وطن وموال

ت + ت - الحجم الطبيعي

موال عراقي غناه سعدون الجابر قبل سنوات:

اللي مضيع ذهب/ بسوق الذهب يلقاه،

واللي مضيع حبيب/ بكرة سنة وينساه،

بس اللي مضيع وطن/ وين الوطن يلقاه،

هكذا هو الوطن، بالضرورة المنافي جميلة وأنيقة، ويتوافر فيها كل مستلزمات الحياة، لكن للوطن طعم آخر وحب غريب، حتى القرى الصغيرة البعيدة عن الحياة تصبح في المنافي رياضاً أخضر، فالأوطان لا يمكن أن تجدها في الـ«سوبر ماركت»، ولا عند تجار النخاسة والسماسرة.

نفتقد كل يوم وطناً حتى لم يعد هناك وطن عربي لم يهدم، والأغرب من كل ذلك أن الذين يهدمون هذه الصروح الوطنية هم أبناء البلد أنفسهم، لذا وحتى لو اجتمع العالم كله لإعادة بناء هذا الوطن لن يفلح، في اعتقادي، ما دام أهل البلد يحرصون على تهديمه بإتقان وحرفية وإصرار حتى أصبح في خبر كان.

إن أبناء الوطن الواحد يحملون بنادقهم ويتجهون إلى معركة خاسرة، لأن لا أحد يعرف عدوه الحقيقي، الكل يوجه أسلحته للكل، وينسى أن العدو الافتراضي، الذي أمامه هو ابن وطنه، وإن قتله كما لو أنه يقتل نفسه، لأن التمادي في قتل الناس إضعاف في بنية الوطن الأساسية ألا وهي الإنسان.

لقد مللنا تصريحاتكم واستنكاركم، فقد بقيتم عشرات السنين تستنكرون وتحتجون على مواقف العدو الإسرائيلي إلى أن فقدنا فلسطين، فكم من عام ستظلون على هذا الموقف مع عدو مجهول؟ ونحن على ثقة بأن معظمكم يقف مع هذا العدو، إما بالتمويل المالي وإما بالمشاركة الفعلية. والوطن هو الذي يموت، لقد يئسنا من بعض هذه الحكومات، التي تحمل المعول بيد، والشجب والاستنكار بيد أخرى.

 

Email