دعوة إلى تشريعات للتحول الإلكتروني

معاملات بلا ورق.. استثمار الوقت في بيئة نظيفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

نعيش في عالم أكثر ما يميزه أنه «رقمي»؛ عالم أصبحت فيه التقنيات هي المحور الأول في قياس تقدم وتطور الدول، وأصبح مفهوم «معاملات بلا ورق» يتوسع ويمتد ليصبح هدفاً أساسياً ، وبشكل خاص في مجتمع دولة الإمارات بمؤسساتها الحكومية والخاصة وبين الأفراد من موظفين وطلبة.

وفي الوقت الذي تؤكد فيه المنظمات البيئية حول العالم أهمية الاستغناء بشكل تام عن الورق، بداعي الحفاظ على البيئة والتقليل من النفايات الورقية، ما زال البعض يرى أن هذه الخطوة ما زالت تحتاج إلى الكثير من الوقت وتحتاج أيضاً إلى قرارات حاسمة من الحكومات والمؤسسات، وإلى نشر ثقافة الوعي البيئي بين الأفراد أنفسهم.

وتؤكد التقارير أن العالم لا يزال ينتج نحو 400 مليون طن من الورق سنوياً. وتقدر المصادر المتخصصة في هذه الصناعة أن الورق المستهلك في المدارس والمكاتب، كورق الناسخات والحواسيب والمفكرات، يمثل الفئة الكبرى من الأوراق المستهلكة في العالم، الأمر الذي يدعو إلى القلق، كما أن أكثر من 60% من نحو 17 مليار قدم مكعبة من الخشب المستهلك كل عام، تستعمل لصنع الورق، وتحتاج صناعة الورق إلى الماء أكثر من معظم الصناعات الأخرى ويشكِّل الورق مكوّناً رئيساً من النفايات في كثير من المطامر في العالم، وتبلغ نسبته 35% من القمامة.

فاعلية

«البيان» استطلعت أراء بعض الموظفين من مختلف الجهات بالدولة للوقوف على آرائهم حول دور الجهات المختلفة في الدولة في تطبيق سياسة تتوافق مع توجهات الحكومة في الاستغناء عن الأوراق في المعاملات والتحول الإلكتروني، تسهيلاً على الموظف والمتعامل، حيث أجمع معظمهم على أن الموضوع يجب أن يكون بمبادرة من الجهات ذاتها في تشجيع هذا المفهوم ونشر ثقافة الاستغناء عن الورق وتوفير البدائل المناسبة للموظفين.

ودعت خنساء البلوكي مديرة إدارة التوعية البيئية في هيئة البيئة بأبوظبي المؤسسات والأفراد إلى اتخاذ قرارات أكثر فاعلية بشأن الورق، وأكدت أن التقليل من استخدام الورق في مختلف الأعمال يوفر الوقت ويشجع على اتباع نهج أكثر صداقة مع البيئة ويسهم في تقليل النفايات ويحقق تغيّراً إيجابياً في المؤسسات والمدارس والبيئة.

وقالت: إن الهيئة أطلقت على مدار السنوات السابقة العديد من المبادرات، التي تستهدف تشجيع المؤسسات والهيئات الحكومية والخاصة للحد من استخدام الورق ومنها حملة يوم بلا ورق التي نظمت قبل عدة سنوات وحققت نجاحاً كبيراً في زيادة الوعي بالتقليل من كميات الورق المستهلكة على مدى العام.

وأكدت أنه خلال السنوات الماضية لمس العديد من المشاركين فوائد الحد من استهلاك الورق من خلال الانضمام إلى مبادرة يوم بلا ورق، ووجدوا أنه يوفر الوقت ويشجع على اتباع نهج أكثر صداقة مع البيئة ويسهم في تقليل النفايات.

وأضافت «إن هذا النوع من المبادرات يسهم أيضاً في تقليل تأثيرنا السلبي على البيئة، والحد من ظاهرة التغير المناخي وآثاره، وذلك من خلال الحفاظ على الأشجار التي تعتبر من الموائل الطبيعية للكائنات، مما يساعد في تقليل استهلاك المياه، والحد من تلوث الهواء والماء وانبعاثات الكربون، بالإضافة إلى خفض كمية النفايات التي تلقى في المكبّات».

درع الأرض

من جانبها قالت ليلى مصطفى عبد اللطيف، المدير العام لجمعية الإمارات للطبيعة: إن البيئة تهبنا كل ما نحتاج إليه في حياتنا، كل شيء نستهلكه ونستخدمه يكون مصدره الطبيعة، والورق كما نعلم مصدره الأشجار، وعدد الأشجار التي تقطع من أجل صناعة الورق عدد هائل ولا تستطيع البيئة تحمل خسارته، وعندما نخسر شجرة فإننا نخسرها بكل ما عليها وحولها من حياة فطرية ونخسر معها كل الفوائد التي تقدمها لنا وللكائنات الأخرى في النظام البيئي.

وأكدت أن الأشجار هي درع الأرض الأول في مكافحة التغير المناخي وهي المصدر الرئيس لمدنا بالأكسجين وهي التي تغذي أرواحنا بمناظرها الخلابة، ناهيك عن أنها مصدر غذائنا وغذاء الكائنات الأخرى، مشيرة إلى أن دور الأشجار في النظام البيئي دور هام وأساسي، ولذلك يكون تقليلنا لاستخدام الورق هو حماية لعديد من الأنظمة البيئة، وهو ضمان باستمرار حصولنا على كل الفوائد التي نجنيها من الأشجار.

وأوضحت أن تقليل استخدامنا للورق أو الاستغناء عنه أمر لا يتطلب تدخل الحكومة بسن قوانين، فهو أمر سهل يمكننا جميعاً تنفيذه، إذ يجب أن نكون على القدر المطلوب من الوعي والمسؤولية. وقد قادت الحكومة الطريق بتحولها الإلكتروني والعديد من المبادرات الذكية وعلينا جميعاً أن نكمل المسيرة.

تسهيل

وفيما يتعلق بجهود المحاكم العاملة بالدولة في التقليل من استخدام الورق في المعاملات أوضحت المحامية زين الحمادي رئيسة جمعية المحامين في أبوظبي أن بعض المحاكم بالدولة بدأت استخدام الأنظمة التقنية وقالت: إن الاعتماد على الأنظمة التقنية يساعد المحاكم بتسهيل إجراءات المتعاملين وتقديم الخدمة بطريقة ميسرة واستثمار الوقت بالشكل الصحيح.

وأوضحت أن عدم وجود الأوراق والاعتماد على شاشات موجودة في مدخل المحكمة فيها بيانات مفصلة حول الإجراءات ومواقع الدوائر يسهل على المتعامل معرفة مواقع الدوائر بمجرد أن يضع الشخص يده على الشاشة.

وأوضحت أهمية تحويل الدعاوي القضائية عبر نظام إلكتروني مباشرة إلى الدائرة المختصة لأن ذلك يمثل استثماراً للوقت بالشكل الكبير، وقالت إن بعض المحاكم ومنها التجارية لا بد أن تبدأ باستخدام الأنظمة التقنية مع التطور الاقتصادي السريع بالدولة وهو يحتاج إلى وقت اقصر.

وعي

من جانبها قالت غالية المناعي مديرة تقنية المعلومات في الاتحاد النسائي: إن موضوع الحد من استخدام الأوراق في العمل هو قرار ولوائح يجب أن تصدر من قبل الجهة نفسها ويعمم على الموظفين بحيث يتم بشكل تدريجي من خلال نشر ثقافة الوعي بأهمية هذا الإجراء بالنسبة للإجراءات وبالنسبة أيضاً للجانب البيئي إضافة إلى توفير البدائل للموظفين من برامج إلكترونية وتدريبهم عليها.

وأكدت أن هنالك العديد من المؤسسات والجهات التي تسير بهذا الجانب وبدأت خطوات فعلية إلا أننا ما زلنا نرى البعض الآخر لا يتخذ إجراءات فعلية وحازمة في هذا الأمر، لذلك الدور الرئيسي ينبغي أن يقع على إدارات المؤسسات التي تضع منهجية وخطة عمل واضحة للتحول الإلكتروني والاستغناء عن الورق ومن ثم تطبق هذه الاستراتيجية على الكادر الوظيفي لديها.

وقالت: إن مستوى الوعي الرقمي هام جداً بالنسبة للمؤسسات الحكومية والخاصة في المجتمع وهو يحتاج إلى أن تعي تلك المؤسسات بأهمية هذه الثقافة وترسخها وتعززها.

وأشارت إلى أن التقليل من الورق في المعاملات له آثاره الإيجابية ليس فقط بيئياً وإنما أيضاً يقلل من الميزانيات التي تصرفها المؤسسات على الورق وتقلل أيضاً من تكاليف استيراد الورق أو إعادة تدويره والنفايات الورقية وبالتالي يجب على المؤسسات وضع لوائح وسياسات داخلية للتحول الرقمي.

ريادة

وقالت فاطمة أحمد البلوشي (موظفة) في جهة محلية، إن الإمارات تعد من الدول الرائدة في المنطقة في التحول الإلكتروني والاستغناء عن الورق حيث إنها سباقة في تعزيز فكرة مكاتب بلا ورق أو عمل بلا ورق، والتي أصدرت فيها قرارات منذ نحو 6 سنوات.

وأضافت: المؤسسة التي أعمل بها أصدرت لوائحها بحيث تحولت معظم إجراءاتنا إلى النظام الإلكتروني وهو الأمر الذي قلل من جهد الموظف وأسهم في سرعة الإنجاز وتقلصت الملفات وأصبحت منظمة بشكل أكبر. وأكدت أن استخدام الورق يتم بشكل بسيط خلال بعض ورش العمل حيث تم الاستغناء عنه بنسبة 90% وهو أمر مشجع.

وقالت إن بعض الجهات يصعب عليها الاستغناء عن الورق بشكل كامل 100% مؤكدة أن استخدام الأنظمة الإلكترونية قلص الكثير من الإجراءات على الموظفين والمتعاملين. وأشارت إلى أن بعض الجهات التي ما زالت تعتمد في إجراءاتها على الورق يجب أن تساير الدولة في تطورها التقني وأن تجد الحلول المناسبة التي تحولها إلى النظام الإلكتروني.

المدارس

وفيما يتعلق باستخدام المدرسين للأوراق في مدارس الدولة، قالت فاتن يوسف، مدرِّسة: إن اعتماد العديد من المدرسين على الورق ما زال قائماً في العديد من المدارس بالرغم من توجه الدولة وبقوة نحو التحول الإلكتروني مشيرة إلى أن المدرسة التي تعمل بها ما زالت تستخدم الورق بنسبة 50% من مهامها فيما تعتمد على النظام الإلكتروني بنسبة 50%.

وأشارت إلى أن أكثر استخدامات الورق في المدارس كان يتمحور حول أوراق الامتحانات، إلا أن السياسة الجديدة لوزارة التربية والتعليم ودوائر المعرفة في الإمارات اتجهت للتحول الإلكتروني وحث المدارس للاستغناء عن الورق بحيث أصبحت الامتحانات إلكترونية.

وأضافت أن معظم عمل الإدارة أيضاً أصبح يتحول إلى الإلكتروني لكن هذا التحول يحتاج إلى مزيد من الوقت ويعتمد أيضا إلى جانب اللوائح على نشر ثقافة الاستغناء عن الورق لدى الهيئات التدريسية والإدارية. وأكدت أن الإمارات معروفة بنموها المتسارع في كافة المجالات والتطور التقني الملفت مشيرة إلى أن التحول الإلكتروني بدأ يجني ثماره في العديد من المؤسسات وبشكل خاص الخدمية، الأمر الذي قلل من الوقت والجهد والتأثير على البيئة.

57 %

أعلنت دبي الذكية، أن ست دوائر حكومية في دبي شاركت في المرحلة الأولى من «استراتيجية دبي للمعاملات اللاورقية»، تمكنت من خفض استهلاك الورق بنسبة 57% من المعاملات الورقية، وتتمثل هذه الدوائر في: شرطة دبي وهيئة كهرباء ومياه دبي وهيئة الطرق والمواصلات واقتصادية دبي ودائرة الأراضي والأملاك ودائرة السياحة والتسويق التجاري.

تطبيق

قامت هيئة الطرق والمواصلات في دبي بتجديد رخص المركبات وتسجيلها إلكترونياً، وكذلك دفع المخالفات من خلال التطبيق الذكي، كما تم إطلاق تطبيق للرحلات وتحويل جميع مناقصات الهيئة إلى مناقصات إلكترونية.

64

بلغ مجموع الورق الذي استخدمته 6 دوائر حكومية في دبي خلال العام 2017، 64 مليون ورقة، وبتنفيذ المرحلة الأولى من استراتيجية دبي للمعاملات اللاورقية خلال العام 2018، تم خفض الاستهلاك بنسبة 57%، ليتم الاستغناء عن 37 مليون ورقة كانت تستخدم في هذه الدوائر.

إقرأ أيضا:

100 % تحوّل رقمي بحلول ديسمبر 2021 في دبي

Email