غياب شهود النفي وتأجيل القضية إلى 9 فبراير المقبل لسماع الدفاع

متهم قضية التخابر سعى إلى جوازات إيرانية لأقربائه

المستشار القاضي فلاح الهاجري

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشفت النيابة العامة في مرافعتها أمام محكمة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا، أن المتهم في قضية التخابر مع دولة أجنبية كان قد راجع موظفاً في القنصلية الإيرانية، وهو في الأصل ضابط مخابرات للحصول على جوازات سفر إيرانية لأقربائه، وذلك بغرض تقديمها للسلطات المختصة في الدولة للحصول على جوازات سفر إماراتية.

وعقدت المحكمة برئاسة المستشار القاضي فلاح الهاجري، صباح أمس، جلسة لسماع أقوال شهود النفي بناء على طلب محاميي الدفاع في قضية التخابر مع دولة أجنبية، إلا أن شهود النفي لم يحضروا الجلسة للإدلاء بشهادتهم لصالح المتهم. فيما ذكر محامي الدفاع أن الإعلان لم يلق قبولاً لدى الشهود، وطلب من المحكمة إعلانهم فأوضحت أنها لا تمارس أي ضغط على الشاهد، وصرحت بالإعلان نزولاً عند رغبة الدفاع.

والتأمت الجلسة قبيل الواحدة ظهراً وحضرها محاميا الدفاع علي المناعي وعارف الشامسي، وممثلو الصحافة المحلية واثنان من ذوي المتهم - ع. ر- الذي مثل أمام المحكمة التي أجلت الجلسة إلى 9 فبراير.

طلبات المتهم

وتوجه القاضي إلى المتهم يسأله عن طلباته، فأجاب: طلبي يا حضرة القاضي هو إحضار شهود النفي، لأني دخلت إلى القنصلية الإيرانية بعلمهم.

وشرع المتهم في سرد الأنشطة والمهام التي كان يؤديها في نادي ضباط شرطة دبي، فأوضح له القاضي أن كل ذلك مدرج ضمن طبيعة عمله، وسأله مجدداً:

-هل لديك ما تقوله، أم تترك ذلك للدفاع، وإن لم تستطع التحدث باللغة العربية بشكل واضح فلا حرج في ذلك ولتترك ذلك للدفاع.

وسأله القاضي: ما هي طلباتك؟

فأجاب المتهم: ما عندي شي يا حضرة القاضي.

ثم استدرك قائلاً: «أسناني تعورني وأريد زيارة خاصة لعيالي».

فأمر القاضي بتمكينه من علاج أسنانه وزيارة أسرته له في السجن.

مرافعة النيابة

ثم تقدمت النيابة العامة بالمرافعة بعد أن سمحت لها المحكمة بذلك وأكدت أن القضية من الخطورة بمكان، لكنها فضلاً عن خطورة النموذج الإجرامي الذي تجسده تشكل واقعة يندى لها جبين كل مخلص على إطلاق معنى الإخلاص، ويأسى بسبب أحداثها كل أمين على إطلاق معنى الأمانة.

مشيرا إلى توافر الركنين المادي والمعنوي للجريمة موضوع المحاكمة، حيث تعود بدايات الواقعة إلى عام 1999 حين نشأت علاقة المتهم وهو شرطي في مركز شرطة بر دبي بشخص في السفارة الإيرانية عندما كلف من غرفة عمليات الشرطة بالانتقال إلى القنصلية الإيرانية لفحص بلاغ عن شخص إيراني الجنسية يحوز زجاجات بكل منها مادة بترولية وفتيل قابل للاشتعال فتمكن من ضبطه، لذا دعي إلى القنصلية بعدها لتكريمه من قبل المدعو م . أ.ف –الإيراني الجنسية– وهو ضابط مخابرات إيراني يعمل في القنصلية الإيرانية في دبي تحت غطاء دبلوماسي، ظاهره أنه نائب القنصل، وهنا أسفر المتهم عن ضعف نفسه فطلب منه أن يمده ببطاقة خصم تتيح لابنته علاجا مخفض التكلفة في المستشفى الإيراني في دبي.

وعلم ضابط المخابرات استعداد المتهم للأخذ والعطاء فأجابه لطلبه، وأوصى بمنحه البطاقة العلاجية المخفضة التكلفة وأبقاه حتى تحين لحظة الاحتياج إليه.

ولما نقل للعمل في نادي ضباط الشرطة في دبي، وكلف باستخراج تأشيرات زيارة لجمهورية إيران لأقارب مديره تردد على القنصلية مراراً، وهنا برز دور ضابط المخابرات الإيراني ح.هـ.ر والذي يعمل تحت غطاء الموظف المختص بإجراءات استخراج التأشيرات وتوطدت علاقتهما فبدأ الضابط عمله الاستخباراتي دون تردد، لأن المتهم قد كان جاهزاً للتخابر ومؤهلاً لذلك. فسأله الضابط الإيراني عن مدير نادي ضباط شرطة دبي فأجابه المتهم بلا تردد عن اسمي المدير العام والمدير الفرعي، وسأله عن تعيين إيراني الجنسية في شرطة دبي فأجابه وبتفصيل عن تعيين أبناء العاملين من حاملي الجنسية الإيرانية.

كما سأله عن وجود ضباط أتباع المذهب الشيعي في القيادة العامة لشرطة دبي، فأجابه المتهم بأسماء ضباط ورتبهم العسكرية منهم اللواء والعقيد والمقدم، وزاد بمعلومات عن زوجة الأخير وبإمكانية دخول الإيرانيين إلى نادي شرطة دبي بعد الحصول على تصريح بذلك، وأنه لا تفرقة بين السنة والشيعة في شرطة دبي وبعدم إمكانية زواج الإيراني بإماراتية، وتفصيلات عن اختلاف الزي الرسمي لعناصر شرطة دبي بما يشكله ذلك من خطورة، إذ ينم كل زي عن درجة تأهب القوات.

وكشف المتهم عن الرتب الشرطية المسموح لها بدخول نادي ضباط الشرطة لحصر النشاط الاستخباراتي في أصحاب الرتب المسموح لها بالدخول، وبأنه زار إيران مرتين، كما أمده بأسماء وأرقام هواتف العديد من ضباط وأفراد شرطة دبي العاملين في إدارات مختلفة، وكان المتهم يرغب في توطيد علاقته بالضابط الإيراني فاستغل معارفه من العاملين في الشرطة في إعطاء الضابط معلومة باسم مالك سيارة ورقم هاتفه.

ومن خلال علاقته بالضابط الإيراني أوصله الأخير بضابط مخابرات إيراني ثالث هو ح.م.س، حيث طلب منه كتيب بيان أنواع المخالفات وقيمة غراماتها في إمارة دبي فأمده به وبمعلومات عن الضباط المسموح لهم بدخول نادي الشرطة، وأعطاه رقم صديق له يعمل في مرور دبي لينجز ما يطلب منه الإيراني في المرور.

كما راجع موظفاً آخر في القنصلية الإيرانية هو ح.ر. ك ضابط مخابرات إيراني للحصول على جوازات سفر إيرانية لأبناء أخته وزوجها لتقديمها للسلطات المختصة في الدولة للحصول على جوازات سفر إماراتية. لكن ولأن في هذا البلد رجالاً مخلصين، يسهرون على أمنه، ويصونون استقراره وسلامته فقد رصدت أعينهم نشاط المتهم، وتوصلت تحرياتهم إلى أحداث الواقعة وعناصر الجريمة، فاتخذت الإجراءات القانونية لضبطه ولما ضبط عثر في سيارته المأذون بتفتيشها على بيان بأسماء العاملين في شرطة دبي من ضباط وأفراد ورتبهم وأرقام هواتفهم، وأقر بجرمه حين ووجه به.

اعتراف المتهم

وأكدت النيابة في مرافعتها أن أجلى الأدلة على المتهم تتمثل في الاعتراف والإقرار من متهم توافرت له الأهلية الإجرائية عند استجوابه وعن إرادة حرة واعية خالية من العيوب، وجاء مضمون الاعتراف والإقرار محددا واضحا لا لبس فيه ولا غموض. وكذلك البينة (شهادة الشهود)، فقد جاءت شهادة شاهد الإثبات مطابقة لاعترافات المتهم.

وفي معرض حديث النيابة العامة عن القانون في واقعة القضية أشارت إلى أن الأفعال المادية التي تم سردها والأدلة على ثبوتها في حق المتهم ثبوتا قاطعا يتحقق بها ما حدده المشرع الجنائي من أركان تقوم بها وفق صحيح القانون جناية التخابر مع دولة أجنبية وإمدادها بمعلومات عن شرطة دبي وأفرادها التي من شأنها الإضرار بمصالح الدولة الوطنية، والمعاقب عليها بالمادتين 5 و 155/ من قانون العقوبات الاتحادي، فالمتهم ابتداء من القائمين بأعباء السلطة العامة، ويعمل في دائرة حكومية هي شرطة دبي، وقد ارتكب جريمته في زمن السلم وصفة المتهم الوظيفية وزمن ارتكاب الجريمة هما محددان أساسيان لذا وجب التنويه عنهما.

وخلصت النيابة العامة في مرافعتها على تحقق الركن المادي والمعنوي وتوافر قصد جنائي عمدي لدى المتهم، حيث اتجهت إرادته إلى ارتكاب سلوك التخابر، وهو عالم أن سلوكه ينصرف إلى التخابر مع دولة أجنبية أو التعاون مع أحد ممن يعملون لمصلحة هذه الدولة، ومن شأن هذا السلوك أن يترتب عليه إضرار بمركز البلاد الحربي أو السياسي أو الدبلوماسي أو الاقتصادي أو بأمن الدولة أو بأي مصلحة قومية.

Email