيات، عام 2018. وهو ما جمع فيه مقالاته التي ضمّنها مشاهداته أثناء زياراته للظفرة في بدايات عقد التسعينيات. وهنا ربط بين المكان والإنسان من حيث التاريخ والجغرافيا والبيئة والتراث. وفي الكتاب إشارات إلى أسماء المواضع.

وما فيها من ملامح تراثيّة. وفي الإطار نفسه كتب علي محمد راشد مصنَّفيْه: الأسواق الشّعبيّة القديمة في الإمارات، وصفحات من ماضي الإمارات، الصادرين بين عامَي 2013. و2015.

وقد أحسن المؤلِّف في الجمع بين ذاكرتَي المكان والزمان، وما أدخل فيهما من ذِكريات الإنسان. وفي عام 2018 أصدر الدكتور موسى سالم الهواري كتابه: الظَّفرة: حكاية الماء والصَّحراء، وهو كتاب جميل في فنّه من حيث حديثه حول ذاكرة الزمان المرتبطة بالمكان. وارتباطهما بالحدَث التاريخي والواقع التراثي.

إلا أنّ الدكتور محمد عيسى قنديل قد وضع كتاباً يكاد ينفرد في مجاله حتى الآن بعنوان: معجم أسماء الأماكن والمواقع في دولة الإمارات العربيَّة المتحدة: جغرافيا... وتاريخ، الصادر عام 2020. وفي الكتاب تقريض وإشادة من الدكتور إبراهيم السعافين الذي اعتبره موسوعة هي مرجع مهمّ للباحثين والعلماء وطلّاب المعرفة عن الأماكن والمواقع في دولة الإمارات.

ويشير المؤلِّف في مقدّمة كتابه إلى جمعه مادّة الكتاب من خلال الجولات الميدانيّة في أرض الإمارات. وتتبّع أقوال كبار السّنّ ورواياتهم التاريخيّة والجغرافيّة.

بالإضافة إلى ما نُشر حول موضوع المعجم في الصحف والمصادر الأخرى. ومع كلّ هذا الجهد إلا أنّ الكاتب يقرّ بوجود تفاوت في التعريف بموقعٍ دون موقع ويعود إلى القدرة الخاصّة في الوصول إلى المعلومة لمكانٍ ما. بالإضافة إلى ما لهذا المكان من دور في التاريخ والتراث والأحداث.

ويعلن الكاتب أنّ معجمه جاء ليسدّ نقصاً في المعاجم الجغرافية في الإمارات التي فعلاً تفتقد إلى هذا النوع من الإصدارات التي تتضمّن أسماء الأماكن والمواقع الجغرافية المختلفة في الإمارات من مدنٍ وقرى، وسهول وجبال، وجزر ومغاصات، ومحاضر وشعبيات، ومساجد، وآبار وسدود، وموانئ وأخوار. كما يسلّط المعجم الضوء على جبال الإمارات، والنباتات والحيوانات والمناخ.

مفاهيم وملاحظات

أمّا ما استنتجتُه من فهوم من أطلس الإمارات هو أنّ اسم: «رأس» غالباً ما يرتبط بالرؤوس البحريّة، وأشكال بروز السطح على السواحل، وإذا أثبتنا هذا القول فإنّ كثيراً مما يقال عن اسم رأس الخيمة وارتباطه بحكاية خيمة كانت منصوبة في هذا الموضع كان يهتدي بها المبحرون ويشيرون إليها هو مجرّد حكاية لا أصل لها، وأنّ الاسم يرجع بشكل رئيس إلى الرأس البرّي الممتدّ في البحر.

وهكذا بقيّة الأسماء. وأنّ اسم: «أمّ» غالباً ما يرتبط بالأشكال التضاريسيّة البرّيّة. كما تكثر في الأسماء أسماء الغاف والسدر والسمر واللوز. وأسماء الآبار والطواية والصخور والأودية والبرقات والمغاصات وغيرها.

مقترح

ولإتمام المعجم الجغرافي الشامل والمتكامل علينا أن نعيد إصدار كتاب الدكتور محمد قنديل، واعتباره الأصل الذي نضيف عليه ما تجمّع لدينا من معلومات من مصادر أخرى، وترتيبها وفق منهجيّة علميّة صحيحة تتجنّب التكرار والتفاوت والاختلاف والتباين. ويصاحب ذلك توثيق دقيق، وتحرير مناسب، وصياغة أدبيّة تاريخيّة تراثيّة رائعة.

اقرأ أيضاً:

ذاكرة المكان في تراث الإمارات (1-2)

 

Email