20 حالة عضل شهدتها محاكم دبي العام الماضي

تعنت أولياء الأمور بتزويج بناتهم أسبابه مادية واجتماعية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كشف قسم الإصلاح والتوجيه الأسري في محاكم دبي أن عدد حالات إذن زواج لـعضل الولي (تعنت ولي الأمر في تزويج ابنته) التي استقبلها قسم الإصلاح والتوجيه الأسري في محاكم دبي بلغت العام الماضي ما يقرب 20 حالة، واستطاع المستشارون الأسريون حل معظمها بشكل ودي إما بإقناع الأب بالموافقة، أو إقناع الفتاة أن الخاطب غير مناسب، وإحالة بعض التي لم تتم تسويتها الى المحكمة.

ويرى العلماء والمختصون أن أسباب العضل أو تعنت أولياء الفتاة في تزويجها ممن خطبها إما مادية أو معنوية، كرفع قيمة المهر بشكل مبالغ فيه، أو مطالبة الولي بهدايا شخصية من الخاطب، فيتضرر الزوج ويترك الزيجة فتتضرر الفتاة هي الأخرى ولكن بشكل أكبر، وأما الناحية المعنوية فهي التي ينظر من خلالها إلى نسب الشخص أو وظيفته أو حالته المادية أو قبيلته ومستواه الاجتماعي. ويصف المختصون تعنت الوالد أو الأخ في تزويج وليته بأنه ظلم وقصر نظر في العديد من الحالات، مقدمين عددا من الاقتراحات لحل هذه المشكلة التي تعاني منها بعض الفتيات.

 

المصلحة المستقبلية

بداية قال الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد كبير مفتين ومدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي : ( الولاية التي جعلها الله تعالى بيد الرجال على النساء يقصد منها رعايتهن أحسن رعاية لحاجتهن لذلك بمقتضى ضعفهن وحاجتهن لحامٍ وناصر، وهذا يعني أن الولي يسعى بكل جهده لتحقيق ما فيه مصلحتها الحالية والمستقبلية، ومعلوم أن أكبر مصالح المرأة أن تعيش في كنـف زوج يرعاها ويقوم بشؤونها ويسد حاجتها الفطرية، فإذا لم يقم الولي أباً كان أو أخا أو غيرهما بتزويجها ممن رغب فيها وهو كفء لها وبمهر مثلها، كان عاضلا، أي مانعا حقها ومصلحتها، وقد نهى الله تعالى عن العضل في محكم كتابه.

فقال سبحانه:{ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ }: وبذلك ترتفع عنه الولاية إلى القاضي الشرعي الذي هو ولي من لا ولي له، فيقوم بدور الولي القريب ويزوجها ممن يحقق لها مصلحتها مع كفاءته، فإن لم يكن كفؤا لم يزوجها منه إلا إذا تنازلت عن طلب الكفاءة الحسبية والنسبية والمالية وغيرها، وعندئذ فإن رضاها به ينفي عنها ضررها الذي يمكن أن يلحق بها من فقد كفاءة الزوج) .

وأضاف : ( الشرط الأساسي في تزويج الفتاة أن يكون المتقدم لها مسلما مؤمنا، إذ لا يجوز تزويج المسلمة من غير المسلم اتفاقا لقول الله تعالى:{ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } وقوله : { وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} أما الكفاءة وهي كون الرجل كفؤا للمرأة دينا وحسبا ونسبا ومالا وغير ذي عيب خُلقي، فهي من شرط الكمال وليست من شروط الصحة، وهي محل خلاف بين أهل العلم، و تسقط بالرضا بها من قبل المرأة أو وليها، ومعلوم أن الدين هو أهم خصال الكفاءات لأنه يحفظ للمرأة حقوقها، فإن ذا الدين إن أحب المرأة أكرمها وإن أبغضها لم يهنها.

ولذلك حض النبي صلى الله عليه وسلم عليه، وجعله معيار الاختيار كما روى الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض ، وفساد عريض" كما ندب الرجل إلى اختيار المرأة على هذا الأساس فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين ، تربت يداك).

 

أسباب وجيهة

وعن بعض الأسباب التي يتعلل بها الولي من فقر المتقدم للزواج أو انه من عائلة غير عائلته، قال الدكتور الحداد إن هذه الأسباب قد تكون وجيهة، لما تقدم من طلب الشارع للكفاءة التي تحقق المصلحة للبنت والأولياء، ولكن ذلك ما لم يترتب على الحرص عليها تفويت مصلح شرعية في الزواج أو الوقوع في مفسدة كبرى، وهذا ما حذر منه المصطفى صلى ال لله عليه وسلم كما روى الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض ، وفساد عريض "، فعلى الولي أن يقدر الظروف ويتصرف بما تقتضيه مصلحة من ولاه الله تعالى عليه، ولا تحمله العادات أو القبلية على ترك الواجب الشرعي أو المصلحي).

 

صور وأشكال

وقال الدكتور عارف الشيخ مستشار الأمور الأسرية بمحاكم دبي إن تعنت بعض أولياء أمور البنات أو النساء في تزويجهن يسمى في الشريعة الإسلامية بـ "العضل" مصداقا لقول الله تعالى: "فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ..." آية 232 البقرة، مضيفا إن العضل في اللغة العربية من قولهم: عضل الرجل المرأة يعضلها عضلا، أي منعها التزوج ظلما، وقد ورد العضل في القرآن الكريم في أكثر من آية ، وهو إن كان في النهاية كما يقول ابن قدامة: هو منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه.

وأشار الى أن للعضل صورا وأشكالا مختلفة منها: أن يطلق الرجل زوجته طلقة رجعية، ثم يرغب في العودة إليها بعد انقضاء عدتها وهي ترغب إلا أن ولي أمرها يرفض بحجة جرح الكرامة أو الإهانة. أو أن يضايق الرجل زوجته بضربها أو سبها أو هجرها أو عدم الإنفاق عليها، حتى يجبرها على المخالعة والتنازل عن مؤخر المهر أو الافتداء بمال جديد. وأن يمتنع ولي اليتيمة من تزويجها لغيره، بسبب رغبته هو بنفسه في نكاحها من أجل الاستيلاء على مالها، مضيفا: (أو أن يمتنع ولي المرأة عن تزويجها.

وقد خطبها كفء طمعا في مالها ومهرها، فهو يريد أن يزوجها لمن يدفع أكثر حتى لو كان الخاطب رجلا مسنا والمرأة شابة. وأن لا يزوجها إلا من ابن قبيلتها أو من ابن العم أو ابن الخال فقط، بحجة المحافظة على النسب. أو أن يمنع الأهل المطلقة أو الأرملة من الزواج ثانية، بحجة أنها ينبغي أن تبقى من غير زواج طالما طلقت أو ترملت، فالزواج عندهم مرة واحدة فقط، أو أن يمنع الأهل زواج البنت لإكمال الدراسة أو الدراسات العليا، بحجة أنها لا مستقبل لها من غير دراسة).

وقال الدكتور الشيخ : ( إذن العضل هو حبس المرأة من الاقتران بكفء في كل صوره، وقد حرمه القرآن الكريم والسنة النبوية بنص صريح، قال تعالى: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف". الآية 232 من سورة البقرة، وفي الحديث الشريف: "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض". رواه الترمذي).

وأشار الى أن ظلم الآباء أو بعضهم بلغ درجة أنه يمنع ابنته من الزواج، لأنه في حاجة إلى من يخدمه فيبقيها لخدمته، وهذا نوع آخر من العضل أيضا، والعضل ليس صفة من صفات الأب دائما، فالعاضل قد يكون أبا وقد يكون أخا أو عما أو ابنا، المهم أنه يصدر من ولي أمر المرأة أو من ولي أمر اليتيمة.

الدافع الاجتماعي

وأوضح الدكتور عارف أن العضل يأتي إما لغرض مادي بحت، وإما لدافع اجتماعي لا يقره الشرع، وللبنت أن ترفع أمر زواجها إلى المحكمة، إذا كانت قد رغبت في الزواج من كفء، والولي غير موافق فالمحكمة تستدعيه، ومتى كان رافضا من غير مبرر مقنع زوجتها المحكمة.

وعن الأسباب المانعة للزواج، قال الدكتور عارف الشيخ إن هذه الأسباب تنحصر في الكفاءة الشرعية التي هي الدين والثقافة وتقارب الأسرتين في مستوى السمعة الاجتماعية والانضباط بالأخلاق الإسلامية والسلوك الإسلامي، وأيضا الكفاءات الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية وغيرها كالكفاءة الصحية، والكفاءة العمرية منها إذ قد ترتبط الفتاة برجل في سن والدها أو العكس، وعندئذ لا يتحقق الانسجام والتوافق، وقد أخذ قانون الأحوال الشخصية في الدولة حيث قال في المادة 21 : إذا كان الخاطبان غير متناسبين سنا بأن كانت سن الخاطب ضعف سن المخطوبة فأكثر، فلا يعقد الزواج إلا بموافقة الخاطبين وعلمهما وبعد إذن القاضي، وللقاضي، أن لا يأذن به ما لم تكن مصلحة في هذا الزواج.

وحول الأسباب غير المعقولة، ذكر الدكتور عارف الشيخ أن هذه الأسباب غير المعقولة تكون عادة عندما يكون الأب والأم منفصلين عن بعضهما فيرفض الأب الكثير من الخاطبين بحجة أنهم غير أكفاء، علما بأن السبب الحقيقي هو أنه يريد أن ينتقم من الأم أو من البنت لأنها انحازت إلى الأم، ومن أكثر الحالات للرفض أن يرفض الأب زواج ابنته من الخاطب للونه أو لطائفته فيلجآن إلى المحكمة، والمحكمة تحترم ولاية الولي فلا تزوجها إلا برضاه، إلا إذا رأت أن مفسدة عدم زواجها أكبر، فعندئذ تزوجها بولاية القاضي لأنها اعتبرت مبررات الولي غير شرعية.

وعن العضل في التاريخ ذكر الدكتور الشيخ ان شواهد ذلك كثيرة منها ما حدث في العهد النبوي، فقد روى معقل بن يسار أنه زوج أخته رجلا من المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت عنده ما كانت، ثم طلقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت عدتها، فهواها وهوته، ثم خطبها مع الخطاب، فقال له يا لكع أكرمتك بها وزوجتكها فطلقتها، والله لا ترجع إليك أبدا.

قال فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إليه فأنزل الله "وإذا طلقتم النساء فبلغن اجلهن" الى الآية 231 من سورة البقرة. فلما سمعها معقل قال سمعا لربي وطاعة، ثم دعاه فقال أزوجك واكرمك. فال الترمذي حديث حسن صحيح. حدود الشرع

 

قال الدكتور الحداد: (للولي شرعا أن يرفض من يتقدم لابنته أو أخته إذا لم يكن أهلا لتحمل المسؤولية الأسرية أو كان في زواجه ضرر لا يحتمل، بمقتضى ما يرى من المصلحة التي يبتغيها لابنته أو أخته، ما لم يترتب على ذلك ضرر أكبر، كأن كانت الفتاة ستدخل معه في عيشة غير مرضية أو نحو ذلك، فعند ئذ يرتكب أخف الضررين من مقتضى جلب المصالح ودفع المفاسد).

وأضاف: (أهمس هنا في آذان الأولياء بأن يسعوا بأنفسهم لتزويج الفتيات ممن يرضون من الصلحاء الأسوياء الأتقياء الذين يرعون الأمانات ويحفظون الحرمات ، فإن الفتاة إذا لم توفق بزوج صالح ستكون غصة كبيرة في حياة أهلها، وقد كان كثير من أولياء السلف يسعون بأنفسهم لتحصين الفتيات؛ ليحققوا لهن المصلحة الدينية والدنيوية، أما الأبناء فهم أحرار يختارون لأنفسهم ما يحبون ، ويتحملون مسؤولياتهم بأنفسهم ولا يضر أولياءهم شيئا، إذ الرجل لا يعير بالزواج ممن هي دونه بخلاف العكس) . الإصلاح الأسري يقدم حلولاً ودية

 

قال الدكتور عمر الخطيب مساعد المدير العام لدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي: (إن صور عضل الولي وتعنته في تزويج الفتيات كثيرة في الواقع ولكنها قليلة في المحاكم نظرا لطبيعة المجتمع، فمن الصعب على كثير من الفتيات أن ترفع قضية على والدها أو أخيها وتقف أمامه في المحكمة)، مشيرا إلى أنه كمأذون شرعي ترد إليه حالات كثيرة أو يتلقى اتصالات من شباب وفتيات يشكون عدم موافقة الولي على الزواج، وإن الرفض لا يقف عند الأب بل يتعداه إلى الأخ والابن.

وأضاف إن الإصلاح الأسري في المحاكم يقوم بحلها قدر المستطاع حتى لا تخرج إلى أروقة المحاكم، لافتا إلى ان بعضا من هذه القضايا حل وبعضها تم تجميده والقليل منه يكون أمام القاضي ليقول رأيه في الموضوع.

ورأى الدكتور الخطيب أن أسباب العضل أو التعنت إما ان تكون أسبابا مادية أو أسبابا معنوية، والأسباب المادية تأتي على شكل ارتفاع قيمة المهر أو مطالبة الولي بهدايا شخصية من الخاطب كمبلغ مادي او سيارة، لذا فإن الزوج يتضرر من هذه المسألة ويترك الزيجة فتتضرر الفتاة بشكل كبير، واما من الناحية المعنوية فينظر فيها إلى نسب الشخص أو وظيفته أو حالته المادية أو قبيلته ومستواه الاجتماعي.

 

أسباب مجتمعية

وصف سعيد مبارك المزروعي نائب المدير العام لجمعية بيت الخير تعنت الوالد أو الأخ في تزويج وليته بأنه ظلم وقصر نظر عند بعض أولياء الامور في هذا الجانب، مؤكدا ان معظم اسباب الرفض ليست شرعية بل هي أسباب مجتمعية، وقد دعا الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين بتزويج بناتهن لمن كان على خلق وتدين لأنه بهذا استودعها لدى رجل يكرمها ولن يهنها حتى ولو اختلف معها.

وقال إن بعض الآباء يمنع تزويج ابنته لتكون له ممرضة وتقوم على خدمته لكبر سنهن مما يعرضها لأن تقوم بالزواج أمام القاضي او اللجوء إلى الزواج العرفي هربا منه، داعيا الآباء إلى دعم بناتهن وإعانتهن على اختيار الزوج الصالح، بدلا من تركهن نهبا لكبر السن بين جدران البيت ومن ثم عدم وجود زوج لهن في المستقبل.

وأضاف ان كثيرا من الأخوة يتعنتون في هذه القضية بسبب ان الزوج ليس من مستواهم الاجتماعي لافتا إلى أنه لو فتح الباب لقامت الكثيرات بتقديم شكاوى للقاضي ضد هؤلاء الاخوة المتعنتين.

 

لجنة خاصة

ووصف الدكتور سيف الجابري مدير إدارة البحوث بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي هذا الفعل بالجريمة التي ترتكب بحق الفتيات، مشيرا إلى أن ديننا العظيم امرنا بأن نتحرى ذات الخلق والدين في تزويج فتياتنا، وقال إنه يجب أن تكون هناك وقفة في هذا الموضوع، وخاصة أن الدولة منحت كل السبل للمواطنين والمواطنات من تعليم وغيره ولذا لا يحق للأب أن يظلم بناته لأنه لا يرضي الله ولا رسوله.

واقترح الدكتور الجابري تشكيل لجنة على رأسها أحد المسؤولين الكبار وتضم في عضويتها علماء ومشايخ وتكون حلولها نافذة ومهمتها إتاحة الحرية للفتاة وإعطائها الفرصة لمقابلة أعضاء هذه اللجنة لحل مشكلتها إذا كانت متضررة بالفعل، واستدعاء كل الأطراف لمناقشة القضية ومعرفة لماذا الرفض؟.

وقال إن الفتاة لم تأت إلى الدنيا لتصارع أمورا ليست من الدين في شيء، لافتا إلى أن للمرأة في الإمارات دورا هاما ركزت عليه القيادة الرشيدة، والفتاة التي لم تتزوج هي متضررة نفسيا لحاجتها إلى زوج تعيش في كنفه، كما يحتاج الرجل إلى زوجة، وقال بصفتي أبا لا أرضاه على إحدى بناتي ولا غيرهن، فهذه مشكلة ولابد لها من حل ويجب تفعيل دور المجالس الشعبية للمساعدة في الحل.

وقدم الدكتور سيف الجابري الشكر والتقدير للشيخة أمينة الطاير رئيسة جمعية النهضة النسائية على دور الجمعية في هذا الجانب ووجود استشاريين لحل المشاكل الأسرية.

 

نظرة مادية

من جانبها قالت وداد لوتاه مستشارة أسرية إن هناك العديد من الأسباب التي تدعو إلى تعنت ولي الفتاة في أمر تزويجها وتجعل الخاطب كأنه يدور في دائرة مغلقة ما بين الأب أو الأخ ليأخذ من احدهما موافقة على الزواج بمن أراد، ولكن كلا من الأب أو الابن ينظر كل واحد منهما إلى مصلحته، فهناك من لا يرضى بالتزويج لأن وضع الخاطب الاجتماعي متدن أو أن مستواه المادي ضعيف كموظف حكومي وليس عنده أملاك أو شركات، وهناك من ينظر إلى الطبقة العائلية فلا يتزوجون إلا من خلال العائلة أو القبيلة.

مشيرة إلى أن حالات كثيرة من الفتيات تنظر إلى العريس أو الخاطب نظرة مادية بحتة ولا يفكرن في تدينه أو خلقه، وخاصة بعد اعتمادهن على أنفسهن في العمل أو "البيزنس" والتجارة، وهناك من تقول: لماذا أورط حالي مع زوج موظفي في نفقات على البيت أو على الأولاد في المدارس. موافقة الولي أمر مهم لأنه يسأل ويتحرى عن الخاطب

 

كشف عبد السلام درويش رئيس قسم الإصلاح والتوجيه الأسري بمحاكم دبي إن عدد حالات إذن زواج لعضل الولي التي استقبلها قسم الإصلاح والتوجيه الأسري بمحاكم دبي بلغت العام الماضي قرابة 20 حالة.

وتُعرف حالة "إذن زواج لعضل الولي" بأن الفتاه تريد الزواج ووليها يرُدُّ الخاطب، ومن خلال القسم استطعنا الحل الودي في معظم تلك الحالات حيث انتهت إما بإقناع الأب بالموافقة، أو إقناع الفتاة أن الخاطب غير مناسب، والحالات التي لم يتم فيها التسوية تمت إحالتها للمحكمة.

وقال درويش إن من نعم الله عز وجل علينا أن شرّع لنا من الأحكام والشرائع ما يحقق لنا مصلحة في ديننا ودنيانا، ومن هذه الأحكام ما يخص الزواج، حيث جاء الشارع الحكيم بقواعد تنظم عملية الزواج وذلك بما يحقق استقرار الأسرة وترابط المجتمع، ومن ضمن هذه القواعد هو ضرورة موافقة الولي على زواج موليته.

وأشار إلى أن موافقة الولي أمر مهم جداً في مسألة الزواج بالنسبة للفتاة لأن الولي يسأل ويتحرى عن الخاطب، ويّحكم عقله في اختيار الشخص المناسب لابنته ويحرص أشد الحرص للحصول على المعلومات اللازمة عن الرجل والتزامه وصلاته وكسبه وأصدقائه وكافة المعلومات اللازمة لمعرفة سلوكه وهذا لا يتأتى للفتاة في السؤال عن مثل هذه المسائل.

وأضاف : (إننا نجد أحياناً تعسفاً من قبل بعض الأولياء في استخدام هذا الحق الشرعي وذلك برد جميع الخاطبين دون إبداء أسباب مقنعة، بل أحياناً يرد صاحب الدين والخلق لقلة ماله، ويقبل بسيئ الخلق لحسبه ونسبه، وهذا أمر موجود عند القّلة من أولياء الأمور، لهذا جاء الشارع الحكيم ليعالج هذه المسألة بأن جعل من شروط عقد النكاح موافقة الزوجة.

حيث إن موافقة الولي وحده غير كافٍ لإتمام مراسم الزواج، وتصل إلى المحاكم قضايا ترغب فيها الفتاة رفع قضية على والدها أو وليها لأنه يرد الخاطب دون إبداء الأسباب ومن خلال عملنا في الإصلاح الأسري لاحظنا أن الأسباب التي تدفع ولي الأمر الرفض عدة أمور منها، عدم الكفاءة الاجتماعية، سوء خلق الخاطب وقلة دينه وسوء سمعته، مما يجعل الولي يرفض خوفاً على ابنته التي تتمسك بالخاطب حباً له بسبب سلوكه الظاهر دون النظر إلى بواطن الأمور، وهناك رغبة بعض أولياء الأمور في الاستفادة من راتب البنت مما يجعلهم يرفضون كل خاطب خوفاً من ضياع هذا المال، وبعض العادات والتقاليد الموروثة والتي تقضي بضرورة زواج الأخت الكبيرة أولاً وابن العم لبنت العم وغيرها ساهمت في رفض الكثير من الخاطبين.

ومن هذا المنطلق نجد غالبية الفتيات يصبرن على إجراء الأب أو الولي ويحاولن شخصياً إقناع والدهن لقبول الخاطب، ولكن هناك بعض الفتيات يصعدن الموضوع إلى المحاكم لتشتكي والدها من أنه يردُّ الخطاب ويرفض تزويجها وتريد من المحكمة الإذن بالزواج وهذا ما يسمى في قضايا الأحوال الشخصية بدعوى إذن زواج لعضل الولي.

والأسباب التي تدفع بعض الفتيات لهذا الإجراء عديدة منها، سوء علاقة الأب بابنته، أو وجود علاقة سابقة بين الخاطب والمخطوبة بعيداً عن أعين الوالدين يدفع الفتاة للاستماتة من أجل الزواج من الطرف الآخر فهي على استعداد للذهاب إلى المحكمة لطلب الزواج من الشخص الذي تريده ولو رفض الأهل كلهم هذا الزواج، وكبر سن الفتاة.

وأشار إلى أن هذه الأسباب وغيرها دفعت العديد من الفتيات إلى الوقوف في ساحات القضاة في وجه الآباء لأجل الحصول على حقهن في الزواج ولكن هذا الإجراء له سلبيات كبيرة رأيناها من خلال ملفات التوجيه والإصلاح الأسري ونذكر منها، قطع العلاقة مابين الفتاة وأهلها بالكامل، لأن المجتمع لا يتقبل أن ترفع فتاة شكوى على والدها، وتقف في وجهه أمام المحاكم لأجل شابٍ جاء لخطبتها، وهذا القطع له مشكلات كثيرة.

 

Email