أرصفة

موناليزا عراقية

ت + ت - الحجم الطبيعي

حينما احتلت بريطانيا العراق عام 1914، استوطن الكثير من الضباط والجنود في البلاد، وعملوا في العديد من الدوائر الرسمية، منها: المدارس، حيث قام بعضهم بتدريس اللغة الإنجليزية في المدارس الثانوية، وتزوجوا نساء عراقيات، إلا أن واحدة منهن تميزت بجمال خارق لم يُعرف عند نساء الغرب، بما فيه بريطانيا.

اسمها «جميلة» والاسم على المسمى، من مواليد 1904، يقال عنها معيدية من أهوار الجنوب، والمعدان عشائر عربية تسكن أهوار العراق وتشتهر بزراعة الرز وتربية الجاموس، وتستفيد من حليبها ومشتقاته للعيش.

اختلف الباحثون في أصولها، بعضهم اعتبرها تركمانية اسمها «صمانجي»، وآخرون قالو كردية اسمها «كيجيكا فروش». وأنا أميل إلى أصولها المعيدية العربية، وهذا ما كان يؤكده «شوابنا» من قبل.

«جميلة»، عشقها ضابط بريطاني وجن بها، وبعد جهد وضغوط على أهلها الذين رفضوا هذه الزيجة، تزوجها البريطاني وعلّمها الإنجليزية وأصول المدنية الحديثة وألبسها أجمل الملابس والحلي والعطور، وأصبحت مثالاً للجمال، حتى إنهم كانوا يعلقون صورتها في بيوتهم على مدى أكثر من عشر سنوات.

أخذها البريطاني إلى لندن، وأمام إغراء جمالها غير الطبيعي، والذي تجاوزت به أجمل نساء بريطانيا، وأمام عشقه لها، أحضر أشهر الرسامين الإنجليز ودفع له مالاً كثيراً وطلب منه رسمها بفن جميل، ففعل الفنان مأخوذاً بهذا الجمال وهذه الطلعة البهية، وانتقلت اللوحة الفنية إلى العراق واستنسخ الأصل بالآلاف، وبيعت كل الصور المستنسخة، وأُطرت بأجمل الأُطر، ودخلت بيوت الناس مفاخرين بالجمال العراقي الذي تفوق على الجمال الإنجليزي، وجعل حبيبها البريطاني يجن بها ويتزوجها، متجاوزاً كل المعوقات التي كانت أمامه في مجتمع ذكوري عشائري ومتحفظ جداً، بل وقاسٍ، أمام مثل هذه الزيجات.

 

Email