بادرة لا تصدق

ت + ت - الحجم الطبيعي

في العراق الذي يعاني من كل أنواع الانقسامات والتحزب الطائفي والتخلف بأوجهه المختلفة والحروب الخارجية والداخلية والتدخلات الأجنبية..

وإلى آخره من الويلات التي ابتلي بها هذا البلد، قرأت قبل أيام، خبراً لم أصدقه، مفاده: قرية من قرى مدينة الديوانية الواقعة على الفرات في جنوب العراق، بادر أهلها بالتعاون مع السلطات المحلية واتخذوا عدة قرارات، لم أصدقها كما أعتقد أن أحداً لن يصدقها.

ومن هذه القرارات منع التدخين في شوارع القرية ومحلاتها العامة، كذلك منعت السلطات المحلية للقرية الحديث في الشؤون الدينية والطائفية والمذهبية.. والنقاشات السياسية التي تتطور وتنتهي بالشجار، ثم بالحروب الثنائية الداخلية والاغتيالات.

وطبعاً يأتي ذلك بينما تزدحم المعتقلات، في أحسن الأحوال، بمئات الأبرياء لمحاكمتهم بشكل طائفي، فقط بفعل مدلولات أسمائهم.

الخبر غريب حقاً، والأغرب هي القرارات التي اتخذها المجلس البلدي وممثلو العشائر التي تعيش في القرية. لكن النتائج كانت خطوات ومبادرات لم يكن أحد يتوقعها في مثل هذا البلد الذي يعاني من كل أنواع التخلف والانقسامات، وهي جاءت من قرية نائية وليس من العاصمة بغداد مثلاً. واللافت أنه أيد بائعو التبغ والسجائر قرار منع التدخين في المدينة، وكذا استجاب الناس والزائرون للقرارات كافة.

إذا كان الخبر صحيحاً فالتجربة رائدة وترسم أملاً في إصلاح الواقع المتدني والذي وصل إلى القاع، هي بادرة ليست بعيدة عن العراقيين وتحدياتهم التي خاضوها عبر قرون من الزمن، من اجتياح هولاكو لبغداد الرشيد.. حتى الاحتلال الأميركي 2003.. ثم الوضع الحالي الذي يقسم فيه العراق إلى كيانات صغيرة متطاحنة مبنية على أبعاد طائفية وعرقية، ومصالح شخصية، مادية أو غير مادية.

Email