«نيابة أبوظبي» تأمر بضبط 3 «مشاهير تواصل» قاموا برقصها

«تحدي كيكي» تمايل قاتل على أنغام الخطر

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعدما أصبحت بعض صيحات وسائل التواصل الاجتماعي خطراً على المجتمعات، ينفجر جديدها في وجه الشباب، وكان آخرها «تحدي كيكي»، الذي يدفع الشباب للمخاطرة بأنفسهم وأرواح الآخرين للاستعراض على الشاشات، وأمام المتابعين، أمرت النيابة العامة في أبوظبي، أمس، بضبط وإحضار ثلاثة من مشاهير التواصل الاجتماعي، للتحقيق معهم بتهمة تعريض حياتهم وحياة الآخرين للخطر، والإخلال بالآداب العامة باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لممارسات لا تتوافق مع قيم وتقاليد المجتمع، وذلك على خلفية الفيديوهات التي انتشرت مؤخراً، ويظهر فيه المتهمون أثناء قيامهم بتقليد «رقصة كيكي».

النيابة أكدت أن المشاركة فيما يسمى «تحدي كيكي» يشكل جريمة معاقباً عليها قانوناً، وتصل عقوبتها إلى الحبس والغرامة، أو بإحدى هاتين العقوبتين طبقاً لقانون العقوبات الاتحادي، والقانون رقم 21 لسنة 1995 في شأن السير والمرور، مشيرةً إلى أن المشارك في هذا التحدي يقوم بالنزول من السيارة أثناء سيرها وترك الباب مفتوحاً، والرقص على الطريق العام بجوار السيارة، ما يشكل خطراً على الشخص نفسه والآخرين من مستخدمي الطريق، إضافة إلى كون هذا السلوك يعد مخالفاً لقيم مجتمع دولة الإمارات، ويشكل إخلالاً بالآداب العامة.

كما أوضحت أنه في حال قيام سائق المركبة نفسه بهذا السلوك عبر تثبيت سرعة السيارة والخروج منها للقيام بتحدي الرقصة، يكون قد ارتكب جريمة إضافية، وهي القيادة بطريقة متهورة تشكل خطراً على الجمهور.

ويحق لمأموري الضبط القضائي القبض على أي شخص متلبساً أثناء قيامه بهذه الرقصة وفقاً لقانون الإجراءات الجزائية.

نيابة أبوظبي أعربت عن استنكارها لتفشي هذه الظاهرة السلبية، مشيرة إلى وجوب انشغال الشباب بالأنشطة المفيدة التي تتلاءم مع قيم مجتمعهم، وتسهم في تطورهم ونموهم الجسدي والاجتماعي والعقلي والقيمي، بدل التقليد الأعمى للصرعات الدخيلة على مجتمعنا.

كما طالبت مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي بالتحلي بروح المسؤولية تجاه المواد الإعلامية والفيديوهات التي تنشر عبر حساباتهم.

وأشارت إلى تأثيرهم الكبير على قطاع كبير من الأطفال والشباب الذين يعتبرونهم قدوة لهم في تصرفاتهم.

وأضافت أن قيام هؤلاء المشاهير بهذه التصرفات من شأنه تحريض الغير على القيام بتلك السلوكيات وتعريضهم للمساءلة القانونية.

قانونيون
المستشار أحمد محمد الخاطري، رئيس دار القضاء في رأس الخيمة، أكد أن النيابة العامة في دولة الإمارات تقوم بواجبها الذي خصها به الدستور والقوانين الإجرائية والعقابية، وهي مستأمنة على أمن واستقرار المجتمع، ومعنية بتطبيق القانون وتقديم مخالفيه للعدالة وإنزال العقوبات الرادعة بحقهم.

وحكماء المجتمع وعقلاؤه قلقون من تصرفات بعض المستهترين الذين يجاهرون بانتهاك القوانين، معرضين حياة الناس للخطر المؤكد، ومن ثم نستطيع القول بأن الإجراءات واجبة بحسبانها مفروضة بقوة القانون لا مفر منها، ولن تقبل العدالة إفلات الخارجين عن القانون من العقاب الرادع.

المحامي إبراهيم الحوسني، قال إن من حق أي شخص الاستمتاع بحقوقه دون مخالفة للقوانين، وعدم تعريض حياته وحياة الغير للخطر، مطالباً الجهات المعنية بالتركيز على جانب التوعية، ورفع المستوى الثقافي لدى الشباب والنشء، ونشر المواد التثقيفية كوسائل بديلة من اتخاذ الإجراءات القضائية التي قد تتسبب في وضع سوابق جنائية في سجلات الشباب.

وأضاف: «أنصح الشباب بالالتزام بعاداتنا وأخلاقنا، خاصة أن الفعل يكون مخالفة ويعاقب عليه في حال ثبوت مرتكبها، خاصة قائد المركبة وفق نص القانون الاتحادي الخاص بالسير والمرور، مع تعرض حياة الغير للخطر وعرقلة حركة السير، متسائلاً: هل من المعقول أن نقلد ما يحدث في الخارج لمجرد التقليد دون تفكير في الأضرار التي يمكن أن تؤدي لها هذه الأفعال».

المحامي سالم الكيت، أكد أن النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص الأصيل في الحفاظ على المجتمع والتصدي لأي سلوك يخالف ديننا الإسلامي وعادات وتقاليد هذا المجتمع، لافتاً إلى أن رقصة تحدي «الكيكي» التي انتشرت مؤخراً تعد من المخالفات الخطرة في قانون السير والمرور بدولة الإمارات، نتيجة لتعريض حياة صاحب الرقصة وقائد المركبة للخطر، لغياب تركيزهم عن حركة الطريق خلال عملية التصوير، لافتاً إلى أن ذلك قد يتسبب في وقوع حوادث الدهس أو التصادم مع المركبات الأخرى المستخدمة للطريق.

وأشار إلى أن أغلب القائمين بتلك الرقصة يقومون بها في مواقع بعيدة عن كاميرات المراقبة وأعين رجال الشرطة، لإدراك القائمين بتلك الأفعال مدى خطورتها، لافتاً إلى أن قانون العقوبات الاتحادي يعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى العقوبتين من ارتكب فعلاً من شأنه تعريض حياة الناس أو صحتهم للخطر أو أمنهم أو حرياتهم للخطر، وتكون العقوبة الحبس إذا ترتب على الفعل وقوع ضرر، ولذلك على المشاهير وأفراد المجتمع الالتزام بعاداتنا الأصيلة، وعدم التقليد الأعمى الذي يسيء للشخص وللمجتمع.

عقوبات
من جانبه شدّد المحامي علي الخاجة على أهمية إعادة النظر في بعض العقوبات التي يتضمنها القانون الاتحادي رقم 21 لسنة 1995 في شأن السير والمرور.

وقال: يوجد تشابه في بعض المخالفات، الأمر الذي يتطلب إعادة تصنيفها حسب خطورتها، وتعديل العقوبات لتتناسب مع السلوكيات المتغيرة في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم، ووضع التدابير اللازمة للحد منها، فضلاً عن ضرورة الاستمرار في تقييم ومتابعة التشريعات المرورية، وقياس مدى فاعليتها في ردع كل المتهورين.

واعتبر الخاجة أن الممارسات التي يقوم بها المشاركون في «تحدي كيكي» تعد من الأفعال الخطيرة على مستخدمي الطريق، لكونها مدخلاً لارتكاب أفعال أخرى، مثل حوادث الدهس والصدم والانحراف المفاجئ، معتبراً في الوقت نفسه أن السبب الرئيس لانتشارها يعود إلى غياب الوازع الديني والفراغ الذي يعاني منه بعض الشباب، خاصة خلال فترة الإجازة الصيفية، فضلاً عن قلة الثقافة القانونية والوعي.

المحامي علي الحمادي ذكر أن السبب الرئيس لوقوع الحوادث المرورية يعود إلى سلوكيات سلبية لأشخاص يقودون مركباتهم بسرعات عالية، بحيث يشعر مستخدم الطريق بأنهم إذا لم يصلوا إلى وجهتهم في الوقت المحدد ستكون نهاية الدنيا، فكيف بأشخاص قاموا بتثبيت سرعة مركباتهم، وخرجوا منها أثناء سيرها، للقيام برقصات على الطريق العام، معرضين حياتهم وحياة الآخرين للخطر، مشدداً على أن هذه الفئة لا تبالي بخطورة تصرفاتها على الطرق العام، وتشكل خطراً على الممتلكات العامة وأرواح مستخدمي الطريق.

وأضاف: «مما لا شك فيه أن وسائل التواصل الاجتماعي أسهمت في زيادة عدد السلوكيات الخاطئة الدخيلة على مجتمعنا المحلي، وهي في زيادة مستمرة، نظراً لما تلقاه من رواج بين كل فئات المجتمع، الأمر الذي يتطلب من المؤسسات المعنية اتخاذ الإجراءات الحازمة ضد كل من تسول له نفسه الاستهتار بحياة وممتلكات الآخرين».

وقال الحمادي: رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الجهات المعنية في مختلف إمارات الدولة للحفاظ على الثروة البشرية، وللحد من مخاطر السير للمركبات على الطرقات بالدولة، يطل علينا بين الفينة والأخرى أشخاص غير متهورين وغير مبالين للقواعد والقوانين التي تحكم الطرق، الأمر الذي يستوجب ملاحقتهم قانونياً، وإلزامهم بعد تنفيذهم للعقوبة القانونية، بالدخول إلى دورة تدريبية مكثفة لتعديل سلوكياتهم.

سلاح ذو حدين
الدكتورة سميرة النعيمي، الخبيرة التربوية ونائب مدير جامعة محمد الخامس للشؤون المالية والإدارية، ترى أن مواقع التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، وعلى مستخدميها الحذر في التعامل معها سواء كانوا مؤثرين أم متأثرين، ولابد أن يقدر كل من لديه حضور في المجتمع، ومتابعو مواقع التواصل الاجتماعي، مسؤوليته تجاه مجتمعه ووطنه.

وأوضحت أن مشاهير التواصل الاجتماعي لابد أن يكون لهم دورهم الإيجابي، ويفترض أن يتمثل في تعزيز احترام القانون والحفاظ على هوية المجتمع، وتعزيز القيم والعادات والتقاليد، وتوجيه ونصح الشباب والمراهقين بالابتعاد عن كل ما يشكل خطورة على حياتهم وحياة الآخرين، وليس العكس.

وقالت: من الخير لهؤلاء المشاهير أن يطوروا أنفسهم، وأن يهتموا بالاطلاع والقراءة والتعليم، حتى يصلوا للثقافة اللازمة والنضج، بحيث يؤدون دورهم كما ينبغي ولا يسقطون في مثل هذه الانحرافات والتقليد الأعمى، ولا يتورطون في مشكلات من شأنها أن تعرضهم للمساءلة.

بدوره قال الدكتور نور الدين عطاطرة، المدير المفوض لجامعة العين، إن مثل هذه الممارسات دخيلة على مجتمعنا، ويجب التصدي لها بالتوعية، حيث إن المؤسسات التعليمية يقع على عاتقها القسم الأكبر لتوعية الشباب بهذه الأمور وتوجيههم إلى ممارسات لها الفائدة لبلادهم وأنفسهم.

وأشاد عطاطرة بقرار النيابة العامة في أبوظبي بضبط وإحضار مشاهير التواصل الاجتماعي للتحقيق معهم، مؤكداً أن ما حدث تعريض لحياتهم وحياة الآخرين للخطر.

أولياء أمور: قرار النيابة يحدُّ من السلوكيات الخاطئة
أكد أولياء أمور أن قرار النيابة العامة في أبوظبي، أمس، بضبط وإحضار ثلاثة من مشاهير التواصل الاجتماعي لقيامهم بتقليد «رقصة كيكي» خطوة صحيحة تحد من السلوكيات الخاطئة.

وبيّنوا لـ«البيان» أن استدعاء النيابة العامة في أبوظبي للمشاهير خطوة مباركة من شأنها أن تمنع الشباب الإماراتي من تقليد أولئك المشاهير فيما يضر بالمجتمع، حتى لا يقلدوهم ومن ثم ينتشر ذلك التحدي ويصبح ظاهرة، لافتين إلى أن على المشاهير الترسيخ للعادات الإماراتية الأصيلة الضاربة جذورها في العمق بدلاً من تقليد أعمى لكل ما هو دخيل.

وقال خميس عبدالله، ولي أمر، إن ما قامت به نيابة أبوظبي يُعد خطة مباركة، وذلك باستدعائها بعض المشاهير على خلفية نشر مقاطع فيديو تروّج لسلوكيات خاطئة بعيدة كل البعد عن المجتمع الإماراتي الذي لديه عادات وتقاليد متجذرة لا يمكن أن يحيد عنها أو تؤثر فيه تلك العادات والسلوكيات الدخيلة، مبيناً أن المشاهير لديهم متابعون كُثر من مختلف شرائح الشباب، وأن تركهم للتمادي في نقل ونشر مثل تلك السلوكيات الخاطئة سيؤثر تأثيراً سالباً في سلوكيات الشباب الذين سريعاً ما يتأثرون بما حولهم، وبالتالي القيام بتقليد تلك الرقصة والتي من الممكن أن تودي بحياتهم.

تشويه
وأكد خميس أن المشرّع الإماراتي بالمرصاد لكل ما هو دخيل يحاول أن يشوّه العادات والتقاليد الإماراتية الأصيلة من خلال الترويج لأشياء دخيلة على المجتمع الإماراتي المترابط الذي ينبذ كافة السلوكيات الخاطئة التي يمكن أن تؤثر في أبنائه، لافتاً إلى أن التقليد الأعمى لمثل تلك الرقصات من بعض فئات الشباب سيفقدهم حياتهم؛ لأن المقلد لتلك الرقصة يخرج من المركبة وسط الطريق العام وخلال سير المركبة ويؤدي الرقصة التي من شأنها أن تودي بحياته ومن معه، وحياة مستخدمي الطرق، كما أن لذلك لا بد من وجود قانون رادع لكل من تسوّل له نفسه بإيقافه المركبة وأداء الرقصة، الأمر الذي يؤدي إلى عدم استفحالها حتى لا تصبح ظاهرة تتفشى وسط فئة الشباب.

تأثير سلبي
ويقول عبدالله بوعصيبة، مدير المركز الثقافي في أم القيوين، إن مثل تلك السلوكيات الخاطئة التي قام بها بعض المشاهير ستؤثر سلباً على الشباب، نسبة لمتابعتهم اللصيقة بأولئك المشاهير وبالتالي تقليدهم بما يقومون به، ما يكسبهم سلوكيات خاطئة تجرّمهم قانوناً، مناشداً مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي بالتحلي بروح المسؤولية تجاه المواد الإعلامية والفيديوهات التي تنشر عبر حساباتهم، لتأثيرها الكبير على فئة كبيرة من الأطفال والشباب الذين يعتبرونهم قدوة لهم في تصرفاتهم، كما عليهم نشر العادات والقيم الإماراتية الفاضلة التي تحث على الفضيلة والتمسك بعادات الآباء والأجداد المؤسسين للدولة والتي تتميز بالأصالة والتماسك والتعاضد، لافتاً إلى أنه لا بد من استثمار أوقات الفراغ بالنسبة للطلبة والشباب بعد انتهاء العام الدراسي، حيث يؤرق الفراغ الكثير من أولياء الأمور، وأن وجود خطط أو برامج متاحة أمام هذه الشرائح طيلة أيام العطلة الصيفية تمكنهم من قضاء أوقات الفراغ بما يعود عليهم بالنفع والفائدة بعيداً عن السلوكيات الخاطئة في ظل توافر وسائل التواصل الحديثة، وهي متاحة لهم في أي وقت، والتي من الممكن أن يكتسبوا من خلالها أشياء دخيلة على المجتمع الإماراتي الأصيل.

عادات أصيلة
ويقول عيسى بلحيول إنه يجب على أولياء الأمور إكساب أبنائهم العادات الإماراتية الأصيلة وعدم التأثر بكل ما هو دخيل على المجتمع الإماراتي حتى تتم المحافظة على موروثات الأجداد، مبيناً أن فئة الشباب سريعة التأثر والتأثير بكل ما يدور حولهم، وبالتالي يجب على مشاهير التواصل الاجتماعي الابتعاد عن كل ما يشوّه جمال تلك العادات الأصيلة من خلال نشرهم عبر الوسائل وترويجهم لسلوكيات خاطئة، ومن ضمنها رقصة (كيكي)، تلك الرقصة التي انتشرت عبر الوسائل في معظم دول العالم والتي حتماً ستضر بالشباب وتوقعهم تحت طائلة القانون، متمنياً على أولئك المشاهير نشر مقاطع فيديو تدعو الشباب وتحضهم إلى التمسك بعاداتهم الأصيلة، وأن يكونوا قدوة لهم في نبذ كل السلوكيات الخاطئة التي ستؤثر سلباً على المجتمع بكل أطيافه، وأن ما قامت به نيابة أبوظبي سيحد من تلك السلوكيات ويؤدي إلى عدم انتشارها وسط شريحة الشباب.

Email