صلى الفجر مع رفيقي دربه واستشهدوا

البطل راشد المسافري: اتركوني أنا شهيد..أسعفوا إخواني المصابين

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

«اتركوني أنا شهيد.. أسعفوا إخواني المصابين» كانت آخر كلمات الشهيد راشد محمد مطر المسافري قبل نطق الشهادة ليقدم حياته ضمن كوكبة من الشهداء الذين سجلوا أسماءهم بأحرف من نور في الرابع من سبتمبر 2015؛ بعد أن انتهوا من أداء صلاة الفجر، مقدمين دماءهم الطاهرة ثمناً لنصرة الشعب اليمني الشقيق ضد العصابات الغاشمة والانقلابين ضد الشرعية.

ولد «راشد» في 20 ديسمبر 1989 بين 17 شقيقاً وشقيقة داخل شعبية المسافري ليحمل ملامح والده وقلبه المحب للخير وأسلوبه في التعامل مع الناس خلال مشوار حياته، متأثراً بحياة البداوة.. كان طفلاً هادئاً وصامتاً؛ يراقب بهدوء ويتحدث بالطريقة نفسها؛ كل شيء في ذلك الطفل كان يوحي بأنه سيصبح كاتباً أو شاعراً أو فيلسوفاً.

شخصية قوية

اكتسب من والده حب العلم والعمل، حيث لم يترك والده مجال عمل إلا واشتغل به؛ وتلقى «راشد» تعليمه التربوي داخل روضة «الروابي»، قبل أن ينتقل لمدرسة «الخران» للتعليم الابتدائي ثم مدرستي «موسى بن نصير» للمرحلة الإعدادية و«رأس الخيمة» للتعليم الثانوي.

بدأ ينمو حتى أصبح قوي البنية طويل القامة، تمتعت عيناه ببرود وعنف، وأهم ما يميز شخصيته القوية الإصرار على تحمل الصعاب، ونفسه مكللة بالهيبة والشموخ، واشتهر بروحه الرائعة التي تناقض شكله الخارجي «القوة»، وقد حمل في نفسه كل المشاعر الإنسانية، تمتع بصوت جميل يصدح في مجالس الرجال كما كان يفعل بحضرة والده منذ صغره، وكان شهماً فيه شموخ البداوة وكرمها.

وفاة الأب

مر أسبوع على «راشد» وكأنه دهر.. كانت الدنيا في عينيه أضيق من أن تتسع لمأساته، وكانت الصحراء التي احتضنته وعقارب الزمن عاجزة عن ملاحقة جراحه في فقدانه والده «محمد» عام 2003، أحس خلالها بأنه كبر عشرين عاماً رغم أنه لم يبلغ الأربعة عشر ربيعاً.. لم يعد يشعر للدنيا طعماً، لقد زهد في كل شيء، وكل من شاهده آنذاك أكد أن «راشد» كانت روحه تعتصر ألماً على فراق والده، ليكمل مشوار طفولته وشبابه يتيماً.

من هنا كانت نقطة التحول في حياة كاملة لشخص عاش حياة هادئة مستقرة، مترعة بالحب والحنان، رغم ترتيبه الخامس بين أشقائه الذكور أكبرهم مطر ثم راشد وجمال وسعيد وهزيم وسالم، إلى جانب شقيقاته العشر؛ حمل خلالها مسؤولية أسرته الكبيرة إلى جانب شقيقه الأكبر «مطر».

مزرعة العائلة

عشق العمل في أرض أجداده التي ورثها أباً عن جد، كان يقضي الجزء الأكبر من يومه بين ربوع مزرعة العائلة، أحب الأرض وعمل لها؛ لكنه لم يستطب هذه الحياة دون تحقيق حلمه وعشقه للعسكرية وتلبية نداء الوطن قد لاحقه حتى ألتحق بها في عام 2007، وكادت أن تنسيه معالم شعبيته الراسية في رأس الخيمة وهي تشع أنوارها وقد أضاءت جنباتها التي جعلتها تبدو كعروس في ليل عرسها.

آمن «راشد» أن العمل هو العمود الفقري لنفسه، بيد أن حياته الشخصية تطوى أمام محطة أخرى، عندما قرر الزواج أخيراً في عام 2014 من ابنة الجيران، لتعم الفرحة والبهجة منزل العائلة، كان يوم العرس يوماً مشهوداً.. اجتمع فيه الأهل والأصدقاء؛ وكان الكل سعيداً وأكثرهم سعادة «راشد»، لتنجب له زوجته ابنهم الوحيدة «محمد» على اسم والده؛ حيث كان يأمل أن يحمل طفله صفات جده.

الوداع الأخير

وقبل مغادرته استجابة لنداء الواجب الوطني؛ طلب من أشقائه الحضور لوداعه كما طلب من شقيقته الأكبر والتي تسبقه بعام واحد إحضار أطفالها حمدان وعائشة وسيف الذين يحمل لهم حباً خاصاً لرؤيتهم قبل السفر لتتجمع الأسرة كلها داخل منزل العائلة غير مدركين أنه الوداع الأخير.

Email