وفاة والده دفعته إلى العسكرية لاستكمال مسيرة أسرة

الشهيد علي مظفر البلوشي الحفيد المدلل في «خزام»

■ الشهيد علي حسين البلوشي اهتم كثيراً بلياقته وأناقته

ت + ت - الحجم الطبيعي

«سأعود للإمارات مساء يوم الجمعة إن شاء الله» كانت آخر كلماته خلال اتصاله الهاتفي مع زوجته قبل ساعات قليلة من انفجار الغدر والخيانة الذي أدى لاستشهاد كوكبة غالية من أبناء دولة الإمارات البواسل في الرابع من سبتمبر 2015 المرابطين دفاعاً عن الشرعية في الأراضي اليمنية الشقيقة.

إنه الشهيد علي حسين علي مظفر البلوشي الذي ولد في السابع عشر من شهر يونيو عام 1986 ليكون أول أبناء العائلة المكونة من ثمانية أشقاء بينهم خمسة ذكور «علي وعيسى وعادل وطالب وطاهر» وثلاث بنات.

الأب العسكري

كانت حياة الأسرة مليئة بالسعادة والفرحة بوصول أول أبنائهم والذي أطلق عليه اسم «علي» تيمناً باسم جده، وفي شقة العائلة بمنطقة الخالدية بأبوظبي أبصر المولود عيونه على زي والده العسكري، حيث كان عمله في القوات المسلحة.

وعندما أتم علي عامه الرابع عادت الأسرة مرة ثانية إلى منطقة خزام في رأس الخيمة مسقط رأس العائلة، حيث استأجر الوالد منزلاً بالقريب من منزل الجد والجدة اللذين احتضنا «علي» رغم أنه لم يكن الحفيد الوحيد إلا أن شيئاً ما ظل يميزه دائماً عن باقي أحفاد العائلة، وكانت أحلامه تكبر معه وتتفرد شخصيته عن باقي الأطفال.

وفاة الوالد

حرص الوالد «حسين» على أن يربي أبناءه على الانضباط بحكم عمله العسكري؛ ولأن الانضباط أسلوب حياة لدى العائلة، حافظ الشهيد على لياقته البدنية منذ نعومة أظفاره، ليلتحق بمدرسة «بلاط الشهداء» حتى أتم تعليمه في الصف الثاني الإعدادي، لتنقلب الدنيا في وجه «علي» بوفاة والده عام 2000.

حيث أكمل عامه الرابع عشر، ما أدى لانصرافه عن التعليم وزهده في الحياة، إلا أنه هم بالوقوف مرة ثانية نظراً لطبيعته التي نشأ عليها من خلال المعاني الكبيرة التي زرعها والده فيه؛ بعدم الاعتراف بالهزيمة.

الموت عند البعض نهاية العالم إلا أن الشهيد «علي» كان له رأي آخر بأن وفاة الوالد سند العائلة، كانت دافعاً للالتحاق بالقوات المسلحة عام 2002، والوقوف إلى جانب والدته في رعاية أشقائه الصغار، لتنتقل الأسرة إلى منزلها الجديد في منطقة «الظيت» برأس الخيمة في العام نفسه.

يوم الجمعة كان له مكانة خاصة عند الشهيد «علي» للالتقاء بجميع أفراد العائلة ومناقشة احتياجات البيت، والجلوس لتناول الطعام، حيث لا تكتمل سعادته إلا بتقديم الهدايا للأطفال، والترفيه عن العائلة بتنظيم الرحلات البحرية والبرية والإشراف بشكل شخصي على إعداد كل شيء للسهرات.

قرار الزواج

يوم 31 من شهر مارس عام 2011 قرر «علي» الزواج حتى يُكوّن عائلته الصغيرة ويستقر، ووقع الاختيار على إحدى بنات العائلة التي وجد فيها شريكة العمر المناسبة، كون عمله يحتاج لزوجة صبورة ومخلصة ومتقبلة لهذه الظروف..

ولم يتمالك «علي» نفسه لحظة تلقيه خبر حمل زوجته بمولود ذكر، فكانت الفرحة تغمره ليرزقهم الله ثمرتهم الأولى «عبدالله» عام 2012، حيث أصر على الحضور يوم الولادة لاستقبال ابنه الذي أخذ حيزاً كبيراً من حياته ولم يترك لحظة إلا وكان في حضنه.

القوة عند «علي» أسلوب حياة وكانت مصدر إلهامه وإخراج طاقته منذ نعومة أظفاره، والتي كان يراها في دراجاته النارية والبحرية، حيث كان يسابق الريح والزمن حتى حقق حلمه بامتلاك سيارته «الكورفت» قبل شهر واحد من استشهاده، وكان شديد الحرص على تناسق جسده..

حيث كان يذهب للصالة الرياضية يومياً، وخلال الأيام الأخيرة كان يأخذ ابنه «عبدالله» على الرغم من صغر سنه، إذ كان حريصاً على اصطحابه إلى كل مكان يذهب إليه ولا يغيب عنه لحظة.

الشهادة

يوم الخميس الذي سبق لحظة استشهاده اتصل «علي» بعائلته كالمعتاد وكانت معنوياته عالية جداً يضحك ويخبر زوجته أنه حصل على إجازة وسيعود بعد ساعات قليلة من مساء يوم الجمعة لتخليص أوراق ابنه «عبدالله» الطبية ليسافر خارج الدولة لزراعة نخاع جديد نتيجة إصاباته بمرض مزمن. لم يعلم علي مصيره وما ينتظره قبيل تجهيز ملابسه للعودة إلى منزل الأسرة..

فجاء انفجار الغدر والخيانة ليسبق استشهاده موعد عودته إلى أرض الوطن، وينضم لكوكبة من الجنود البواسل في الرابع من سبتمبر 2015.. خبر استقبلته العائلة بإيمان وفخر مرفوعة الرأس لنيل بطل من أبنائها الشهادة دفاعاً عن الحق.

Email