الجندول

ت + ت - الحجم الطبيعي

«الجندول» واحدة من أغاني عبدالوهاب الخالدة، قبل أن تنزل الأسواق، أو تبث من الإذاعة، أهدى عبدالوهاب أسطوانة الجندول إلى رئيس الوزراء المصري مصطفى النحاس باشا، وفي اليوم التالي هاتف النحاس عبد الوهاب:

- «إيه ده يا محمد، هو إنت بطلت تغني.. إيه الكلام الفاضي اللي إنت تسميه مغنى؟!».

واستمر النحاس يكيل النقد لعبدالوهاب، وهدده بمنع الأغنية من الإذاعة حماية لاسم عبدالوهاب، وعبدالوهاب كعادته لا يرد، إلى أن تدخلت زوجة النحاس وحاولت أن تصلح ما أفسده زوجها.

ومرت الحادثة، وانتشرت الأغنية خلال أقل من أسبوعين بين الناس، داخل وخارج مصر، فأرسل النحاس إلى عبدالوهاب ليلتقيه في مكتبه، وما إن دخل المكتب حتى قام له النحاس وضمه وهو يردد، معجباً:

- «إيه ده يا محمد، إيه الإبداع دا، الجندول أغنية لم أسمع زيها من قبل، وربما مش هاسمع أحسن منها».

ليست غريبة حال موقفي النحاس، ففي البداية كان متعجلاً في حكمه ولم يدرك أن فن عبدالوهاب وألحانه، حتى تنام في أعماق الروح البشرية، لا بد أن تكون صعبة وعسيرة، وفي الوقت نفسه، بسيطة وتدخل في نسيج دم المستمع لا أذنه فقط، وحينما أحس بخطئه تنازل عن موقفه وموقعه كرئيس لوزراء مصر واحتضن عبدالوهاب معترفاً بعبقريته التي لم تكن سهلة على المستمع، لأن مثل إبداعات عبدالوهاب تحتاج إلى مستمع مؤهل ودقيق وذواقة، ليستوعب كل ما يلحنه هذا الفنان الذي طرز اسمه بين الخالدين من عظماء الموسيقيين في العالم، وهكذا تجدنا حتى اليوم نواصل الاستماع والاستمتاع لهذا الفن الجميل الذي تركه لنا موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب.

Email