رأي البيان

الرسائل السبع

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن كلاماً عادياً الذي قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، البارحة، في سياق زيارة لمؤسسة دبي للإعلام، فالكلام حمل سبع رسائل مهمة، يمكن التقاطها كما اللؤلؤ من البحر. تأسست رسائل سموه على إدراكه العميق، لأهمية الإعلام، وهذه الصناعة، تبني دولاً اليوم، وتهدم دولاً أخرى، والخط الفاصل بين الحرية والمسؤولية، هو ذات الخط الفاصل بين البناء، والهدم. لا يريد سموه إعلاماً تجميلياً، لكنه أيضاً لا يريد إعلاماً يهبط بالروح المعنوية، ويبالغ في تعظيم الخلل، ويبث السوداوية، وهذه سمات الإعلام المنفلت في المشرق العربي الذبيح. لهذا يعرف سموه السر الأساس في هذه المهنة، إدامة الجاذبية للحياة، فلا تصير منفرة، دون أن يتخلى الإعلام عن مهمته في كشف الخلل، وحصره بحجمه الأساس، دون توظيفات سلبية، لغايات أخرى.

للإعلام مهمات، تتولد بفعل الطبيعة وليس التصنيع، من شحذ الهمم وبث التفاؤل، وتعظيم الإيجابية، ومحو رؤوس الاختلافات التي قد تقود أي بلد لخلافات، لا تبدأ ولا تنتهي، وهذا غير ممكن إلا عبر إدراك الإعلام لمهمته التنويرية، وأن يكون مستنيراً عصرياً ابن زمنه، ولا يتحول من حيث لا يحتسب إلى ناقل لثقافة التنابز والخوف وعدم الأمل في المستقبل.

ولأن سموه يعرف أن الشعار، بات صناعة بحد ذاتها، يعيد سموه التركيز على مجاراة الإعلام العالمي، تقنياً، حتى لا يصحو الإعلام وقد غاب وتمركز في الحديقة الخلفية للذهن الجمعي للناس. هذا يفسر دعوة سموه، أيضاً، للاهتمام بالمحتوى والمضمون، قبل أن يغرق الإعلام في الشكل والإبهار، والمحتوى هنا، بحاجة إلى شراكة وخبرات ونيات صادقة، باعتبار الإعلام رسولياً، في مهماته. هي دعوى ستتجلى عبقرية الإعلام حقّاً، في تحويلها إلى واقع، في كل مادة إعلامية مبثوثة تلفزيونياً أو مبثوثة أو منشورة بأي طريقة كانت، وهي دعوة فعلية لإعادة مراجعة المضمون الإعلامي.

لا ينسى سموه هنا، في ظل ترسيمه للفروقات، أن يستدعي الهمة في أبناء الإمارات، ليكونوا كما عهدهم على المدى، شركاء يحفرون الطريق نحو المستقبل، عبر تأهلهم لمهنة الإعلام، فهم أيضا، أبناء خصوصيتهم، وهي خصوصية لابد من أن تنعكس في الإعلام بحرفية، ودون انغلاق، ولا تحمل الإشارة هنا إلا حثّاً لهم لأن يكونوا في كل موقع، ومهنة، في بلد عظيم، وجد ليبقى. كل هذا ترافق مع قدرة سموه دوماً على تحويل الشعار إلى صناعة، وهذا فن لا تتقنه كل الأمم، وهذا يفسر دعوته، للتوسع في بناء الاستديوهات، والتوسع في الإنتاج الدرامي، وسموه هنا، يطلق شارة السباق في كل مؤسسات الإعلام لتطويرها، وفقا لرؤية عصرية، ورهانه في ذلك على كل هذه الكفاءات القادرة على التقاط رسائله السبع، وإسالتها من عناوين إلى واقع ملموس.

Email