سقوط الأطفال من الشرفات الأكثر إيلاماً لهن

مسعفات يتجاوزن المستحيل لإنقاذ الأرواح

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

مهمة إنسانية نبيلة يقدمها الإسعاف الوطني بتضميد الجروح وتخفيف الآلام وإنقاذ الأرواح، وفي سبيل ذلك يواصل فريق العمل الليل بالنهار لتقديم خدمات عاجلة وفورية وسريعة بلا توقف وهو ما يبدو ملائماً للمسعفين الرجال أكثر من النساء.

لكن تقارير الجهود والمنجزات أثبتت أن المسعفات حققن تميزاً كبيراً وحرفية عالية في القيام بمهام الإنقاذ وخاصة أن بعض الحالات تتطلب التعامل النسائي مثل حالات الولادة.

قصص ملهمة

«أكثر الحوادث تأثيراً في نفوسنا هي سقوط الأطفال من الشرفات»، هكذا بدأ أعضاء ضمن الكادر النسائي في الإسعاف الوطني حديثهن عن تجاربهن في إنقاذ الأرواح، معبرات عن سعادتهن بعملهن الإنساني في المقام الأول، وتعد غرفة العمليات بمقر المركز في أبوظبي خلية نحل لا تتوقف تضم كوادر نسائية أدت أدواراً بطولية وخاضت تجارب جديرة بأن تروى.

روان يوسف التي التحقت بالعمل في غرفة العمليات منذ عام تقريباً لديها العديد من الخبرات في مجال الإنقاذ والإسعاف حيث سبق أن عملت مسعفة ومساعد بحث وتدريس في إحدى الجامعات، تقول: «في غرفة العمليات ليس هناك أي فرق بين الرجل والمرأة، لأننا صوت الإسعاف الوطني، فثقتنا بأهمية ما نفعله يشكل حافزاً كبيراً لمساعدة الآخرين باحترافية».

وأضافت «أشعر بالفخر كلما نجحت في مساعدة سيارة الإسعاف على الوصول إلى مكان البلاغ بدقة وفي الوقت المناسب، كما أشعر بالسعادة كلما تمكنت من إنقاذ روح من خلال تقديم إرشادات للمبلغ حول التعامل مع الحالة مثل حالات الإنعاش القلبي، وأكثر ما يؤثر في مشاعري هو التعامل مع حالات الأخطار التي تقع للأطفال .

ومنها حوادث السقوط من الشرفات وغيرها من الحوادث، وأذكر حادثة تعاملت معها عبر الهاتف بعد ورود بلاغ من جد طفلة تبلغ من العمر 3 سنوات كان قد توقف قلبها وجدها كبير في السن وهو الوحيد المتواجد معها في المنزل، ولم يكن قادراً بشكل فعلي على تنفيذ تعليماتي حول إنقاذ الطفلة قبل وصول سيارة الإسعاف.

وتمنيت لحظتها أن أكون على الجانب الآخر لأعيد النبض إلى قلب الطفلة الصغيرة لكن للأسف لم تكتب لها النجاة وتوفيت».

وتابعت روان: حالة أخرى تمكنت من إنقاذها عبر إرشادات إسعافية قدمتها للمبلغ عبر الهاتف لامرأة توقف قلبها، ونحن العاملين في هذا المجال ندرك أهمية الوقت وسرعة التصرف وخصوصاً في حالات الإغماء وتوقف القلب لأن كل ثانية فارقة في تحديد مصير المريض ففي حالة التأخر بإجراء الإسعاف الصحيح قد تكون النتائج وخيمة إما بوفاة الشخص أو حدوث مضاعفات خطيرة.

مشيرة إلى أنها وإدراكاً لأهمية هذا الموضوع حرصت على تهيئة الشخص المبلغ على التعامل مع الحالة بهدوء واتباع الإرشادات الصحيحة وبعد اتباع التعليمات عاد النبض إلى المرأة قبل وصول سيارة الإسعاف.

عادات وتقاليد

وحول التحديات التي يواجهها العاملون في الإسعاف قالت روان: ما زالت بعض العادات والتقاليد بالإضافة إلى عاملي الافتقار إلى الثقافة الإسعافية والخوف من المساءلة القانونية، تشكل حاجزاً حديدياً أمام إنقاذ الأرواح أو تقديم الإسعافات الضرورية التي قد تشكل فصلاً مهماً في حياة المصاب.

حيث إن العديد يمتنعون عن تقديم الإسعافات الأولية للنساء في الحوادث ويمتنع الرجال الموجودون في الموقع خوفاً من لمس الفتاة مع أن إرشادات بسيطة قد تنقذ هؤلاء المصابين.

أما رنا حسين التي تعمل في الإسعاف الوطني منذ 2012 فلديها خبرة إسعافية مميزة حيث سبق أن عملت ممرضة كما عملت مسعفة في الميدان ورافقت طواقم الإسعاف وهي أيضاً أم لطفلة عمرها عامان ونصف، أكدت أن زوجها كان من أكبر الداعمين لها للالتحاق بهذا العمل.

مشيرة إلى أن هنالك فرقاً كبيراً بين دور المسعف في الميدان ودوره خلف الهاتف بالرغم من أن كل الأدوار لها أهميتها لكن من وجهة نظرها تجد نفسها أكثر في الميدان بسبب تعاملها مباشرة مع الحالة وخاصة أن العمل عبر الهاتف له تحدياته .

ويعتمد على مدى وعي المبلغ أو الشخص الذي يتلقى الإرشادات الإسعافية على القيام بها ومدى تجاوبه في مساعدة الشخص المصاب حيث إن البعض قد لا يتجاوب نتيجة لخوفه من تحمل المسؤولية وتبعات تفاقم الحالة للمصاب.

وأضافت أن أحد الأشخاص قال لها: أنا لست طبيباً ودوري أن أبلغ فقط، رافضاً مساعدة المصاب، لافتة إلى أن إحدى الحالات التي أثرت فيها كثيراً عندما تلقت بلاغاً حول حالة اختناق لطفلة أثناء تناولها الطعام وفقدت الوعي وكانت الأم هي المبلغة وفي حالة هستيرية شديدة.

فما كان منها إلا أن تمالكت نفسها خلف الهاتف وتمكنت من تهدئة الأم لإنقاذ الطفلة وقالت لها: إذا أردت إنقاذ طفلتك ساعديني، وبالتالي تمكنت الأم من إجراء الإنعاش القلبي للطفلة وعادت للحياة بفضل الله ومن ثم التعليمات التي قدمت لها عبر غرفة العمليات قبيل وصول سيارة الإسعاف.

وتابعت: أجمل ما في هذه المهنة الإنسانية بالدرجة الأولى هو الدعوات التي تتلقاها من الناس بعد المساهمة في إنقاذ أعزاء لهم أوأقرباء، تلك الدعوات هي ما تجعلني أواصل عملي بهمة وعزيمة قوية.

ثقة بدور المرأة

أما روان خالد التي تعمل في غرفة العمليات منذ 3 سنوات ومتخصصة في الإسعاف والطوارئ وعملت قبل ذلك في أقسام الطوارئ بالمستشفيات، فقالت: في غرفة عمليات الإسعاف الوطني نتلقى كافة أنواع البلاغات ولا يوجد فرق بين البلاغات التي يتلقاها الرجال العاملون معنا .

والتي تتلقاها الإناث لأن هناك ثقة من قبل الإدارة ودعماً كبيراً للمرأة بل أحياناً أرى أن المرأة قد تكون في مواقف متعددة أكثر تركيزاً من الرجل في التعامل مع البلاغات، فصوتها الهادئ مصدر للطمأنينة للمبلغ الذي قد يكون يحتاج إلى هذا النوع من التعامل في حال تعرض أحد المقربين منه لحالة طارئة.

وأضافت: بالرغم من أن يومنا أحياناً ينتهي بمشاعر محزنة إلا أن أياماً كثيرة تنتهي بلحظات سعيدة وخاصة عندما نسمع بكاء الطفل لأول مرة بعد ولادته في حالات طارئة قمنا بمساعدتها على الولادة خارج المستشفيات وبمساعدة الزوج، وعندما ينجح زملاؤنا المسعفون في الميدان مع حالات حرجة كانت تواجه الموت وتم إنقاذها.

تحمل وصبر

كاميل ميلر أم لطفل وتعمل منذ 5 سنوات في الإسعاف الوطني وسبق أن عملت مسعفة في الميدان واضطرت بعد حملها إلى الانتقال للعمل في غرفة العمليات نتيجة لصعوبة حركتها بسبب الحمل، أكدت أن العمل متعب لكن في ذات الوقت يعطي للشخص قيمة إنسانية وأخلاقية واعتزازاً بما يقدمه لإنقاذ الآخرين.

وقالت إن المرأة لديها القدرة على التحمل والصبر والتركيز في أكثر من موقف وأنا أعتز بما أقدمه هنا حيث إن عملي ينصب على التأكد من وصول سيارات الإسعاف إلى مكان المريض أو المصاب عبر نظام تتبع جغرافي لتحريك سيارات الإسعاف وفي بعض الوقت قد أتعامل مع 15 سيارة إسعاف من غرفة العمليات وأنسق في ما بينها.

أما كويتي ديكا ستيلو التي تعمل منذ عامين في غرفة العمليات فأكدت أن عملها ينصب على التنسيق ما بين سيارات الإسعاف وتقديم المعلومات حول المكان وطبيعة الحالة كما أنها في بعض الأحيان تتعامل مع البلاغات التي ترد من الجنسية الآسيوية الذين لا يجيدون الإنجليزية.

وقالت إنها من خلال البلاغات ومكان البلاغ تحدد الوسيلة الأفضل لإنقاذ الشخص سواء من خلال تحريك سيارات الإسعاف أو الهيلوكبتر في بعض الحالات الحرجة.

وقالت سميرة فريوان التي تعمل منذ عام ونصف في غرفة العمليات إنها سبق أن عملت ممرضة في أقسام الطوارئ ومن ثم انتقلت للعمل في غرفة العمليات حيث تتلقى البلاغات وتوجه سيارات الإسعاف إلى مكان الحادث.

وأشارت إلى موقف طريف تعاملت معه خلال عملها في غرفة العمليات حيث تلقت بلاغاً من شخص قال إنه ليس مريضاً ولا يعاني من أي إصابة وإنما هو مكتئب ويعاني من مشاكل نفسية ويريد من يستمع له وينصحه، وعندما استشارت المسؤول عنها في غرفة العمليات قررت التعامل مع الحالة خوفاً من تفاقمها.

حيث من الممكن أن يقدم ذلك الشخص على إيذاء نفسه أو الانتحار وبالتالي تعاملت معه باحترافية وقدمت له إرشادات نفسية للخروج من الحالة ومراجعة طبيب مختص ومن ثم إرسال الفرق المختصة للتعامل مع الحالة والتأكد من سلامة الشخص المتصل.

وأكدت أن المرأة لديها القدرة على التعاطي مع مختلف البلاغات وخاصة أن لديها أدوات هامة مثل الإقناع بشكل أكبر لتشجيع المبلغ على مساعدة المريض أو المصاب من خلال اتباع الإرشادات الطبية.

وقالت مارشا فيجن قائد فريق غرفة عمليات الإسعاف الوطني إن العاملين في غرفة العمليات يعتبرون أسرة واحدة نعمل بروح الفريق الواحد بحيث ندعم بعضنا البعض ونستمع للتحديات التي تواجهنا في عملنا لتجاوز هذه التحديات ونعمل بشكل مستمر على تطوير مهارات وخبرات العاملين في مجال الإسعاف وتلقي البلاغات والتعامل معها وتحريك طواقم الإسعاف إلى المكان الصحيح.

وأشارت ديبورا تشيف مدير العمليات إلى أن فريق غرفة عمليات الإسعاف الوطني لديه الخبرة والكفاءة اللازمة للعمل تحت الضغط واحتواء توتر المتصلين. ولفتت إلى أن العديد من البلاغات يفضل أصحابها التحدث مع نساء وخاصة في ما يتعلق بحالات الولادة والحمل نظراً لطبيعة هذه الحالات التي يشعر فيها المتصل بالراحة في التحدث إلى النساء.

الهاجري: 40% حضور المرأة في «الإسعاف الوطني»

أكد أحمد صالح الهاجري، نائب المدير التنفيذي في الإسعاف الوطني، أن العنصر النسائي جزء رئيس من فريق عمل الإسعاف الوطني الذي أثبت خلال الفترة الماضية تميزاً كبيراً في التعامل والتكيف مع طبيعة العمل وما يتطلبه من مؤهلات وخبرات في التعامل.

وقال: نحن ملتزمون دوماً بتشجيع ودعم مختلف عناصرنا النسائية العاملة في كافة الأقسام واستقطاب الكفاءات الجديدة منها للانضمام لفريق العمل، كما أننا فخورون بتشكيل المرأة لحوالي 40% من فريق عمل غرفة عمليات الإسعاف الوطني وسنسعى باستمرار لزيادة هذه النسبة في كافة قطاعات عملياتنا.

تمكين

وأضاف: نستلهم دوماً اهتمامنا بالمرأة وتطوير قدراتها وتمكينها لتكون عنصراً فاعلاً في فريق عملنا من توجيهات قيادتنا الرشيدة التي تولي اهتماماً كبيراً بالمرأة.

والدعم اللامحدود من أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية الرئيس الأعلى لمجلس الأمومة والطفولة التي تقود حركة تمكين المرأة في الإمارات لتتبوأ أعلى المراتب المهنية.

Email