في ندوة نظمت بمناسبة ذكرى الإعلان العالمي الـ 64

عبد الغفار حسين: حقوق الإنسان تربية إجتماعية تبدأ من الطفولة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد عبد الغفار حسين رئيس مجلس جمعية الإمارات لحقوق الإنسان، أن وجود هيئة في الإمارات تسمى جمعية حقوق الإنسان، يعد في حد ذاته مكسباً لحقوق الإنسان، ودليلاً على أن هناك تخطيطاً جارياً وسائراً لتوفير حقوق الإنسان في الإمارات، لافتاً إلى أنه ليس مهماً الوقت الذي يأخذه لكي يتحقق، بقدر أهمية توافر النية والإصرار عليها، «ولا نخرج عن الإنصاف لو قلنا إن العزم موجود عند قادة الإمارات، سواء القادة الاتحاديون أو المحليون»، جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها جمعية الإمارات لحقوق الإنسان مساء الأربعاء الماضي، بمناسبة ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الـ 64، تحت عنوان «اليوم العالمي لحقوق الإنسان 2012»، بحضور محمد الحمادي نائب الرئيس، ورؤساء اللجان، وأعضاء الجمعية، والدكتور جمال السميطي مدير عام معهد دبي القضائي، والمستشار زايد الشامسي رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين، وعدد من مسؤولي الجهات الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني بالدولة، والدكتور عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات والدكتور علي قاسم الشعيبي الخبير والمفكر الإعلامي بجامعة عجمان.

وقال عبد الغفار حسين إن نظرية حقوق الإنسان ليست منهجاً يتلقاه الإنسان في مراحل تعليمية معينة، وليست فلسفة نظرية يختص بها شخص معين، أو ينفرد بالادعاء المعرفي بها عالم أو أكاديمي، وإنما حقوق الإنسان ومبادئها تربية اجتماعية تبدأ من الطفولة، التي يعيشها الفرد في بيئته مع أسرته، ثم في مدرسته بالتجارب التي يتلقاها في مسيرة حياته، كما أن هذا الفرد، ما لم يكن مستعداً استعداداً متأصلاً لِيحبَّ للآخر ما يحبه لنفسه، ويعترف في قرارة نفسه أن للآخر حقاً، كما له هو وعشيرته الأقربين، وأن التفريط في هذا الحق، عمل يمجّه الخلُق القويم والحقيقة، وأن الفرد منا ما لم يعش شعور الاعتراف بحق الآخر كحقنفسه، وإلا فإن رصيده في مجال حقوق الإنسان يعتريه الخلل، ويحوم الشك حول جديته.

وأوضح أنه وجد أن معظم المنظّرين الحقوقيين يُسقطون حقوق الإنسان في عنصريها، الرعاية والانتهاك، في أي مجتمع، على وجود الليبرالية السياسية والحرية السياسية في ذلك المجتمع، وعند هؤلاء، أنه بمجرد أن ينال الفرد حقاً سياسياً، يكون قد نال حقوقه، وقال «عندي أن الحرية بشكلها العام مهمة، ومنها الحرية السياسية، ولكن الأهم من الحرية السياسية بمراحل، أن تتوفر لهذا الإنسان عيشة راضية، ويكون في مأمن من آفات الفقر والمرض والجهل، ومن هذه السبل، الضمان الاجتماعي والمسكن والعدالة الاجتماعية».

بين الادعاء والحقيقة

وأضاف: «دلتني التجارب الشخصية، باعتباري أحد المحتكين بجمعيات حقوق الإنسان، هنا وفي أماكن أخرى، أن ليس كل من يدعي المعرفة بمبادئ حقوق الإنسان، ويُنظّر من أجل الظهور بهذه المعرفة، هو مؤمن بتساوي الناس في الحقوق والواجبات، وقد وجدت بعضاً من هؤلاء المنظرين، ما زال يعاني من رواسب التربية الشوفينية والفئوية والقبيلية والطائفية والأدلجة الراديكالية السياسية، ومثل هذه الرواسب تحول بين الفرد وبين التكامل في الإيمان بأن للآخر أيضاً حقوقاً، وأن هذا الآخر إنسان لا يختلف عنه في شيء، وأن التمييز بين الناس بسبب عقائدهم وألوانهم وأشكالهم وانتماءاتهم شيء غير لائق بالكرامة الإنسانية».

وأشار إلى أن كل من يريد أن يفرض على المجتمع الإنساني التعددي، الذي نجده هنا، وفي أي بلد متمدن، معتقداته وآراءه من دينية وفئوية وطائفية، فهو مخطئ، وبينه وبين حقوق الإنسان بُعد، وثقافته في مجال حقوق الإنسان، تحتاج إلى المراجعة والتصحيح، كما في عدد من بلدان عالمنا العربي، وفي بلدان مجاورة، ليست هناك تجربة ناجحة يحتذى بها، تنفع الإنسان وتؤمّن له حياة هنيئة مستقرة، وما سمّي بالربيع العربي، ليس سوى خيال، ومن سمى الوضع بهذا الاسم فهو غير دقيق، حيث إن حقوق الإنسان لا تتحقق على أيدي الفئوية والقوميين الراديكاليين والشوفينيين والمتعصبين، وإنما تتحقق على يد المؤمنين بها، حتى ولو كانوا أفراداً قلائل.

مكسب مهم

من جهته، تناول الدكتور عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات، المحور السياسي تحت عنوان حقوق الإنسان في ظل دستور دولة الإمارات، وقال: إن مجرد وجود مثل هذه الجمعية «جمعية الإمارات لحقوق الإنسان» في الإمارات، يعتبر مكسباً مهماً، مهما كان دورها متواضعاً، فهو في غاية الأهمية، كما أن الجمعية تمر في مرحلتها الأصعب منذ تأسيسها وحتى الآن، خاصة مع وجود موقوفين في الإمارات، ووجود تركيز عالمي على هذه القضية، حيث إنه لا يوجد لدى الإمارات ما تخجل منه أو تخفيه، وسجلها ناصع ومشرف، كما أنه، وفي الاحتفالات باليوم الوطني، شاهدنا كم يعتز ابن الإمارات بالنجاحات التي حققتها الدولة، سواء بالجانب الاقتصادي أو الاجتماعي.

التزام

وأوضح أنه منذ الإعلان العالمي لميثاق حقوق الإنسان عام 1948، أصبحت قضية حقوق الإنسان عالمية، تتخطى الدول والمجتمعات والحضارات، كما أنها خرجت عن سيطرة الدول ومراقبتها، حيث أصبحت الحقوق محط أنظار المنظمات العالمية، كذلك فإن دولة الإمارات، ومنذ تأسيسها، التزمت بكافة المواثيق والإعلانات والاتفاقيات، وعندما أصبحت عضواً بالأمم المتحدة، التزمت بكل التعهدات، منذ ذلك اليوم، لم تعد تعيش في فراغ، وهي اليوم أكثر دولة خليجية، وربما عربية، منفتحة على العالم.

الإعلام والتعريف بالحقوق

واستعرض الدكتور علي قاسم الشعيبي الخبير والمفكر الإعلامي في جامعة عجمان، دور الإعلام في نشر ثقافة حقوق الإنسان، قائلاً: «علينا الاعتراف بأن موقعنا في مجال حقوق الإنسان العربي ضعيف جداً، لأن الفرص الممنوحة للمجتمع المدني، الذي يفترض به أن يملك الميدان العام لبناء الثقافات والمؤسسات، التي تحترم حقوق الإنسان، تكاد تكون معدومة، إلا في ما ندر، كما أن مهمة الإعلام في المجتمع المدني الحر، هي التواصل الحي مع الجمهور، كرقيب ناقد لكل من القوى السياسية والاقتصادية، والسلطات التنفيذية في ممارسة أدوارها، ضمن مسيرة البناء الواعي والمؤثر.

Email