المشاركون في مجلس محمد بن ركاض العامري:

زايد استثمر في الإنسان وحقق السعادة والريادة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد المشاركون في مجلس الشيخ محمد بن ركاض العامري شيخ قبيلة العوامر في مدينة العين، أن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يحتل مكانة متميزة في قلوب وعقول أبناء الإمارات، لما له من مآثر ومناقب وجدانية وقيم أخلاقية وإنسانية ورؤية استراتيجية بعيدة المدى، باتت نهجاً وطنياً في سيرة ومسيرة القائد المؤسس، فهو رجل أعطى بلا حدود للقريب والبعيد، وسخر فكره وإمكاناته لخدمة وإسعاد شعبه، ووضع الإنسان الإماراتي محور تفكيره، حيث كان يؤمن بأن الاستثمار في بناء الإنسان هو الأساس في بناء الأوطان.

واستذكر الشيخ محمد بن ركاض، رحلة التحولات التي شهدتها دولة الإمارات منذ ما قبل تأسيس دولة الاتحاد، وما رافق ذلك من إنجازات تعجز عنها الكلمات، حيث قال: «وسط كثبان رمل الصحراء ولدنا، ومن تمرها أكلنا، وعلى يد شيوخها تعلمنا حب الوطن نحن وأبناؤنا وأحفادنا في سنوات زاخرة بالحكايات والذكريات مليئة بخبرة الحياة بعنائها ونعمائها، تعلمنا الصبر وشظف العيش، ومن ماء آبارها وأفلاجها ارتوينا».

وأضاف: «عندما قدمنا إلى منطقة اليحر في العين، لم يكن في المنطقة حينذاك سوى عشرة منازل من سعف النخيل وبيوت الشعر والخيام التي تتقاذفها الرياح والأمطار والرمال، واليوم باتت من أكبر ضواحي مدينة العين، وكلفني الشيخ زايد، رحمه الله، بمتابعة شؤون أبناء المنطقة، وتلبية متطلبات معيشتهم واستقرارهم، وكانت البداية توزيع المزارع وتربية الإبل، وخصص، رحمه الله، مبالغ مالية شهرية لكل شخص، إضافة لمصروف خاص للمزرعة وأخرى للإبل وكانت الزراعة شغله الشاغل، فهي تعطي للحياة قيمة وتساهم في استقرار الناس في المنطقة».

نقلة نوعية

وتابع: «كانت مدينة العين المكان المفضل، يلجأ إليها الناس للاستظلال تحت أشجار اللومي، هرباً من حرارة الشمس، واشتهرت بوجود أفلاج المياه، والسكن في بيوت من سعف النخيل أو بيوت الشعر، والرحلة بين العين وأبوظبي تستغرق أسبوعاً على ظهور الجمال.

وكان الناس يسافرون في قوافل، ويكفي أن تهب الرياح لتقطع على الناس سبل الطريق، ووحدها النجوم ومعالم الرمل والشمس والقمر كانت ترشدنا، وعندما يحل ضيف على شخص، كان أفراد العشيرة يجتمعون ويتسابقون على ضيافته، ويبقى الكرم من عادتنا النبيلة التي توارثناها أباً عن جد، فالواحد كان لا يملك من مال الدنيا إلا شاة واحدة أو ناقة، يقدمها إلى ضيفه عن طيب خاطر، ولم تعرف أجسادنا أمراض هذا العصر».

أمرهم شورى

وأكد أن شيوخ القبائل كانوا يتخذون قراراتهم بعد مشورة كبار القبيلة وأصحاب الرأي، ولا يصدرون أحكامهم بالسجن على المخطئين، بل يأخذون الحق من المخطئ ويردونه إلى أصحابه، وقال: «نحن جيل محظوظ ولدنا وتربينا وعشنا في عصر زايد، كان يعرف كل واحد منا باسمه واسم قبيلته، يسأل عن أحواله وأحوال أسرته ويلبي طلباتهم، تربينا على القيم والأخلاق السمحة التي باتت سمة من سمات مجتمع الإمارات، نتزوج بمهر قليل، وكنا نذبح ناقة يجتمع عليها كل أفراد القبيلة وأهل العروسين، والناس يساعدون بعضهم وفق العادات والتقاليد السائدة آنذاك، يساهمون لبناء الأسرة الجديدة».

صندوق الزواج

يروي بوسالم: «ذات يوم سمعت عن عرس ذبح فيه 150 قعوداً و300 عنز، ومقدم ومؤخر تجاوزا المليون درهم، ونقلت الخبر للشيخ زايد، رحمه الله، فأصدر تعليماته بتأسيس صندوق الزواج، والتشجيع على إقامة الأعراس الجماعية، وقد أوكلت لي مهمة رئاسة لجنة صندوق الزواج في مدينة العين وما زالت حتى الآن».

وأسهم الصندوق في تغيير السلوك، حيث أصبح المواطن يعي تماماً إيجابيات تخفيض تكاليف الزواج، وبضرورة الفحص الطبي قبل الزواج، واقتناعه بفكرة الأعراس الجماعية، كما أن نسب الطلاق انخفضت، حيث ركز الصندوق على خطورة الطلاق وتأثيره على الأسرة والمجتمع في آنٍ واحد.

وتم إنشاء 8 صالات للأفراح في العين، تشمل كل المناطق، لتكون دعماً ورافداً حقيقياً لهذه الأعراس والتخفيف عن كاهل الشباب.

قيام الاتحاد

ويستذكر أن الشيخ زايد، رحمه الله، كان يحدثهم عن فكرة الاتحاد قبل قيامه، كأنه يراه، وبالصبر والعزيمة استطاع أن يجعل الحلم حقيقة ولن أنسى يوم قيام دولة الإمارات، فسرعان ما تبدل الحال واتحد الناس بفضل الإرادة والعزيمة والعلاقات القوية بين حكام الإمارات، وقبل هذه المحطة التاريخية كان لي شرف القرب من الشيخ زايد، طيب الله ثراه، عندما كان يقيم في منطقة العين، وكنت واحداً من رفاقه في جولاته،، كان دائماً يقول لنا: «نحن سوف نصبح أغنياء، سنكون من أغنى البلاد، سنبني طرقاً وشوارع ومطارات، ستكون بيوتنا حديثة وحياتنا أكثر سهولة».

وتابع: «عاصرت هذا الرجل العظيم، وعرفته زعيماً كريماً وشجاعاً، تعلقت به منذ الصغر، أخذت منه صفات قل أن تتوافر أو تجتمع في شخصية واحدة، تعلمنا منه حب الخير والتفاني في العمل والإخلاص للوطن، ولمست بقربي منه إرادته القوية، وبعد نظره وفطنته السياسية، فإذا فكر في شيء أو توقع شيئاً ظل يتابعه حتى يتحقق وأتذكر ما كان يردده الشيخ زايد «إنكم أعضاء المجلس الاستشاري لا تمثلون أنفسكم فأنتم تمثلون أمة بأكملها، وأنتم آمال هذا الشعب».

حكاية البعير

وتابع: «من أفكار الشيخ زايد التي ساهمت في حل قضايا أبناء القبائل، لجنة المصالحة، والتي تمارس دورها بعيداً عن المحاكم والسجون، ومن أشهر قضايا اللجنة، اختصم رجلان على بعير، أحدهما أعطاه للآخر، وبعد فترة تراجع عن رأيه وطالب بالبعير، وتقدم بشكوى رسمية للمحكمة، ووضع كل منهما محامياً، واستغرقت القضية أكثر من سبع سنوات بين أروقة المحاكم.

وبعد ذلك لجأ المتخاصمان للجنة المصالحة، التي قامت بتسوية القضية خلال يومين، حيث أقر الشخص المانح بملكية البعير للشخص الآخر مقابل تنازل الطرف الثاني عن دعوى تعويض قيمتها خمسة ملايين درهم، وفرح الشيخ زايد بطريقة معالجة القضية».

رؤية وحكمة

خلال المجلس تحدث عدد من أنجال الشيخ محمد بن ركاض وبالإضافة لعدد من أعيان القبيلة مستذكرين الخصال والقيم النبيلة والإنجازات التي تحققت في عهد الشيخ زايد، رحمه الله.

وقال سالم بن محمد بن ركاض،عضو المجلس الوطني الاتحادي، سابقاً، إن المغفور له الشيخ زايد كان صاحب رؤية مستقبلية وحكمة ودراية وخبرة في إدارة شؤون البلاد والعباد، كان محباً للزراعة ويوزع المزارع على الموطنين ويقدم لهم الدعم المادي ويعمل على تسويق منتجاتهم وتكريم المجتهدين منهم.

وأولى التعليم اهتماماً خاصاً من منطلق رؤيته لأهمية التعليم وإعداد الكوادر الوطنية التي باتت تتبوأ مراكز القيادة المتميزة في الدولة وفي كافة التخصصات، وكان طموحه أن يعلم جميع أبناء وبنات الإمارات وهذا ما نراه اليوم، كما اهتم بتأسيس جيش الإمارات للدفاع وحماية المصالح الوطنية، ويبقى توحيد إمارات الدولة في دولة واحدة من أهم وأبرز الإنجازات الوطنية التي تعتبر من أنجح التجارب الوحدوية في المنطقة، حيث أسس دولة عصرية.

رجل الخير

وقال سالم سعيد بن غصنه: «كان لي شرف مرافقة الشيخ زايد، وتعرفت إليه عن قرب، وكان يتمتع بصفات وخصال إنسانية حميدة، إضافة لشخصيته القيادية مذ كان ممثلاً لحاكم أبوظبي في مدينة العين، كان همه إسعاد شعبه، ففي أحد الأيام كنا في قصر البحر، وكان أحد الأشخاص موجوداً وقد حصل على بيت شعبي ويريد أرضاً خاصة، فطلب منه الشيخ زايد أن يجلس إلى جانبه ويستمع إليه.

فروى لنا، رحمه الله، قصة حياته وكيف كان يعيش شظف الحياة في بيوت الشعر وسعف النخيل، واليوم أكرمنا الله بالخير والمال وأصبحنا نسكن بيوتاً حديثة، وأمر بإطلاق مشروع توزيع المساكن الشعبية والأراضي الاستثمارية، ومجلسه كان مدرسة بل جامعة، تجد فيه كافة الفئات والشرائح، مجلس علم وإدارة، وكان رحمه الله خيراً على الجميع وليس على المواطنين فقط وحتى المقيمين، كان ينصحنا بالتسامح والمحبة والتعاون وهذا النهج الذي يسير عليه أبناء الإمارات».

رجل التسامح

وقال محمد سيف بن نعيف إن الشيخ زايد كان رجل أمة بفضل حكمته وخبرته وحبه للخير والعطاء والتسامح، وبحكمته استطاع أن يبني دولة عصرية تضاهي أحدث دول العلم، وأطلقوا عليه حكيم العرب لما يتمتع به من ميزات وقيم إنسانية.

وقال سعيد بن لوتيه العامري: «في أحد الأيام كنا في مجلس الشيخ زايد، جئنا من مدينة العين لأبوظبي وكان الطريق يستغرق أسبوعاً، فقال لنا إن شاء الله سوف نشق طريقاً من العين لأبوظبي تستطيعون الوصول في يوم واحد، ولم نصدق ذلك، واليوم نقطع الطريق بساعة واحدة».

وقال سعيد بالهويميل العامري: «كان الشيخ زايد رجل العطاء والبناء من رجالات عصره المميزين الذين تركوا بصمات، وبنى دولة حديثة، وحقق السعادة لأبناء الإمارات بفضل رعايته وحبه للخير ومساعدة شعبه».

أبناء زايد

وقال حمد بن محمد بن ركاض: «لنا الفخر أننا ولدنا في عصر زايد، وتعلمنا أرقى أنواع التعليم، فأصبح أبناء الإمارات يتخرجون من أرقى الجامعات ويشغلون أرقى الوظائف، وواجبنا أن نكون الأوفياء لنهجه ونسير في ظل رعاية أنجاله الذين حملوا راية الوفاء والبناء والعطاء».

وقال نهيان بن محمد بن ركاض، «إن سيرة ومسيرة الشيخ زايد، رحمه الله، لا تختزل بكلمات فقد باتت نهجاً وطنياً واستراتيجية حافلة بالتجارب والخبرات والرؤى الوطنية تستحق أن تدرس، فهي المسيرة العامرة، فالإنجازات التي تحققت عجزت عنها دول عريقة سبقتنا بمئات السنين، فقد استطاع زايد خلال مرحلة زمنية قصيرة من تحقيق إنجازات وطموحات عززت مكانة ودور دولة الإمارات».

Email