تومان العبد

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ظل ما يدور من حولنا من كوارث وحروب، تظل النكتة أو الحكاية المسلية جزءاً من تخفيف نفسي على الإنسان «تنفيس»، تماماً مثل المسرحية الكوميدية التي تشاهدها لنسيان أو خفض احتقانات نفسية، لذا تذكرت حكايات مسلية مرت علي في حياتي، منها حكاية «تومان العبد».

وتومان هذا يعرفه سكان مدينة البصرة، رجل فقير واحد من العمال يحمل لوحة خشبية عليها إعلان الفيلم الذي يعرض في دار السينما التي يعمل بها، يتجول تومان في المدينة، يسير أمام اللوحة الخشبية يحمل مزماراً إلا أنه لا ينفخ به من فمه إنما من أنفه، كان يصنع الفرح في كل شارع وسوق وتجمهر يمر به. فهو بهلوان وصاحب نكتة وعازف ناي (مزمار).

هو من عائلة مسحوقة تعيش في منطقة اسمها الطمامه (مكب الزبالة)، في منطقة الساعي، له أخ كان شرطياً وفقد أصابعه وأحيل إلى المعاش، والثاني عامل يعمل في أقذر مهنة إذ يقود خزاناً حديدياً على عجلتين يجره بغل ويضطر إلى ملء الخزان بالمياه القذرة والمخلفات البشرية بيده، بواسطة سطل مشدود بحبل. ثم يفرغها في مكان بعيد. في الليل يجتمع الاخوة مع جيرانهم من الشباب والشيوخ، ليقيموا سهرة غنائية يغلب عليها المرح، ناسين همومهم ومتاعبهم والحالة التي هم فيها، ليناموا وقد غسلوا تعبهم وهمومهم.. ومن الفجر يبدؤون يومهم الجديد.

إنها حكاية بسيطة لأناس بسطاء كادحين يعملون صباحاً تحت أشعة الشمس الحارقة، ويسكنون عشة من القصب ويأكلون أبسط أنواع الأكل وليس لديهم ملابس سهرة ولا سيارات ولا تليفزيونات أو هواتف، لكنهم يعيشون بفرح وينشرونه على من هو قريب منهم.

«تومان» حكاية لا تُنسى لجيلي الذي عاش في البصرة تلك السنوات.

Email